“باتيلي” أمام مجلس الأمن: الساحة السياسية في ليبيا شهدت تطورات إيجابية

0
3491

قدم المبعوث الأممي إلى ليبيا عبد الله باتيلي، اليوم الثلاثاء، إحاطة أمام مجلس الأمن الدولي، حول تطورات الأوضاع في ليبيا.

وقال باتيلي في كلمته: “منذ إحاطتي الأخيرة في 27 فبراير 2023 التي أعلنت فيها مبادرتي الرامية لإتاحة الفرصة لليبيين لاختيار قادتهم في عام 2023، بدأت تنفيذ هذه المبادرة عبر محاور متوازية متعددة تشكل معاً نهجاً شاملاً لتحقيق هذا الهدف”.

وأضاف المبعوث الأممي: “كما أشرت، فإن المبادرة تهدف إلى تمكين إجراء الانتخابات في ليبيا هذا العام عبر التوسع في إشراك الجهات الفاعلة المعنية بهذه المسألة الوطنية ذات الأهمية القصوى”.

وأشار إلى أن حشد جميع الأطراف المعنية بشكل فعال، بما فيها المجلس الرئاسي والحكومة ومجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة، أمر أساسي لتحقيق توافق في الآراء بشأن المسائل السياسية والقضايا الأمنية فضلاً عن المسائل المتعلقة بمشاركة النساء والشباب، حيث توفر العملية الانتخابية فرصة فريدة لحشد مكونات المجتمع بأكمله بما يمكّن من إجراء انتخابات سلمية وشاملة للجميع وحرة ونزيهة تمهد الطريق لإدارة جديدة لليبيين.

وذكر أن الدروس المستفادة في أماكن أخرى تبقى صحيحة، وهي أن الانتخابات الشاملة القائمة على الإجماع هي محرك للسلام والاستقرار. وبهذه الروح، ونظراً لصعوبة جمع القادة السياسيين جميعاً وجهاً لوجه في مكان واحد في هذه المرحلة، فقد انخرطتُ في العمل مع القادة السياسيين الليبيين الرئيسيين من خلال ديبلوماسية الوسيط سعياً لإيجاد أرضية مشتركة وتشجيعهم على تقديم تنازلات من شأنها أن تمهد السبيل للانتخابات.

وقال إنه عقد اجتماعات منفصلة مع رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، ونائبه عبد الله اللافي، ورئيس الوزراء عبد الحميد دبيبة، ورئيس مجلس النواب عقيلة صالح، ورئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري، والمشير خليفة حفتر، ورئيس الوزراء المعين من قبل مجلس النواب فتحي باشاغا.

وتحاور أيضاً مع أحزاب سياسية منفردة وائتلافات قوى سياسية وزعماء تقليديين وأعيان وقيادات المجموعات النسائية والشبابية من جميع المناطق.

وأعرب الجميع عن استعدادهم لمناقشة معايير تنظيم الانتخابات. وسوف يستمر هذا العمل ويتكثف حيث ستحتاج الأطراف الفاعلة ذات الصلة إلى التفاوض والاتفاق على أكثر القضايا مثاراً للخلاف فيما يتعلق بإجراء انتخابات شاملة هذا العام.

ورحب باتيلي، بالتزام هذه الأطراف الفاعلة داعياً إلى ترجمة هذا الالتزام إلى خطوات ملموسة على أرض الواقع.

وفي سبيل تعزيز وحدة البلاد والدفع نحو تحقيق المصالحة الوطنية وترسيخ وقف إطلاق النار وتحشيد جميع الأطراف المسلحة من أجل ضمان أمن الانتخابات، قام باتيلي، بتيسير انخراط اللجنة العسكرية المشتركة (5+5) بالعمل مع الجهات الفاعلة الأمنية والعسكرية الليبية، بما في ذلك التشكيلات المسلحة من جميع أقاليم ليبيا الثلاث.

وبدعوة من اللجنة العسكرية المشتركة (5+5)، قام بتيسير عقد اجتماعات في تونس العاصمة وطرابلس وبنغازي وسبها وذلك في 15 و 26 مارس وكذلك في 7 و 9 أبريل.

وفي هذه اللقاءات، أعرب قادة وممثلو الوحدات العسكرية والتشكيلات الأمنية العاملة في غرب ليبيا وشرقها وجنوبها عن التزامهم بدعم الانتخابات بجميع مراحلها ونبذ العنف في جميع أنحاء ليبيا واتخاذ خطوات عملية من أجل العودة الآمنة للنازحين والإفراج عن المحتجزين ومعالجة مسألة المفقودين وذلك في سياق المصالحة الوطنية.

ولفت إلى أن هذه الاجتماعات بين الوحدات العسكرية والتشكيلات الأمنية من الشرق والغرب والجنوب تعد إنجازاً كبيراً، فقد كانت ذات قيمة رمزية كبيرة على طريق المصالحة وتوحيد البلاد. وأثمرت هذه المشاورات عن قيام سلطات الجيش الوطني الليبي في 8 أبريل 2023 بالإفراج عن ستة محتجزين من غرب ليبيا كواحد من تدابير بناء الثقة.

وفي السياق ذاته، التقى رئيسا الأركان، الفريق أول الحداد والفريق أول الناظوري في بنغازي في 13 أبريل وأكدا التزامهما بتعزيز إعادة توحيد الجيش ودعم العملية الانتخابية،

وحب باتيلي، بالروح الوطنية التي تتحلى بها اللجنة العسكرية المشتركة (5+5) ورئيسا الأركان وحثهم جميعاً على مواصلة تعزيز الوحدة الوطنية. كما حث الأطراف السياسية الفاعلة على أن تحذو حذو القادة العسكريين والأمنيين.

كما ذكر أنه أجرى عدة جولات من المشاورات في طرابلس وبنغازي وسبها مع ليبيين من جميع الأقاليم الثلاث يمثلون المجتمع المدني والنساء والشباب والأحزاب السياسية والأعيان والمكونات الثقافية، وذلك بهدف الاستماع إلى آرائهم بشأن الانتخابات وإيصالها ومعرفة مطالبهم بمشاركة أوسع في الأدوار القيادية والمؤسسات الليبية.

ويهدف محور المشاورات هذا أيضاً إلى ضمان اعتماد مدونة لقواعد السلوك تُلزم جميع المرشحين والمعنيين بالانتخابات بالمشاركة في العملية الانتخابية على نحو بنّاء والقبول بنتائجها.

وشجع النساء والشباب، على نحو خاص، على مواصلة نشاطهم وانخراطهم في العمل مع جميع الأطراف الفاعلة حتى تتم معالجة شواغلهم في خارطة الطريق الخاصة بالانتخابات.

وقال إن مشاركة جميع شرائح المجتمع الليبي في الانتخابات وسماع أصواتهم أمر ذو أهمية قصوى في نجاح الانتخابات، وكذا أن تتيح الحملة الانتخابية فرصة للتنافس السلمي بين الرؤى والبرامج لا أن تكون فرصة لإثارة خطاب الكراهية والعنف.

كما ذكر أنه عرض على لجنة (6+6) التابعة لمجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة دعم البعثة اللوجستي وتقديم الخبرات الفنية لتمكينها من القيام بعملها في إعداد القوانين الانتخابية.

وكان كلا المجلسين قد أعلنا أسماء أعضائهما في هذه اللجنة على أساس تمثيل الأقاليم. ومن المؤسف أن اللجنة لا تضم أي امرأة. وعلى الرغم من أن اللجنة ككل لم تجتمع بعد، إلا أن أعضاءها الستة التابعين للمجلس الأعلى للدولة عقدوا اجتماعاً للمرة الأولى في 5 أبريل مع ثلاثة من نظرائهم من مجلس النواب لمناقشة خطة عملهم وتحديد القضايا ذات الأولوية التي يتعين على اللجنة معالجتها.

وأشار إلى أنه تلقى ردوداً إيجابية من اللجنتين المكلفة من المجلسين لقبول الدعم من بعثة الأمم المتحدة. معبراً عن أمله أن الإرادة السياسية الحقيقية والحكمة سيقودان المشاورات.

وحث قيادتي المجلسين على تسريع عمل لجنة (6+6) ونشر برنامج عمل اللجنة المحدد بإطار زمني، حيث إنه في سبيل تنظيم الانتخابات هذا العام، يجب إنجاز القوانين الانتخابية في الوقت المناسب كي تشرّع المفوضية الوطنية العليا للانتخابات في تنفيذ العملية الانتخابية بحلول أوائل يوليو.

كما ينبغي بحلول هذا الوقت معالجة الثغرات والمخاوف التي أثيرت بشأن التعديل الدستوري الثالث عشر من أجل توفير أسباب النجاح للعملية الانتخابية.

ولفت إلى أن رئيس المفوضية الوطنية العليا للانتخابات أبلغه بأن المفوضية، وريثما يتم إصدار القوانين الانتخابية وتوفير التمويل اللازم، قد بدأت الاستعدادات الأولية لتنفيذ العملية الانتخابية.

ودعا الحكومة إلى توفير جميع الموارد اللاّزمة للمفوضية لإنجاز المهام المسندة إليها في الوقت المناسب. ومن جانبها، تنظر البعثة في ليبيا والمقر الرئيسي للأمم المتحدة في طلب الحكومة بشأن الحصول على المساعدة الانتخابية.

وأشار إلى أنه بجانب استكمال الإطار الدستوري والقانوني للانتخابات، هناك حاجة إلى تهيئة أرضية متساوية لا تعطي ميزة غير مستحقة لمرشحين بعينهم وتولّد الثقة في الانتخابات بين جميع الأطراف.

ودعا قادة ليبيا وجميع الأطراف الفاعلة ذات الصلة إلى الوفاء بما أعلنوه من التزام بإجراء الانتخابات من خلال حلول ملموسة ومقبولة من الجميع لتحقيق ذلك.

وأشاد بالمجلس الرئاسي على جهوده في إنشاء آلية وطنية للرقابة المالية من أجل الإنفاق الشفاف والعادل للموارد العامة الوفيرة في ليبيا، وهو عامل مهم لضمان عدم استخدام المال العام لصالح أي طرف.

وقال باتيلي: “في حين أن الوضع الأمني العام ما يزال يشوبه التوتر، إلا أن وقف إطلاق النار ما يزال صامداً إلى جانب التطورات الإيجابية في مجال التعاون بين الجيش الليبي والجيش الوطني الليبي وفيما يتعلق بانسحاب المقاتلين الأجانب والمرتزقة”.

وفي 16 مارس، شارك في رئاسة الفريق العامل المعني بالشؤون الأمنية والمنبثق عن عملية برلين في لقاء حضره رئيسا أركان الجيش الليبي واللجنة العسكرية المشتركة (5+5)، وطالب فيه رئيسا الأركان دعماً دولياً لتجهيز قوة عسكرية مشتركة يُعتزم إنشاؤها لتأمين الحدود الجنوبية لليبيا، وذلك كإحدى الخطوات نحو إعادة توحيد القوات المسلحة.

وعلى هامش هذا اللقاء، التأم أعضاء لجان التواصل من ليبيا والسودان وتشاد والنيجر لمناقشة تعزيز التعاون وتبادل المعلومات حول المرتزقة والمقاتلين الوافدين من دول جوار ليبيا من الجنوب والمتواجدين في البلاد.

كما عقدت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا اجتماعاً للمراقبين الليبيين لوقف إطلاق النار من كلا الجانبين وجهات التنسيق من اللجنة العسكرية المشتركة لتسليط الضوء على احتياجات المراقبين الليبيين المتعلقة ببناء القدرات ومناقشة تفعيل مركز العمليات المشتركة التابع لهم.

وفي الفترة من 29 مارس إلى 4 أبريل، سافر باتيلي إلى السودان وتشاد والنيجر للتباحث مع قادة هذه البلدان حول كيفية تحسين ظروف عودة المقاتلين الأجانب والمرتزقة من ليبيا.

وأعربَ كل من تحاور معهم عن دعمهم لهذا الهدف مع تسليط الضوء على التحديات، بما فيها الحدود سهلة الاختراق والديناميات المحلية والوطنية في بلدانهم والدوافع المختلفة لوجود هذه العناصر المسلحة في ليبيا. ينبغي أن يتم انسحاب المقاتلين الأجانب بطريقة منسقة ومتسلسلة ومتزامنة كي لا يشكلوا تهديداً لأمن بلدانهم في المستقبل.

كما يفترض أن تسهم هذه العملية أيضاً في مكافحة الإرهاب والتنقيب غير المشروع عن الذهب والاتجار بالبشر والمخدرات وجميع أوجه الجريمة التي تنخر المناطق الحدودية.

وبالانتقال إلى حالة حقوق الإنسان، فإنه ما يزال يشوبها التوتر. فخلال الفترة التي تغطيها هذه الإحاطة، تم فرض المزيد من القيود على الحيز المدني، واعتبرت عمليات منظمات المجتمع المدني غير قانونية.

وفي 27 مارس، أصدرت البعثة المستقلة لتقصي الحقائق في ليبيا تقريرها النهائي الذي أعربت فيه عن قلقها إزاء هذا الوضع وأوصت ببذل المزيد من الجهود لمكافحة الإفلات من العقاب.

كما قدم الفريق العامل المعني بالقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان والمنبثق عن عملية برلين مجموعة من المبادئ التي تمخضت عنها حوارات حول حقوق الإنسان إلى المجلس الرئاسي لمعالجة شواغل الليبيين، وذلك في 15 مارس.

وهنا حث السلطات الليبية لأن يكونوا على مستوى التزاماتهم في مجال حقوق الإنسان، ولأن يضعوا حداً للإفلات من العقاب ويعملوا على توفير مساحة أكبر لعمل منظمات المجتمع المدني.

واختتم كلمته، منذ الإحاطة التي قدمها في 27 فبراير إلى مجلس الأمن، باتت هناك دينامية جديدة في ليبيا. فقد جرت مشاورات مكثفة بين الجهات الأمنية الفاعلة. كما اتخذ قادة المؤسسات والقادة والسياسيون إجراءات للدفع قدماً بالعملية السياسية. وحث القادة الليبيين على تلبية تطلعات الشعب لاختيار قادته هذا العام من خلال الوفاء بجميع التزاماتهم.

وقال إن المشاورات التي أجراها مع الأطراف الليبية والمواطنين وتصوراتهم تقدم ديناميكية وطنية جديدة تحتاج إلى استمرارها وتوسيع نطاقها.

كما يتعين على المجتمع الدولي أيضاً مواصلة التأهب والتيقظ لتعزيز عمل المؤسسات الليبية والجهات الفاعلة السياسية نحو الانتخابات. وينبغي على جميع الشركاء الدوليين دعم الزخم الحالي والتحدث بصوت واحد فيما يخص الشأن الليبي.

وسوف تكثف بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا تيسيرها ووساطتها من خلال المحاور المتعددة والمترابطة والمتعاضدة لنهجنا الشامل، دعماً لتحقيق جميع المتطلبات السياسية والقانونية والأمنية التي تمكن من إجراء الانتخابات هذا العام.

إن الشعب الليبي حريص على الشروع في عهدٍ جديد للسلام والاستقرار والازدهار في حياته العامة. فلنؤيدهم وندعمهم في تحقيق هذا التطلع المشروع.