ليبيا “شديدة الفساد”.. مؤسسات متهالكة وتصنيف كالعادة متأخر

0
305

لم يعد جديداً أن تأتي ليبيا في المراكز العشر الأخيرة في المؤشرات العالمية، فمنذ أن تهالكت مؤسسات الدولة في 2011، لم تقم لها قائمة مجدداً، بل انقسمت، وصارت مواطن فساد لا ينتهي.

وفي أحد مؤشر لمنظمة الشفافية العالمية، حلت ليبيا في المرتبة 170 من بين 180 دولة، مرتفعة مرتبة واحدة عن العام 2022، متأخرة بذلك عن السودان وتشاد وأفغانستان التي جاءت في المرتبة 162، بينما العراق في المرتبة 154، والصومال وفنزويلا وسوريا وجنوب السودان واليمن في المراكز الأخيرة على المؤشر.

وقالت منظمة الشفافية، إن معظم دول العالم لم تحقق تقدما يذكر في معالجة الفساد بالقطاع العام، بينما يشهد العالم تراجعا في أداء نُظم العدالة، كما سجّلت الدول التي حصلت على أدنى الدرجات على المؤشر درجاتٍ منخفضة جدا على مؤشر مُدرَكات الفساد، مما يُظهر وجود صلة واضحة بين الوصول إلى العدالة والفساد.

ويصنّف مؤشر مُدرَكات الفساد 180 بلدا وإقليما من خلال المستويات المُدرَكة لفساد القطاع العام لديها على مقياسٍ من صفر “شديد الفساد” إلى 100 “شديد النزاهة”.

ويعني تصنيف ليبيا الأخير أنها واحدة من أكثر الدول فساداً في العالم، حيث تتنوع أشكاله وغالبيا في الجهاز الإداري للدولة، وهو ما أظهرته وقائع فساد كشفتها النيابة العامة في 2023، وتقارير ديوان المحاسبة.

من بين الوقائع، كانت واقعة إهدار للمال العام، والتي كشف عنها ديوان المحاسبة الليبي، حول موافقة رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبدالحميد دبيبة على شراء سيارات للوزراء ووكلاء الوزارات وديوان رئاسة الوزراء بـ40.5 مليون دينار خلال العام 2022.

ورصد الديوان موافقته على تمليك 27 سيارة حديثة لوزراء حكومته عقب شرائها مباشرة بالمخالفة للتشريعات والقوانين التي تنظم شراء واستعمال السيارات المملوكة للدولة. وأشار الديون إلى تغطية شراء السيارات من مخصصات التنمية في الباب الثالث، والمُرحَّلة من السنة المالية 2021 بشكل مخالف للقانون.

كارثة درنة كشفت أيضاً وقائع فساد، حيث أظهرت إهمالا حكوميا وإدارياً قادا إلى انهيار سدي المدينة، حيث بدأت محكمة درنة الابتدائية محاكمة 16 مسؤولا عن كارثة الفيضانات المدمّرة التي ضربت المدينة في سبتمبر الماضي، وأودت بحياة آلاف الأشخاص، ودمّرت البنية التحتية.

وقررت النيابة العامة، في سبتمبر، رفع الدعوى الجنائية في مواجهة المسؤولين الـ16 عن حادثة فيضان درنة، معظمهم في إدارة الموارد المائية والسدود، ومن بينهم رئيس صندوق إعمارها، وشملت لائحة الاتهامات إساءة إدارة المهام الإدارية والمالية.

ومن بين الوقائع، كانت محاولة تهريب 8500 كيلوغرام من الذهب عبر مطار مصراتة، والتي كشفتها تسجيلات تداولها رواد مواقع التواصل الاجتماعي بشأن مكالمات بين كل من رئيس جمرك مطار مصراتة، العميد فتحي مخلوف، والقيادي في قوة العمليات المشتركة، أبوالقاسم الصمدي، تشير إلى تورط الطرفين في واقعة التهريب، والتنسيق فيما بينهما في ترتيب عمليات التهريب، وتواطؤ هيئة الرقابة الإدارية فيما يتعلق بالواقعة.

وكانت على رأس قائمة الفساد، المصارف الليبية، وآخرها الأربعاء الماضي، حيث أعلن النائب العام الليبي عن تحريك دعوى الجنائية ضد مسؤولين شرعوا في الاستيلاء على 25 مليون دينار من أموال المصرف التجاري الوطني..

وأضاف المكتب الإعلامي أن التحقيقات أثبتت واقع انخراطهم في جماعة منظمة صمم أفرادها مخططاً ييسر لهم النفاذ إلى قاعدة بيانات المصرف التجاري الوطني، فتزوير بيانات حسابات مصرفية، بإدراج أرقام تفوق حقيقة الأرصدة الدائنة؛ ثم إجراء تحويلات مالية بقيمة 25 مليون دينار، مشيراً إلى أنه تم إيقاف تلك العملية بسبب اكتشاف أمرهم.

 كذلك كشف عن وقائع اختلاس وسرقة في كافة المدن والمناطق الليبية، ففي نهاية العام 2023، وتحديدا في ديسمبر، تزايدت أعداد قضايا الفساد المصرفي، إذ قرر النائب العام حبس رئيس مجلس إدارة ومدير عام سابقين ومسؤول الفرع الرئيس لمصرف الإجماع العربي بتهمة الفساد المالي، وكذلك مسؤول الحسابات الجارية في فرع مصرف الجمهورية – جنزور الشرقي بتهمة تحصيل 1.3 مليون دينار عبر تزوير بيانات صرف رواتب.

كما تقرر حبس مدير فرع المصرف الريفي في طرابلس بتهمة تسهيل الاستيلاء على مليون و300 ألف يورو. كما تقرر حبس مسؤول الخزانة في فرع مصرف الجمهورية بعين زارة بتهمة خصم 296 ألفاً و500 دينار بناء على استعمال صكوك مصرفية نسبت زورا إلى أحد عملاء المصرف، ثم تعمد إخفاء تلك الصكوك بغية تعقيد تتبع الإجراءات المتعلقة بها.

وفي أكتوبر ونوفمبر الماضيين، أصدرت محكمة جنايات طرابلس حكمين، أحدهما بالسجن عشر سنوات لمسؤول قسم الحسابات الجارية في فرع مصرف الوحدة – المعمورة بالزاوية بتهمة إساءة استخدام سلطته، وتزوير وثائق مالية. كما أصدرت المحكمة نفسها حكما آخر بسجن مسؤولين في مصرف الجمهورية – فرع بالأشهر في تاجوراء، لمدد تتراوح ما بين سنة و30 شهراً، بتهمة اختلاس أكثر من 1.8 مليون دينار من حساب أحد عملاء المصرف.

ولم يكن قطاع النفط ببعيد، حيث تقرر حبس رئيس مجلس إدارة شركة أكاكوس للخدمات النفطية احتياطيا في مارس الماضي بتهمة الفساد، وكذلك رئيس لجنة إدارة شركة مبروك للعمليات النفطية بسبب تعاقده مع شركة أجنبية على الرغم من انتفاء الحاجة إلى التعاقد.

وفي يناير الماضي، تقرر حبس مسؤول الإدارة العامة للتسويق الدولي بالمؤسسة الوطنية للنفط، ومدير الإدارة العامة للتزويد والنقل البحري بشركة البريقة لتسويق النفط على ذمة التحقيقات في وقائع توريدهما كميات من الوقود غير مطابقة للمواصفات القياسية الليبية، كذلك تقرر حبس مدير تنفيذي سابق بشركة خدمات الطرق السريعة للخدمات النفطية في طرابلس احتياطيا على ذمة وقائع اختلاس منقولات مملوكة للشركة تبلغ قيمتها 250 ألف دينار.