حكم بوقف تنفيذ مذكرات التفاهم بين حكومة دبيبة وتركيا.. ما مصيره وهل ينفذ؟

0
125

أصدرت محكمة استئناف طرابلس، حكماً بوقف تنفيذ مذكرة التفاهم الموقعة في أكتوبر الماضي بين حكومة الوحدة الليبية والحكومة التركية، في مجالات الطاقة الهيدروكربونية.

وجاء حكم محكمة استئناف طرابلس بناءً على الطعن الذي تقدم به 5 محامين في ديسمبر الماضي ضد الاتفاقية والذي استندوا فيه إلى أن الاتفاق السياسي الذي أتت حكومة الوحدة بموجبه يمنعها من عقد أي اتفاقيات دولية.

وقال المحامون في طعنهم إن حكومة الوحدة سميت الاتفاق “مذكرة تفاهم” إلا أنه اتفاق نفطي كامل وواسع النطاق، لافتين إلى أن الاتفاقية مخالفة لعدة بنود من قانون النفط، أبرزها عدم خبرة الشركات التركية في هذا المجال، كما نصت على سرية ما ينتج من تعاون وهو ما يعد مخالفة لقانون ديوان المحاسبة.

كما أشاروا إلى أن الاتفاقية نصت على عدم تأثر الأنشطة والمشاريع الجارية بالفعل أو المنفذة ضمن الاتفاقية إذا تم إلغاءها، ما يرتب التزام على ‎ليبيا لأجل غير مسمى.

ولاقت الاتفاقية رفض واسع سواء على المستوى المحلي من الليبيين الذين اعتبروها تفريط في ثرواتهم للأتراك إلى جانب عدم شرعيتها، وعلى المستوى الخارجي لما فيها من تعدي على حقوق دول أخرى.

وعبر رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، عن رفضه لمذكرة التفاهم، مؤكداً أنها غير ملزمة للدولة الليبية.

فيما عبرت مصر واليونان، على لسان وزيرا خارجيتهما عن رفض المذكرة، مشيرين إلى أن حكومة الوحدة المنتهية ولايتها في طرابلس لا تملك صلاحية إبرام أية اتفاقات دولية أو مذكرات تفاهم.

وأمام هذا الرفض، خرج دبيبة، في لقاء مرئي ليوضح بنود مذكرة التفاهم، مبدياً في معرض حديثه عدم اهتمامه بمواقف الدول التي عارضت مذكرة التفاهم.

وقال دبيبة، إن الهدف من مذكرة التفاهم، وفق ما ورد في المادة الأولى، تعزيز وتطوير التعاون الثنائي العلمي والتقني والتكنولوجي والقانوني والإداري والتجاري بين الطرفين في مجال الهيدروكربونات، بحيث يتم تبادل المعلومات والخبرات المتعلقة بتنمية قطاعات الهيدروكربون الخاصة بالطرفين، وفي القضايا القانونية والتنظيمية، وكذا في العمليات التعاقدية، وتدريب الموارد البشرية، فضلاً عن التنظيم المشترك للمؤتمرات والندوات والمعارض، والاجتماعات الأخرى ذات الصلة، وتبادل الخبرات حول تقوية الشراكة بين القطاعين العام والخاص في كلتا الدولتين.

كما تقضي المادة الثانية من المذكرة بتعاون الطرفين في المشاريع المتعلقة بتطوير واستخدام الموارد الهيدروكربونية، والمشاريع المتعلقة باستكشاف وإنتاج ونقل وتكرير وتوزيع وتجارة الهيدروكربونات، إضافة إلى إنتاج وتجارة النفط والغاز والبتروكيماويات والمنتجات البترولية المتنوعة، وكذلك مشاركة الخبرات وتنظيم النشاطات التدريبية على هيكل سوق النفط والغاز الطبيعي، بما في ذلك الدراسات التشريعية.

 فيما تتعلق المادة الثالثة بالاستثمار، حيث اتفق الطرفان على العمل المشترك، لتعزيز الشراكات العامة والخاصة، لإنشاء مشاريع مشتركة، والحفاظ على سرية مخرجات نتائج التعاون.

ووفقاً لما عرضه دبيبة، فإن المذكرة ستدخل حيز التنفيذ من تاريخ تسلّم آخر إخطار كتابي بين الطرفين، وستبقى سارية المفعول لمدة ثلاث سنوات، يتم تجديدها لفترات متتالية ما لم يخطر أحد الأطراف بإلغائها، ويجوز إنهاء المذكرة من أي طرف في أي وقت عن طريق إعطاء إخطار كتابي مسبق بثلاثة أشهر.

وصرح المتحدث باسم حكومة الوحدة، محمد حمودة في وقت سابق بأن مذكرة التفاهم مع تركيا تأتي ضمن الاتفاقية الموقعة بين البلدين في 2019 في عهد حكومة الوفاق الوطني.

إلا أن اتفاقية 2019 هي الأخرى أصدر القضاء الليبي حكماً ببطلانها، حيث أصدرت محكمة استئناف البيضاء “الدائرة الإدارية” في يناير 2021 حكماً ببطلان قراري المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق بشأن اتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع تركيا بالإضافة إلى اتفاقية التعاون الأمني والعسكري التي وقعاها في نوفمبر 2019.

وجاء الحكم بناءً على الدعوى التي رفعت من قبل الإدارة القانونية بديوان مجلس النواب، بتوجيهات رئيسه بشأن إبطال القرارين في الشق المستعجل بإيقاف التنفيذ إلى حين الفصل في الموضوع.

واتخذت أنقرة تلك الاتفاقية الأمنية ذريعة للتدخل في ليبيا عسكرياً، وأرسلت عدد من وحداتها العسكرية إلى الأراضي الليبية لدعم حكومة السراج، كما أرسلت نحو 20 ألف مرتزق سوري، لدعم الميليشيات في طرابلس لمواجهة الجيش الوطني الليبي.

أما عن اتفاقية ترسيم الحدود، فكان الهدف منها سيطرة تركيا على ثروات الليبيين النفطية، ثمناً للحماية التي وفرتها لحكومة فايز السراج.

ورغم حكم المحكمة الليبية ببطلان اتفاقيتي حكومة الوفاق مع تركيا لم يلتزم الطرفين به، وجرى العمل بهما في تحدٍ صارخ للقضاء الليبي وانتهاك للسيادة الليبية.

وعقب وصوله إلى الحكم في مارس 2022، أعلن دبيبة، تمسك حكومته بالاتفاقيات التي وقعتها حكومة الوفاق مع تركيا زاعماً أنها تخدم مصلحة الليبيين, قائلا إنها: “أكسبتنا أراضٍ ومساحات لم نكن حصلنا عليها وأيدناها فهي نساعد ليبيا واستثماراتها”.

والسؤال المطروح الآن هل تلتزم حكومة الوحدة بحكم القضاء الليبي في حالة أصبح نهائي بشأن بطلان الاتفاقية؟ أم تتمسك بها لتوفير تركيا حماية لحكومته كما فعلت مع حكومة الوفاق السابقة.