وحدت كارثة الفيضانات التي ضربت شرق ليبيا نتيجة إعصار دانيال الليبيين وتكاتفوا لإنقاذ وتقديم الدعم للمتضررين في المناطق المنكوبة وانتشال جثث الضحايا.
وضرب الشعب الليبي أعظم الأمثلة في الوحدة والتعاطف والصمود في مواجهة هذه المأساة المدمرة، وتلاشت مع الكارثة الحدود بين غرب وشرق وجنوب البلاد.
إلا أن هذا التقارب لم يدوم طويلاً وعاد الانقسام ليخيم على المشهد السياسي بليبيا في الوقت الذي تحتاج فيه البلاد لتوحيد الجهود من أجل إعادة إعمار المناطق المتضررة.
وضربت الفيضانات في سبتمبر الماضي عدة مدن بشرق ليبيا وتسببت في خسائر هائلة لاسيما مدينة درنة التي كانت الأشد ضرراً حيث دمر نحو ثلث المدينة، بالإضافة لوفاة أكثر من 4200 شخص وفقدان نحو 10 آلاف آخرين.
ودخلت حكومة الوحدة في غرب ليبيا برئاسة عبد الحميد دبيبة والحكومة المكلفة في الشرق برئاسة أسامة حماد، في سباق إعلانات عن تخصيص مبالغ مالية ضخمة وتنظيم مؤتمرات لإعادة إعمار المناطق المتضررة من الفيضانات.
وأعلنت حكومة الوحدة عن تخصيص ملياري دينار لصالح صندوق إعمار مدينتي بنغازي ودرنة، وطابت من البنك الدولي تقديم المساعدة لتقيم الأضرار الناتجة عن الفيضانات وإدارة أموال إعادة الإعمار.
أما الحكومة المكلفة فقد أعلنت عن تخصيص 10 مليارات دينار وتم اعتمادهم من مجلس النواب لإعادة إعمار المناطق المتضررة، وأعلنت عن تنظيم مؤتمر دولي يشارك فيه كبرى الشركات العالمية في أكتوبر الجاري، لكنها عادت وأجلته إلى نوفمبر المقبل لأسباب لوجستية.
وأكد المبعوث الأممي إلى ليبيا عبد الله باتيلي في إحاطته الأخيرة أمام مجلس الأمن الدولي حول تطورات الأوضاع في ليبيا أن كارثة درنة كشفت العجز الكبير في الحوكمة، من خلال عدد من الإشكاليات يأتي في مقدمتها غياب القرار السياسي الموحد على المستوى الوطني، مشيراً إلى أنه لو كانت إشكاليات الحوكمة هذه قد حلّت على الصعيد الوطني، لكانت خففت من هول الفاجعة.
وعبر قلقه إزاء الانقسام الحاصل بين القيادات في ليبيا حول إعادة إعمار مدينة درنة وضواحيها، لافتاً إلى أن المبادرات التي تفتقر للتنسيق قد تسبب المزيد من خيبات الأمل لأهالي درنة وللشعب الليبي الذي يتوق لتعافٍ عاجل وإعادة إعمار فاعلة للمناطق المنكوبة.
ويرى مراقبون أن الخلافات والانقسام بشأن إعادة إعمار المناطق المتضررة بشرق ليبيا هو امتداد للانقسامات في السلطة بين الحكومتين المتنافسين في شرق وغرب البلاد.
كما يرى المراقبون أن حجم الكارثة يفوق قدرات الحكومتين مجتمعتين في الأساس وتحتاج إلى دعم فني ومالي دولي لإعادة إعمار المناطق المتضررة التي كانت تعاني من قبل كارثة الفيضانات.