لماذا ترفض اليونان مذكرات التعاون بين دبيبة وتركيا حول نفط ليبيا؟

0
291

يعد الموقف المصري اليوناني أكثر المواقف الدولية وضوحاً تجاه التحركات التركية في ليبيا، وهو ما ظهر جلياً في رفض مذكرة التفاهم التي وقعتها حكومة الوحدة المنتهية ولايتها مع أنقرة بشأن الغاز والنفط في البحر المتوسط.


أمس، أكد وزير الخارجية اليوناني نيكوس ديندياس، أن حكومة الوحدة الليبية برئاسة عبد الحميد دبيبة لا يحق لها توقيع أي اتفاقيات دولية تهدد الاستقرار الإقليمي، وتؤثر على علاقتها مع دول الجوار، وأنها لا تمثل الشعب الليبي.

وأضاف خلال مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره المصري سامح شكري، بعد جلسة مباحثات جمعتهما في القاهرة، أن حكومة الوحدة منتهية الولاية منذ فترة طويلة ولا يجوز لها أن توقع أي اتفاقات تخص الدولة الليبية وعلاقاتها الخارجية أو أي التزامات خاصة بمستقبل البلاد.

وشدد ديندياس على أن تركيا تمارس ضغوطات على القوى الفاعلة في ليبيا، مشيراً إلى الاتفاقية البحرية التي تتيح التنقيب عن النفط والغاز في مناطق متنازع عليها بالبحر الأبيض المتوسط، والتي تم توقيعها بين الطرفين عام 2019 والذي تم شطبها عالميا باعتبارها غير صالحة ولم يتم الموافقة عليها من البرلمان الليبي.

وبحسب الوزير، فإن الإطراف الليبية ودول الاتحاد الاوربي يشجبون مخططات تركيا في ليبيا.. ولا ندعي أي شي لا ينتمي إلينا ونحترم القوانين الدولية ولا نتخذ إجراءات عدائية، وأن مصر واليونان يسعيان إلى مساعدة ليبيا لتكون دولة مستقرة.

وتترقب آثينا تحركات أنقرة في منطقة البحر المتوسط، والتي لا تخرج عن 3 سيناريوهات، تعزز هوة الخلاف بين أنقرة واليونان، حيث تسعى الأولى لفتح منطقة خلاف جديدة مع الثانية، وهو أمر ستكون له تداعيات كثيرة على المنطقة.

ووفق مراقبون، فإن هناك سيناريوهات متعددة للتصعيد، في ظل عزم تركيا تعزيز وجودها في المنطقة الضعيفة لليونان، وفق ثلاثة سيناريوهات متوقعة، الأول هو أن تعمل سفن الحفر التركية في خليج السدرة قرب السواحل الليبية، دون التعدي على المنطقة الاقتصادية اليونانية الحصرية المطالب بها أو المحددة.

وقال الأستاذ المساعد في قسم الدراسات الدفاعية في كلية كينغز كوليدج لندن، إيمانويل كاراجيانيس لجريدة “اكثيمريني” اليونانية، إن سفن الحفر التركي أو سفن المسح الزلزالي لن تقترب من جزيرة كريت، عند مستوى مقبول ويمنع التصعيد إلى أزمة عسكرية.

لكن هناك تخوفات يونانية من سيناريوهات أكثر تصعيداً، في حال أرادت أنقرة تحدي أثينا جنوب جزيرة كريت، لكن المنطقة الاقتصادية المصرية اليونانية ستحول ضد ذلك، لكن من الممكن أن تقرر أنقرة إرسال سفينة حفر إلى المنطقة بمرافقة سفينة حربية من أجل فرض أحكام ما يسمى بمذكرة ترسيم الحدود البحرية مع ليبيا، وفق الباحث البريطاني.

ودعا مسؤولون ومراقبون يونانيون إلى ضروة العمل على كافة السيناريوهات المتعلقة بالتهديد الصادر عن تركيا، سواء بالوسائل العسكرية أو بقوة الإرادة السياسية لاستخدام القوة العسكرية إذا لزم الأمر، وكذلك تحشيد المجتمع الدولي.

وعكفت تركيا على مدار سنوات لفرض تواجدها في منطقة البحر المتوسط من خلال فرض نقطة تواجد لها في ليبيا، وذلك بسبب ما شهدته السنوات الماضية من اكتشافات نفطية في المنطقة الاقتصادية المصرية اليونانية.

كذلك عززت دوافع أردوغان للمطالبة بمزيد من السيادة على المناطق البحرية المقابلة لسواحل تركيا، التي تقع فيها جزر يونانية، فبموجب لوزان تم حصر الحدود البحرية لتركيا في 3 أميال فقط ومنحت معظم الجزر لليونان، وهو الأمر الذي يجعل الدولتين في خلاف متصاعد.

وبموجب اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار (UNCLOS) لعام 1982، تستحوذ الجزر على مناطق اقتصادية خالصة وجرفاً قارياً خاصاً بها مستقلاً عن البر الرئيس، مما يعني توسيع المياه اليونانية لتلتف حول الساحل الجنوبي لتركيا قبالة جزيرة كاستيلوريزو اليونانية.

ولعبت اكتشافات الغاز دوراً بارزاً في تعزيز الصدام، إذ يمثل الاحتلال التركي للشطر الشمالي من قبرص والتواجد في غرب ليبيا، ثغرة لمساعي أنقرة لاقتناص حصة من غاز شرق المتوسط.

بدأت دول إقليمية بارزة مباحثات مشتركة لدراسة اتخاذ الإجراءات اللازمة لحفظ حقوقها التي تتعدى عليها الاتفاقية بين طرابلس وأنقرة من وجهة نظرها، في مقدمتها مصر واليونان ومالطا وإيطاليا.

عبرت حكومة الوحدة عن تمسكها بالاتفاقية الموقعة مع نظيرتها التركية، بل اتخذت خطوات لتعزيزها باتفاقيات في مجالات أخرى، كشف عنها وزير الاقتصاد والتجارة الليبي محمد الحويج من إسطنبول، والتي رافقه فيها وفد اقتصادي بارز على رأسه محافظ مصرف ليبيا المركزي الصديق الكبير، ضمن مشاركته في فعاليات (الملتقى الاقتصادي التركي العربي)، بعد أيام من توقيعه مذكرة التفاهم المثيرة للجدل مع تركيا.

وتسعى أنقرة لاستغلال أي فرصة لتحقيق وجود لها في ليبيا والاستحواذ على الثروات اللنفطية، بالمخالفة للقانون الدولي، مقابل دعم بقاء حكومة عبد الحميد دبيبة، التي لم ترفض اتفاقية ترسيم الحدود البحرية وطالبت الأمم المتحدة بإقرارها ووقعت اتفاقية بالمخالفة لخارطة الطريق التي انتهت في يونيو الماضي.