الأمم المتحدة في ليبيا.. مبعوثون بلا فائدة وانتخابات بلا ضمانات

0
212
الأمم المتحدة في ليبيا.. مبعوثون بلا فائدة وانتخابات بلا ضمانات
مبعوثو الأمم المتحدة في ليبيا

لم ينجز أحد من المبعوثين الأممين في ليبيا على مدار 10 سنوات أي إنجاز يذكر، بل مزيد من الانشقاق والتشرذم والضبابيبة في المناخ السياسي، وتمرير مصالح وتمكين شخصيات وتغاضي عن انتهاكات.

وودع رئيس بعثة الأمم المتحدة في ليبيا المستقيل، يان كوبيش، أمس الليبيين، قبل أقل من يومين من رحيله عن منصبه، وتولي مستشارة الأمين العام الجديدة إلى ليبيا، ستيفاني وليامز، مهامها.

واستعرض كوبيش، في رسالة، ما حدث خلال توليه المهمة في ليبيا، مؤكداً أنه عمل على تقديم الدعم لليبيين لتحمل مسؤولية مصير بلادهم بأيديهم بدءاً من انعقاد جلسة موحدة لمجلس النواب بعد سنوات من الانقسام تم خلالها منح الثقة للسلطة التنفيذية المؤقتة، من حكومة الوحدة الوطنية والمجلس الرئاسي.


ولم يوضح كوبيش، خلال خطابه ما هي الأسباب الفنية أو الشخصية التي دفعته للاستقالة بشكل مفاجئ وفي وقت حرج، قبل إجراء الانتخابات الليبية بأيام.


وأرجعت تقارير استقالة كوبيش، إلى ترشح رئيس حكومة الوحدة الوطنية، عبد الحميد دبيبة، في الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها في الـ24 من الشهر الجاري، بالمخالفة للاتفاق السياسي الذي تم برعاية الأمم المتحدة، على الرغم من تعهد البعثة بعدم ترشح أي مسؤول بالسلطة التنفيذية التي اختارها ملتقى الحوار الليبي في فبراير الماضي بمن فيهم رئيس حكومة الوحدة.


ومنذ عام 2011، توافد على ليبيا 8 مبعوثين أمميين، في محاولات متتالية لإيجاد حل يخرج البلاد من حالة الاقتتال والانقسام والوصول إلى تسوية عادلة تسهم في إعادة الاستقرار، وجميعها فشلت، في إعادة الاستقرار والوحدة لليبيين.


البداية، كانت عقب اندلاع أحداث 17 فبراير 2011، حين عينت الأمم المتحدة وزير الخارجية الأردني الأسبق عبد الإله الخطيب، في أبريل من نفس العام، مبعوثاً أممياً، لإجراء مشاورات عاجلة، لكنه لم يبق في مهمته أكثر من أربعة أشهر، وغادر قبل انتهاء الحرب.


لتبدأ مرحلة أخرى في سبتمبر من نفس العام، حين تم تعيين لدبلوماسي البريطاني إيان مارتن رئيساً للبعثة الأممية لدى ليبيا، غير أنه الآخر غادر بعد أقل من عام على تكليفه في أكتوبر 2012.


وفشل مارتن، الذي أيد المجلس الانتقالي، واقتصرت اتصالاته على أعضاءه، على اعتبار أنه نال في تلك الفترة الشرعية الدولية، لإعادة بناء الشرطة والمؤسسات الرسمية التي انهارت جراء أحداث 17 فبراير.

وفي أغسطس 2012، تم تكليف السياسي والأكاديمي ووزير الإعلام اللبناني الأسبق، طارق متري، بالمهمة في ليبيا، واستمرت ولايته قرابة سنتين، أجرى خلالهما مباحثات مكثفة مع جميع الأطراف في البلاد، ودعا إلى الحوار بينهم، لكن الفوضى الأمنية والحروب المتتالية التي اندلعت في طرابلس وبنغازي لم تمهله الفرصة لكي ينجح.


وآن ذاك، دخلت ليبيا في دوامة خطيرة من العنف زادها تعقيداً صعود التيارات الجهادية المتطرفة لصدارة المشهد، وبقى في منصبه دون حلول حتى أغسطس 2014.


وتسلم الدبلوماسي الإسباني برناردينو ليون مهمته الأممية في ذلك التاريخ، وساهم في جمع غالبية الأطراف السياسية في البلاد لتوقيع الاتفاق السياسي في منتجع الصخيرات بالمغرب، في نوفمبر 2015.


ليغادر منصبه تاركاً وراءه حالة من الغضب بسبب ما وصف بالتقسيمات التي أحدثها اتفاق الصخيرات، الذي فرض على الليبيين حكومة الوفاق برئاسة فايز السراج.


وفي نوفمبر عام 2015، تم تكليف الدبلوماسي الألماني مارتن كوبلر، بالمهمة، وعلى الرغم من تجاربه السابقة في العراق وأفغانستان والكونغو الديمقراطية، إلا أنه فشل في إحداث أي تقدم بسبب الانقسامات والخلافات التي أحدثها اتفاق الصخيرات.


واستمرت الانقسامات حتى يونيو 2017، حيث تم تكليف السياسي اللبناني غسان سلامة بالمهمة، ونجح في إجراء تعديلات على اتفاق الصخيرات، لكن الفوضى الأمنية التي تسببت فيها انشقاقات الصخيرات، عطلت خطته الأممية لإجراء انتخابات نيابية ورئاسية في البلاد، قبل أن يستقيل في مارس 2020، ليعلن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، تعيين الدبلوماسية الأمريكية ستيفاني وليامز ممثلة للأمم المتحدة بالوكالة ورئيسة لبعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا.


ونجحت ستيفاني في تحقيق تقدم واضح خلال الفترة التي تولت فيها المهمة، والذي تمثل في توقيع الفرقاء الليبيين على اتفاق لوقف إطلاق النار، وتشكيل ملتقى الحوار الليبي، الذي توصل إلى عدة اتفاقيات منها تحديد موعد الانتخابات، واختيار سلطة تنفيذية موحدة، تتولى المهمة حتى انتخابات ديسمبر.


ولم توفر ستيفاني أي ضمانات في تحركاتها لتسليم السلطة بعد الانتخابات، واكتفت بتعهدات لم تنفذ بعدم ترشح أفراد السلطة التنفيذية للانتخابات.


ولم تحظ المبعوثة الأممية بأي ثقة لدى الليبيين بسبب خلقها جسم تشريعي جديد له اختصاصات واسعة لم يأتي عبر الانتخابات ولا الاستفتاء الشعبي، ليصدر قرار في فبراير 2021، بتولي المبعوث الأممي السابع إلى ليبيا الدبلوماسي السلوفاكي، يان كوبيش، مهمته في ليبيا.


وأكد كوبيش في بداية عمله على حرص الأمم المتحدة على استقرار ووحدة ليبيا وأجرى العديد من المباحثات مع المسؤولين والأطراف الخارجية المعنية بليبيا.


ولم يكمل عاماً واحداً، لتعود ستيفاني مجدداً بمنصب مستشارة الأمين العام، رغم كل الانتقادات التي واجهتها، وعدم وجود ثقة لليبيين فيها.


وقال كوبيش، في خطابه الأخير قبل تسليم مهامه، إنه عمل على تقديم الدعم لليبيين لتحمل مسؤولية مصير بلادهم بأيديهم بدءاً من انعقاد جلسة موحدة لمجلس النواب بعد سنوات من الانقسام، تم خلالها منح الثقة للسلطة التنفيذية المؤقتة – أي المجلس الرئاسي وحكومة الوحدة الوطنية التي انبثقت عن ملتقى الحوار السياسي الليبي.


واستطرد: “إنه لشرف لي أن أقدم الدعم لليبيا وأرافقها لتولي القيادة وزمام الأمور ومسؤولية البلاد على النحو الذي تجسد بوضوح في مشاركة ليبيا كشريك يتمتع بالسيادة أسوة بغيره في المنابر الدولية الحساسة”.


وتابع: “وتحديداً في مؤتمر برلين الثاني ومؤتمر باريس اللذين عقدا مؤخراً، وفي انعقاد أول اجتماع دولي كبير داخل ليبيا منذ اندلاع الأزمة وذلك في شهر أكتوبر المنصرم لمتابعة مبادرة دعم استقرار ليبيا بقيادة وملكية ليبية”.


وأكد أن إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية الشاملة والحرة والنزيهة في موعدها أمر بالغ الأهمية للخروج من دوامة الانتقال السياسي التي طال أمدها والعودة إلى الشرعية الديمقراطية والشروع في بناء دولة تعمها الوحدة والازدهار والسيادة الحقيقية وإنهاء التدخلات الأجنبية.