تفاقمت مشكلة الهجرة غير الشرعية في ليبيا بعد أحداث فبراير عام 2011، بسبب حالة الانفلات الأمني التي عانت منها البلاد التي تعد محطة عبور رئيسية للمهاجرين غير الشرعيين من أفريقيا إلى أوروبا.
وعلى الرغم من مرور 13 عاماً على أحداث فبراير إلا أن مشكلة المهاجرين غير الشرعيين في ليبيا لم تحل بسبب حالة عدم الاستقرار والانقسام التي تعاني من البلاد لاسيما المنطقة الغربية التي لازالت تقع سيطرة الميليشيات.
وتمثل الحدود البحرية والبرية الليبية الممتدة على مساحة واسعة إلى جانب قربها من الشواطئ الأوروبية خياراً مثالياً للمهربين، في ظل عجز الدولة عن بسط سيطرتها عليها، وعلى ملاحقة عصابات التهريب.
وفي محاولة جديدة لإيجاد حل لمشكلة الهجرة غير الشرعية أقيم في مدينة بنغازي أمس الاثنين، المؤتمر الأفريقي الدولي حول الهجرة، برعاية رئيس الحكومة الليبية المكلفة أسامة حماد، وبمشاركة أكثر من 40 وفداً من دول قارة أفريقيا.
وأكد رئيس الحكومة الليبية على ضرورة الوصول إلى رؤية وصيغة جامعة لتطوير استراتيجيات مستدامة للتعامل مع أسباب الهجرة ونتائجها عبر تبادل الخبرات المعرفية في هذا المجال وتشجيع التعاون المعلوماتي بين الدول الأفريقية في إطار حماية المهاجرين وضمان حقوقهم ورعايتهم وإعادة إدماجهم في مجتمعاتهم بالشراكة مع المنظمات الدولية والإقليمية العاملة في هذا المجال والاستفادة من البرامج الدولية في مكافحة الجرائم المرتبطة بأفعال الهجرة بشتى أنواعها.
وأشار رئيس الحكومة الليبية إلى أن الهجرة غير الشرعية أصبحت تشكل محور اهتمام بالغ لجميع الدول الأفريقية والأوروبية بسبب ما يرتبط بها من أمور خطيرة تؤثر في الاقتصاد المحلي والإقليمي وتمثل اختراقات للأمن الدولي سيما عند استخدام خطوط وطرق الهجرة غير الشرعية في تسلل المطلوبين للعدالة وكذلك الإرهابيون تمهيداً لتوسيع نطاق أعمالهم الإرهابية، موضحاً بأن نشاطات الهجرة غير النظامية ترتبط ارتباطاً وثيقاً بجرائم الاتجار بالبشر واستغلالهم في مقابل تنظيم مراحل الهجرة لهم، هذا الاستغلال الذي قد يصل إلى حد الاستعباد، والاستغلال الجنسي وجرائم التعذيب وحجز الحرية والإخفاء القسري.
وأشار إلى كون دولة ليبيا من دول عبور الهجرة غير الشرعية إلى دول أوروبا وتعتبر البوابة الشمالية لخطوط الهجرة، فإن المشرع الليبي وعلى مر السنين الماضية استحدث نظاماً تشريعياً عقابياً شدد فيه العقاب على ارتكاب الجرائم المتعلقة بالهجرة فيما يتعلق بالمهربين في حد ذاته، وافرد نظاماً عقابياً مخففاً للمهاجرين ضد اختراقهم للنظم والقوانين، التي تحدد آلية الدخول إلى الأراضي الليبية وأضاف إمكانية إعادتهم إلى بلدانهم الأصلية دون عقاب.
وأكد على ضرورة أن تساهم جميع الدول المتضررة من الهجرة خاصة دول أوروبا، في دفع عجلة التنمية المستدامة في بعض الدول الأفريقية التي تعاني من ضعف الاقتصاد المحلي وتزايد أسباب الهجرة فيها نتيجة لذلك، كذلك الأمر في احتواء النازحين المتضررين من الحروب والكوارث الطبيعية، مثل ما يحدث في دولة السودان وبعض الدول الأفريقية الأخرى.
وتثير أوضاع آلاف المهاجرين غير الشرعيين في ليبيا مخاوف كثيرين، في بلد يملك حدوداً برية بنحو 4300 كيلومتر مع 6 دول، هي: مصر، والسودان، وتشاد، والنيجر، والجزائر، وتونس.
وفي تقرير للمنظمة الدولية للهجرة في ليبيا، يقدر أعداد المهاجرين غير الشرعيين في ليبيا بنحو 650 ألف مهاجر ولاجئ، ينحدرون من أكثر من 44 جنسية، ومعظمهم طلقاء خارج مقار الاحتجاز.
ولم تعد تداعيات ظاهرة الهجرة غير الشرعية عبر ليبيا مقصورة على تعريض حياة المهاجرين المتسللين للخطر، بل أصبحت الظاهرة خطراً حقيقياً يهدد الأمن القومي الليبي والسلام الاجتماعي بعد زيادة أعداد المهاجرين غير الشرعيين داخل ليبيا.
ويرى مراقبون أنه ولحل مشكلة الهجرة غير الشرعية في ليبيا يجب على المجتمع الدولي التعاون وإعادة النظر في سياسات الصد والاعتراض للمهاجرين غير الشرعيين في أعالي البحار، وتحمل المجتمع الدولي مسؤولياته بجانب ليبيا، وتقديم الدعم اللوجيستي الممكن للأجهزة المعنية للقيام بعملها، وفق منهجية وآلية وطنية في تجفيف منابع التسلل والتهريب، من خلال تفعيل تقنيات حديثة في مراقبة الحدود.