باتيلي: غياب السيطرة على الأمن بغرب ليبيا يهدد إجراء الانتخابات

0
3271
رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا عبد الله باتيلي
رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا عبد الله باتيلي

قدم رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا عبد الله باتيلي، اليوم الثلاثاء، إحاطته الدورية أمام مجلس الأمن الدولي حول تطورات الأوضاع في ليبيا.

وقال باتيلي، في إحاطته، إنه واصل منذ آخر إحاطة له، عمله المكثف مع الأطراف الليبية الرئيسية لتحقيق ثلاثة أهداف أساسية: أولها إقناع مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة بالنظر في المقترحات المقدمة من قبل المفوضية الوطنية العليا للانتخابات وسواها من الأطراف الليبية، وبعثة الأمم المتحدة في ليبيا، بهدف معالجة الثغرات القانونية وأوجه القصور الفنية في مشاريع قوانين الانتخابات التي أعدتها لجنة (6+6) المشكلة من قبل المجلسين.

وأضاف أن الهدف الثاني هو البحث في إمكانية عقد اجتماع مباشر بين الأطراف المعنية الرئيسية أو ممثليهم بهدف التوصل إلى اتفاق سياسي بشأن القضايا الرئيسية الأربع المختلف بشأنها سياسيا والتي أوضحها لمجلس الأمن خلال إحاطته الأخيرة، أما الهدف الثالث فيكمن في إدامة الحوار بين الجهات الأمنية والعسكرية لتهيئة بيئة أمنية تمكّن من إحراز تقدم في الانتخابات وتحقيق استقرار مستدام في البلاد.

وأشار إلى أنه وبالإضافة إلى حواراته مع الفاعلين الرئيسيين، واصل التشاور مع الليبيين من جميع المشارب، بما في ذلك الأحزاب السياسية والمنظمات الشبابية والنسائية والمنظمات المهنية، مثل نقابة المحامين.

كما واصل زياراته عبر أنحاء ليبيا، ومثلما حدث في الماضي مع سبها ومصراتة والزنتان، أجرى زيارة إلى مدينة الزاوية في 8 أغسطس تبادلت فيها الآراء مع شخصيات سياسية وقيادات مجتمعية وممثلي المجتمع المدني وجهات أمنية فضلا عن أعضاء الوسط الأكاديمي وجهات فاعلة محلية أخرى. وكمثيلاتها من الزيارات السابقة، بنى هذه الزيارة أن الشعب الليبي يريد إنهاء الترتيبات المؤقتة المتعاقبة وتنتابه رغبة قوية في وجود قيادة منتخبة وشرعية لإدارة شؤون البلاد.

وحول القوانين الانتخابية وسبل المضي قدماً، كثف مشاوراته مع رئيس المجلس الرئاسي ورئيس وزراء حكومة الوحدة الوطنية ورئيسي مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة وقائد الجيش الوطني الليبي، وأطلعهم على مقترحات مكتوبة حول كيفية معالجة أوجه القصور الفنية والجوانب موضع الخلاف في مسودة القوانين الانتخابية.

كما وجّه رئيس المفوضية الوطنية العليا للانتخابات رسالة خطية مفصلة الى رئاستي المجلسين حدد فيها سبل معالجة الثغرات القانونية وأوجه القصور الفنية في مسودة القوانين، بالإضافة إلى ذلك، أطلعه قائد الجيش الوطني الليبي، المشير خليفة حفتر، في رسالة خطية على بواعث قلقه بشأن مسودة القوانين الانتخابية، تماما كما فعل رئيس مجلس النواب، عقيلة صالح.

وذكر أن جميع القادة الليبيين اتفقوا من حيث المبدأ على تعديل هذه المسودة. مشيراً إلى أن رئيس المجلس الرئاسي أبلغه باعتزامه عقد اجتماع بين رئيسي المجلسين لصقل مسودتي القوانين الانتخابية في ضوء ملاحظات الأطراف الرئيسية، داعياً المجلسين ولجنة (6+6) على استئناف عملها ووضع الصيغة النهائية للقوانين الانتخابية لجعلها قابلة للتنفيذ.

وتابع: لقد تكثفت جهودنا لتيسير التوصل إلى تسوية بشأن القضايا موضع الخلاف السياسي بين الأطراف الرئيسية في ليبيا. وأعمل الآن بشكل مشترك مع رئيس المجلس الرئاسي، محمد المنفي، لبحث إمكانية عقد مفاوضات مشتركة، يقودها الليبيون وتُيسرها بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، بين القيادات السياسية والمؤسسية الرئيسية في ليبيا. وفي موازاة ذلك، طرحتُ الموضوع مع رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، ورئيس المجلس الأعلى للدولة آنذاك خالد المشري، ورئيس الوزراء عبد الحميد دبيبة، وقائد الجيش الوطني الليبي خليفة حفتر.

ولفت إلى أنه وعلى الرغم من استمرار الاعتراض الشديد على عقد اجتماع مباشر من جانب بعض الأطراف الفاعلة التي ترغب في الإبقاء على الوضع القائم، إلا أنه تم اتخاذ خطوات في هذا الاتجاه. وفي هذا الصدد، أبلغه رئيس المجلس الرئاسي، محمد المنفي، قبل ثلاثة أيام باجتماعه في بنغازي مع رئيس مجلس النواب عقيلة صالح وقائد الجيش الوطني الليبي خليفة حفتر، لبحث إمكانية تحقيق تقدم ملموس على المسار السياسي. داعياً الأطراف المؤسسية الرئيسية في ليبيا على الاجتماع والاتفاق بشأن القضايا موضع الخلاف السياسي والمتعلقة بالانتخابات.

وأكد على ضرورة حل جميع القضايا المتعلقة بالانتخابات من خلال المناقشات وتقديم تنازلات من قبل جميع الأطراف ذات الصلة. والابتعاد بأي ثمن عن أية خطوات أحادية إذا ما أردنا الحيلولة دون نشوب مزيد من الصراعات العنيفة كما بينت التجربة خلال السنوات العشر الأخيرة. ينبغي أن يوفر المشهد الانتخابي ساحة متكافئة للتنافس بين جميع المرشحين.

وذكر أنه في 6 أغسطس، اختير محمد تكالة رئيساً للمجلس الأعلى للدولة عقب انتخابات داخلية للمجلس، ليكون خلفا لخالد المشري الذي شغل المنصب منذ عام 2018. وقد عقد اجتماعاً أولياً مع الرئاسة الجديدة للمجلس الأعلى للدولة وأبدى التزام البعثة المستمر بدعم الليبيين في سعيهم للخروج من الانسداد الراهن.

وأشار إلى أن ليبيا تحتاج أكثر من أي وقت مضى، إلى طي الصفحة الحالية من الانقسام المؤسسي. فالمواطنون يتطلعون إلى مؤسسات سياسية وعسكرية وأمنية واقتصادية واجتماعية موحدة للحفاظ على وحدة أراضي البلاد وهويتها الوطنية. وفي هذا الصدد، فإن تشكيل حكومة موحدة، يتفق عليها الفاعلون الرئيسيون، أمر ضروري لقيادة البلاد إلى الانتخابات.

وقال إن الجهود الليبية والدولية الرامية إلى إرساء آلية يملكها ويُمسك بزمامها الليبيون للإدارة الشفافة للمال العام قد آتت أُكلها أخيراً. مرحباً بقرار المجلس الرئاسي في 6 يوليو بإنشاء لجنة عليا للإدارة المالية تسند إليها مهام الإشراف على المال العام، وتعزيز الإنصاف والمساءلة والشفافية في الإنفاق العام، مما سيساعد أيضاً على ضمان عدم استخدام الأموال العامة لترجيح كفة الفرص الانتخابية لصالح طرف على حساب الآخر.

وأضاف أنه ومن المنطلق ذاته، صرح الصديق الكبير، محافظ المصرف المركزي، في 20 أغسطس بأنه قد تم استكمال إعادة توحيد مصرف ليبيا المركزي كمؤسسة ليبية سيادية. ومن بين التدابير المتخذة لوضع عملية إعادة التوحيد موضع التنفيذ دمج الودائع في الشرق والغرب، ودمج نظم التسوية في الشرق والغرب، ونقل نائب المحافظ من الشرق إلى مقر المصرف المركزي في طرابلس.

وأشار إلى أن إنشاء اللجنة المالية العليا والخطوات الإيجابية نحو إعادة توحيد المصرف المركزي يتيح مجالاً للتفاؤل الحذر بأنه، إذا ما توفرت الإرادة السياسية، يمكن لأصحاب الشأن الليبيين أن يعملوا معاً بطريقة شاملة للجميع على معالجة شواغلهم المشتركة من أجل الصالح العام للبلاد. داعياً اللجنة المالية العليا على أن تترجم النقاشات الدائرة إلى أفعال ذات أثر بغية تحقيق الشفافية والمساءلة والإنصاف في نفقات الدولة، كما أحث المصرف المركزي على مواصلة جهوده لإزالة آثار انقسام النظام المالي العام.

وقال إن الاستقرار الهش الذي ساد طرابلس منذ أغسطس 2022 تبدد جراء وقوع اشتباكات مسلحة عنيفة يومي 14 و15 أغسطس بين جهاز الردع لمكافحة الجريمة المنظمة والإرهاب واللواء 444، وهما أكبر مجموعتين مسلحتين في العاصمة. وقد اندلع القتال بعد قيام جهاز الردع لمكافحة الجريمة المنظمة والإرهاب باعتقال آمر اللواء 444 في مطار معيتيقة، بسبب خصومات شخصية، حسبما أُشيع.

فيما وردت أنباء عن مقتل ما لا يقل عن 55 شخصاً وإصابة أكثر من مائة خلال الاشتباكات، بينهم عدد غير محدد من المدنيين. ولحسن الحظ، اختارت المجموعات المسلحة الأخرى في طرابلس وضواحيها البقاء على الحياد، مما حال دون اتساع رقعة القتال.

وانتهت الاشتباكات عندما تم التوصل إلى هدنة بجهود مشتركة من جانب أعيان المنطقة ورئيس الوزراء دبيبة والمجلس الرئاسي ورئيس أركان الجيش الليبي، الفريق محمد الحداد، وقادة المجموعات المسلحة المحايدة.

وذكر أنه قام بالتواصل مع رئيس الوزراء والأطراف الفاعلة الأخرى ذات الصلة لحثهم على اتخاذ الإجراءات اللازمة لوقف القتال. مدينا هذه الاشتباكات وما رافقها من خسائر في الأرواح، ومعربا عن تعاطفه مع الأسر المكلومة ونتمنى الشفاء العاجل للجرحى.

ولفت إلى أن هذه التطورات تؤكد غياب القيادة والسيطرة على الأجهزة الأمنية المتشظية في غرب ليبيا وهشاشة الوضع الأمني. وتقوض تلك التطورات الجهود الجارية لتهيئة بيئة أمنية مواتية لإجراء الانتخابات ويؤكد الحاجة الملحة لإقامة سلطات شرعية ومؤسسات عسكرية وأمنية موحدة في البلاد. ويجب إخضاع الجماعات المسلحة والجهات الأمنية التي ترتكب أعمال عنف ضد المدنيين للمحاسبة.

علاوة على ذلك، فإن التغيير غير الدستوري الذي طال حكومة جمهورية النيجر قد أثار مخاوف حيال آثاره غير المباشرة المحتملة على ليبيا، تماما كما حصل في السودان. وكخطوة استباقية، قام الجيش الوطني الليبي بإغلاق الحدود مع النيجر في 26 يوليو ونشر تعزيزات على المناطق الحدودية. وكما هو الحال مع الأزمة في السودان، فإن الوضع في جمهورية النيجر يشكل مصدر قلق للمنطقة برمتها.

وفي 25 يوليو، شاركت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا مع إيطاليا في رئاسة الجلسة العامة التي عُقدت في بنغازي لمجموعة العمل الأمنية المنبثقة عن عملية برلين. حيث تباحث أصحاب الشأن الليبيون، وأعضاء اللجنة العسكرية المشتركة 5+5، والشركاء الدوليون في تطورات الديناميات السياسية والأمنية التي تعيق إحراز تقدّم ملموس في التنفيذ التام لاتفاق وقف إطلاق النار، وإعادة توحيد المؤسسات العسكرية، وانسحاب القوات الأجنبية والمقاتلين الأجانب والمرتزقة.

وأكد على ضرورة أن تعمل جميع الأطراف على إدامة المنجزات الأمنية التي تحققت في الأعوام الأخيرة. ولتحقيق هذه الغاية، سوف تواصل البعثة إشراك الأطراف المعنية للدفع بعملية توحيد المؤسسات العسكرية والأمنية كشرط لا غنى عنه لتحقيق الاستقرار الدائم.

ما وعبر قلقه إزاء انتهاكات حقوق الإنسان، بما في ذلك عمليات الاختطاف والاعتقال التعسفي والاختفاء القسري في الشرق وفي الغرب. مكرراً دعوته للوقف الفوري لهذه الممارسات وإطلاق سراح الأشخاص المعتقلين تعسفياً وإجراء تحقيقات مستقلة. منوها إلى تمكّن البعثة مؤخراً من الوصول جزئياً إلى أحد مراكز الاحتجاز في طرابلس وأدعو إلى إتاحة وصول بشكل أكبر ومتواصل إلى أماكن الاحتجاز في كافة أرجاء البلاد.

وأُثنى على جهود المجلس الرئاسي في مسار المصالحة الوطنية والتي تجري تحت قيادة نائب رئيس المجلس الرئاسي، عبد الله اللافي، وبدعم من الاتحاد الأفريقي، بما في ذلك اللقاء التحضيري الذي عُقد في 19 و20 يوليو في برازافِيل بجمهورية الكونغو للتحضير لعقد مؤتمر للمصالحة الوطنية بحلول نهاية العام. وتبقى مشاركة المرأة في كل مرحلة من مراحل هذه العملية ضرورة حتمية.

كما غبر قلقه من تدهور الحالة الإنسانية وأوضاع حقوق الإنسان للمهاجرين واللاجئين وطالبي اللجوء الذين قامت السلطات التونسية بطردهم نحو الحدود التونسية – الليبية في يوليو. مشيراً إلى الاتفاق الذي توصلت إليه السلطات التونسية والليبية لنقل بضع مئات من الأفراد إلى موقعٍ آخر، مع ملاحظة استمرار دفع أشخاص نحو الحدود في مناطق صحراوية نائية، ليواجهوا ظروفاً صعبة للغاية مع انحسار إمكانية الحصول على الماء والغذاء.

ودعا إلى إنهاء عمليات الطرد هذه وأحثّ السلطات التونسية والليبية على التأكد من نقل الأشخاص إلى مواقع آمنة، والسماح للأمم المتحدة وشركائها بإيصال المساعدات الإنسانية إلى جميع المواقع.

كما أفاد بأن التحضيرات جارية على قدم وساق من جانب الحكومة الليبية لعقد قمة أهداف التنمية المستدامة في شهر سبتمبر. وقد نظمت الأمم المتحدة والحكومة الليبية في 13 يوليو فعاليةً رفيعة المستوى حول الجهود الوطنية لإحراز تقدّم نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة، بما في ذلك التنسيق للعمل ضمن إطار عمل الأمم المتحدة للتعاون في مجال التنمية المستدامة (2023-2025).

وأكد أن الحفاظ على استقرار ليبيا أصبح أكثر أهمية الآن من أي وقتٍ مضى في ضوء الاشتباكات الأخيرة التي حدثت في طرابلس والاضطرابات الإقليمية التي تعصف بالسودان والنيجر والمعارك التي دارت رحاها في إقليم تيبستي جنوباً قبل أيام قليلة بين الجيش التشادي وعناصر مسلحة. وما الأحداث الجارية حالياً في ليبيا والمنطقة إلا بُرهان بأن الترتيبات المؤقتة تستجلب المخاطر والعنف والتقسيم للبلدان. لذا، بات من الضروري للغاية إعادة الاستقرار إلى ليبيا للحفاظ على الأمن الإقليمي.

وأشار إلى أنه إذا لم يكن هناك اتفاق سياسي شامل يمهد الطريق نحو انتخابات سلمية وشاملة وشفافة في كافة أرجاء ليبيا، فإن الأوضاع ستتفاقم وتسبب مزيداً من المعاناة للشعب الليبي.

وناشد جميع القادة لتحمل المسؤولية السياسية والأخلاقية لغلق صفحة الترتيبات المؤقتة التي لا نهاية لها، وكسر الجمود الحالي، والتوقف عن تخييب آمال الشعب الليبي في الوصول إلى الانتخابات والسلام والرخاء.

وعبر عن أمله في الدعم الكامل من أعضاء هذا مجلس الأمن وعلى استخدام نفوذهم، بشكل فردي وجماعي، لضمان الالتزام التام من جانب القادة الليبيين بالتفاوض اللازم كي نتقدم نحو أهدافنا المشتركة: استقرار ليبيا وجيرانها.

وجدد دعوته لجميع شركاء ليبيا الإقليميين والدوليين للتحدث بصوت واحد والتصرف وفقا لذلك للاستجابة لتطلعات الشعب الليبي في السلام والاستقرار والازدهار والوحدة الوطنية.