عماد السايح يجيب عن السؤال الأصعب: لماذا لا يصل الليبيون إلى صناديق الانتخابات؟

0
169
عماد السايح رئيس مفوضية الانتخابات الليبية

شكك رئيس المفوضية الوطنية العليا للانتخابات، عماد السايح، في إمكانية إجراء انتخابات وطنية في ليبيا على المدى القصير.


وتحدث السايح، في مقابلة أجراها المجلس الأطلسي، نُشرت أمس الجمعة، عن عدد من العراقيل التي تحول دون ذلك، أبرزها غياب الدستور المنظم لعملية تداول السلطة، والتدخل الأجنبي الهادف إلى الإبقاء على الوضع القائم.


وأوضح رئيس المفوضية أن ما يعيق التقدم لحل الأزمة السياسية تمسك الأطراف المتنازعة بمصالحها والطموحات الأجنبية للحفاظ على السلطة، محذراً من أن استمرار هذا النهج، في ظل غياب قيادة سياسية موحدة وواعية، سيؤدي إلى تفاقم الصراعات السياسية وتعميق الانقسامات الداخلية، وهذا الوضع يحمي مصالح الدول الأجنبية المنخرطة في الصراع، ويمنع أي تغييرات سياسية قد تهدد مصالحهم.


وقال إن أصحاب المصلحة المنخرطون في الأزمة الليبية، بما فيهم المجتمع الدولي بقيادة بعثة الدعم الأممية، يعتبرون الانتخابات هدفا أكثر من كونها أداة. الجميع يعلم أن الانتخابات أداة تخدم الانتقال السلمي للسلطة، مما يستلزم تنفيذها ضمن بيئة سياسية توافقية، وإطار ثقافي يعزز الحد الأدنى من الأمن والاستقرار.


وأضاف السايح: “للأسف، تلك الشروط غائبة في الوقت الراهن من المشهد السياسي في ليبيا. وما دام هذا المنظور سائدا، فإن المسار صوب الانتخابات والتداول السلمي للسلطة سيواجه عقبات كبيرة، ما قد يؤدي إلى تأجيل أو حتى منع إجراء الانتخابات على المدى القصير”.


واستطرد أن البيئة السياسية أصبحت معادية بشكل متزايد فيما يتعلق بالمبادئ الديمقراطية، ولا سيما الانتخابات، موضحاً أن تلك الظاهرة تتعلق بعدد من العوامل، أسفرت عن نتائج سلبية، وعملت على تشكيل البيئة السياسية على مدى الـ12 عاما الماضية.


واستطرد أن غياب ثقافة الديمقراطية والتداول السلمي للسلطة داخل المجتمع الليبي، وغياب الدستور الذي ينظم عملية التداول السلمي للسلطة، وكذلك التدخل الأجنبي السلبي في شؤون ليبيا، الذي يهدف إلى الحفاظ على مصالح بعض الدول، والإبقاء على الوضع القائم.


واعتبر رئيس المفوضية أن الأداء غير الفعال لغالبية من شغلوا منصب المبعوث الأممي لدى ليبيا أحد العوامل التي عرقلت إجراء الانتخابات حتى الآن، مشيراً إلى أن الصعوبة التي تنطوي عليها هذه العملية بسبب تدخل الأطراف السياسية لعرقلة أي خطوة من شأنها أن تُنهي مسيرتها السياسية.


وأوضح أنه في ظل غياب دستور دائم يحدد القواعد التشريعية الأولية للعملية الانتخابية في ليبيا، لم تقبل الأطراف السياسية المشاركة في الأزمة مواد وأحكاما محددة، خاصة تلك المتعلقة بمؤهلات المرشحين والنظام الانتخابي.


وتابع عماد السايح: “في الانتخابات الليبية من الشائع أن تعرقل بعض الأحزاب السياسية أي عملية انتخابية يمكن أن تُنهي مسيرتها السياسية. لذلك، فإن تعديل القوانين الانتخابية في ليبيا يمثل تحديًا أكبر بكثير من صياغتها في البداية”.


واعتبر السايح أن البعثة التابعة للأمم المتحدة في ليبيا لم تملك خلال الـ12 عاما الماضية أي رؤية استراتيجية للمضي قدما من المرحلة الانتقالية إلى مرحلة الاستقرار الدائم، لافتاً إلى الرؤى المختلفة التي حملها كل مبعوث أممي لحل الأزمة السياسية، والتي اعتمدت بدرجة كبيرة على القناعات والتصورات الشخصية.


وقال: “خلال 12 سنة من التعامل مع الأزمة الليبية، لم يكن لدى بعثة الأمم المتحدة أي رؤية استراتيجية لنقل الدولة الليبية من المرحلة الانتقالية إلى مرحلة الاستقرار الدائم. كل مبعوث أممي يتبنى رؤية مختلفة لحل الأزمة السياسية انطلاقاً من قناعاته وتصوراته التي ستتأثر بلا شك بسلوكه الشخصي من جهة، والحقائق السياسية الثابتة والمتغيرة على الصعيدين المحلي والخارجي من جهة أخرى”.


واستبعد السايح أن تؤثر استقالة أي مبعوث أممي أو استبداله في ليبيا على مسار الأزمة السياسية في ظل غياب استراتيجية متماسكة، مضيفاً: “لقد فشل معظمهم في مهمتهم، ومن كان سينجح وجد نفسه أمام تحديات لم يكن بمقدوره التغلب عليها دون دعم دولي منقسم أيضا. ويكشف تحليل الإحاطات التي قدموها إلى مجلس الأمن، والتي تناولت الأوضاع السياسية والاقتصادية والأمنية، أن استقالة أي مبعوث واستبداله لن يكون له تأثير كبير دون وجود استراتيجية متماسكة”.