شهدت الساحة السياسية الليبية مؤخراً توافقاً جديداً على خارطة طريق برعاية جامعة الدول العربية تهدف إلى حل الانسداد السياسي الذي عانت منه البلاد خلال الشهور الماضية.
وبعد الخلاف الذي دب بين مجلسي النواب والدولة الليبيان على قوانين الانتخابات التي أنجزتها لجنة 6+6 وتسبب في توقف العملية السياسية، اجتمع رئيسا المجلسين عقيلة صالح ومحمد تكالة، على طاولة واحدة مع رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، والأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، بمقر الجامعة في القاهرة.
ونجح الاجتماع الثلاثي بالقاهرة في تقريب وجهات النظر بين الأطراف الثلاثة بخصوص تغيير السلطة التنفيذية، وحل النقاط بعض الخلافية المتعلقة بالوصول إلى الانتخابات الرئاسية والبرلمانية.
وتم الاتفاق خلال الاجتماع على وجوب تشكيل حكومة موحدة تقود البلاد لإجراء الانتخابات وتقدم الخدمات الضرورية للمواطن، والتوافق على سيادة ليبيا ووحدة أراضيها ورفض أي تدخل أجنبي في شؤونها.
كما تم الاتفاق على تشكيل لجنة فنية بمرجعية الاتفاق السياسي وملاحقه خلال فترة زمنية محددة، للنظر في التعديلات المناسبة لتوسيع قاعدة التوافق والقبول بالعمل المنجز من لجنة (6+6) وحسم الأمور العالقة حيال النقاط الخلافية حسب التشريعات النافذة.
واتفقوا أيضاً على توحيد المناصب السيادية بما يضمن تفعيل دورها المناط بها على مستوى الدولة الليبية، ودعوة بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا والمجتمع الدولي لدعم هذا التوافق في سبيل إنجاحه.
كما اتفق المجتمعون على عقد جولة ثانية بشكل عاجل لإتمام هذا الاتفاق ودخوله حيز التنفيذ.
ويأتي الاجتماعي الثلاثي عقب الاجتماع الذي عقده 120 عضواً بمجلسي النواب والدولة في تونس أواخر الشهر الماضي والذي اتفقوا فيه على عدة نقاط لحل الانسداد السياسي وسبل تفعيل العملية الانتخابية.
واتفق الأعضاء خلال اجتماعهم بتونس على تجديد الالتزام بالقوانين الانتخابية رقم 28 و 27 لسنة 2023 المنجزة عبر لجنة (6+6) وتشكيل حكومة وطنية جديدة تعمل على إنجاز الاستحقاق الانتخابي.
وعلى الرغم من أن اجتماع تونس لاقى ترحيب من السياسيين في ليبيا إلا أنه لم يلاقي ترحيب من المبعوث الأممي عبد الله باتيلي، الذي اعتبره لا يمكن أن يكون بديلاً لحوار أوسع بمشاركة أكبر وجدول أعمال أكثر شمولاً.
وبنفس الطريقة علق المبعوث الأممي على الاجتماع الثلاثي بجامعة الدول العربية، فلم يعلن ترحيبه بمخرجات، واكتفى خلال لقائه مع رئيس المجلس الرئاسي المنفي، الذي أطلعه على مخرجات الاجتماع، بالإعلان عن متابعة مخرجاته.
وفسر مراقبون عدم ترحيب المبعوث الأممي سواء بمخرجات اجتماع أعضاء مجلسي النواب والدولة في تونس أو الاجتماع الثلاثي بالقاهرة، بأنها لم تتم تحت رعاية البعثة الأممية والتي تريد أن لا يتم أي توافق ليبي ليبي إلا تحت رعايتها.
فيما يرى آخرون أن مخرجات الاجتماع الثلاثي هي إعلان بأن الحل لن يكون قريب وأن حالة الانسداد والانقسام مستمرة إلى حين، على اعتبار أنه سوف تشكل لجنة لدراسة تعديلات على توافقات لجنة 6+6 وهذا سوف يأخذ وقت طويل.
كما أن قبول الأطراف الليبية والبعثة الأممية بالتوافق بين مجلسي النواب والدولة هو مهم لتنفيذه على أرض الواقع.
فمن الممكن في النهاية بعد الوصول إلى توافقات، يخرج رئيس حكومة الوحدة عبد الحميد دبيبة ليعلن رفضه لها كالعادة وتسليم السلطة وتخرج الميليشيات الموالية له بغرب ليبيا وتعلن هي الأخرى رفضها وتتعقد الأزمة وتتحول إلى صراع مسلح.
وعدم ترحيب البعثة الأممية بهذه التوافقات ورعايتها لن يوفر لها الاعتراف الدولي الذي تمنحه البعثة لحكومة الوحدة وبسببه مستمرة في السلطة إلى الآن وتمثل ليبيا في المحافل الدولية على الرغم من إعلان مجلس النواب انتهاء ولايتها.