فساد بالجملة.. من يتحمل فاتورة كارثة إعصار درنة؟

0
316

من يتحمل فاتورة كارثة إعصار درنة؟.. يظل السؤال مطروحاً على الساحة الليبية بعد أن أثبتت تحقيقات النيابة العامة وديوان المحاسبة عن وجود فساد تسبب في انهيار سدي درنة. 

ورغم أن النيابة العامة، قررت حبس 16 مسؤولاً احتياطياً في إطار تحقيقاتها بشأن انهيار سدي درنة إثر الفيضانات والسيول التي ضربت المدينة جراء الإعصار “دانيال” في العاشر من سبتمبر الجاري، إلا أن الليبيين يرون وجود أطراف أخرى عليها دفع فاتورة الفساد المتلاحق على مدار 12 عاماً. 

لائحة اتهام النيابة رئيس هيئة الموارد المائية السابق وخَلَفُه؛ ومدير إدارة السدود؛ وسَلَفُه ورئيس قسم تنفيذ مشروعات السدود والصيانة ورئيس قسم السدود بالمنطقة الشرقية ورئيس مكتب الموارد المائية درنة وعميد المجلس البلدي درنة.

ودققت لجنة التحقيق في فيضان مدينة درنة، المشكلة من مكتب النائب العام، الإجراءات الإدارية والمالية المتعلقة بالعقد المبرم بين الهيئة العامة للمياه وشركة “أرسيل” التركية للإنشاءات لغرض تأهيل السديْن؛ واتضح لها أن مسؤولي إدارة الهيئة في العام 2014 اتخذوا قرارات بسداد مبالغ مالية لفائدة الشركة المتعاقد معها، رغم عدم تناسب المبالغ المدفوعة مع الأعمال المنجزة؛ وثبوت إخلالها بالتزامات العقد.

وقالت النيابة إن المسؤولين بهيئة المياه، خلال استجواب، تم الأحد، لم يأتوا بما يدفع عنهم مسؤولية إساءة إدارة المهمات الإدارية والمالية المنوطة بهم، وإسهام أخطائهم في وقوع كارثة فقد ضحايا الفيضان وإهمالهم اتخاذ وسائل الحيطة من الكوارث وتسببهم في خسائر اقتصادية لحقت البلاد”.

كما اضطلعت لجنة التحقيق ببحث عدالة إدارة الأموال المخصَّصة لإعادة إعمار درنة؛ وتعيين مدى إخلال مكونات السلطة المحلية بواجب درء المخاطر المحيطة بسكان المدينة؛ فأجرت اللجنة ما يلزم البحث الجنائي كفحص المستندات والوثائق؛ وتدقيق بيانات الحسابات المصرفية؛ وتتبُّع التحويلات المالية التي تعكسها؛ ودراسة تقارير الخبراء؛ وسماع الشهود.

ولم يستطع عميد المجلس البلدي درنة دفع عنه واقع إساءة استعمال سلطة وظيفته وانحرافه عن موجبات ولاية إدارة الأموال المخصصة لإعادة إعمار مدينة درنة، وتنميتها. 

وأعلن عميد البلدية، عبدالمنعم الغيثي، في استعداده للخضوع للمساءلة، بعدما أحرق عدد من سكان درنة الغاضبين منزله الأسبوع الماضي، خلال تظاهرات خرجت للمطالبة بمحاسبة المسؤولين المقصرين، الذين تقاعسوا عن صيانة سدي وادي درنة وأبو منصور اللذين انهارا، إثر السيول الجارفة، ما فاقم أعداد الضحايا.

كما أكد في مقابلة تلفزيونية سابقة أن الكارثة كانت أكبر من إمكانيات البلدية، مؤكداً على أن الحكومة هي المسؤولة عن ضمان سلامة السدود، ما يفتح الباب حول وجود أطراف أخرى تتحمل المسؤولية وليس مجرد “كبش فداء”.

وسبق وأرسل رئيس ديوان المحاسبة تقريرا إلى النائب العام بشأن تعثر أعمال صيانة سدي درنة وأبو منصور، وأوصى بالتحقيق مع المسؤولين عن عدم استكمالها رغم توفر البيئة الملائمة والأموال اللازمة.

وحاولت الحكومة الليبية المكلفةاحتواء غضب الشارع، يأن أقال أسامة حماد، المجلس البلدي في درنة بالكامل وأحاله للتحقيق. 

وكان أول ما انهار جراء الكارثة سد أبو منصور الواقع على بعد 13 كيلومترا من درنة، ويحوي خزانه 22,5 مليون متر مكعب (حوالي 800 مليون قدم مكعبة) من المياه، ثم حطمت الفيضانات السد الثاني الذي تبلغ سعته 1,5 مليون متر مكعب ويقع على بعد كيلومتر واحد فقط من المدينة الساحلية. واجتاحت السيول المحملة بالحطام الوادي الجاف الذي يفصل شطري المدينة، جارفة عائلات بأكملها إلى البحر.

وزير الداخلية في الحكومة المكلفة من البرلمان، عصام أبو زريبة، قال إن المزيد من المسؤولين سيخضعون خلال الأيام القليلة القادمة للتحقيق بشأن انهيار سدي درنة. 

وأضاف أنه “لن يتم استثناء أي جهة من التحقيقات الجارية. حتى لو كانت جهات رقابية هي المتهمة بالتقصير، فسيتم التحقيق معها إذا ثبتت مسؤوليتها”، لافتاً إلى أن التعاقد على صيانة السدين في وقت سابق يعني أنهما كانا متهالكين، لكن الجهات المعنية لم تتخذ الإجراءات المطلوبة للصيانة أو حتى للتنبيه باحتمال انهيارهما، موضحاً: “كانت هناك عقود لصيانة السدين ومرصود لها مبالغ مالية منذ عام 2011″، وتم التقاعس عن تنفيذ هذه التعاقدات، ما ضاعف من الكارثة الإنسانية التي خلفها الإعصار دانيال. 

شبهات الفساد لم تقتصر على أسباب الكارثة، بل وصل الأمر إلى توريد أدوية ومعدات طبية بعد صفقات بالأمر المباضر وانتهاز الأحداث. 

وأوقف جهاز الأمن الداخلي بطرابلس مدير مكتب رئيس مجلس إدارة المؤسسة الوطنية للنفط، بعد ورود معلومات بشأن قضية فساد تتعلق بتوريد أدوية ومعدات طبية مخصصة لمتضرري كارثة انهيار سدي درنة، حيث استغل موقعه لإصدار تكليفات مباشرة لشركتين خاصتين بشأن توريد أدوية ومعدات طبية مخصصة للمتضررين من انهيار سدي درنة، كما جرى إيقاف مدير إحدى الشركتين.

واليوم أعلن الناطق الرسمي باسم الجيش الوطني، اللواء أحمد المسماري، ارتفاع عدد ضحايا العاصفة دانيال في ليبيا إلى 4029 حالة وفاة.

وحسب الإحصائية المنشورة على صفحة المسماري، في موقع فيسبوك، إنه تم انتشال 697 جثمانا في المدينة خلال الفترة من 18 إلى 24 سبتمبر الجاري. 

وأظهرت الإحصائية دفن 647 جثة في مقبرة مرتوبة، بينما دفنت 50 جثة أخرى في مقبرة الظهر الحمر.