ليبيات تنتفضن.. هل تنظر حكومة الوحدة في فرض قيودا على سفر النساء؟

0
207

حالة من الغضب انتابت كثير من الليبييات، بعد قرار جهاز الأمن الداخلي، التابع لحكومة الوحدة الوطنية، برئاسة عبدالحميد دبيبة، بفرضه على الليبيات المسافرات دون مرافق ملء نموذج بيانات، يتضمن تساؤلات حول سفرهن، وأسباب إقدامهن على ذلك دون مرافق. 

القرار أثار عاصفة من الغضب من قبل المدافعات عن حقوق المرأة، كونه يعد تضييقاً عليها، خصوصاً بعد أن بدأ تطبيق هذا الإجراء على المسافرات عبر مطار معيتيقة بالعاصمة طرابلس.

عضو ملتقى الحوار السياسي الليبي، الزهراء لنقي، قالت إن فرض هذا الإجراء يعد انتهاكاً وتمييزاً صريحاً ضد النساء من الناحية القانونية والدستورية، وأن التشريعات الليبية كافة كفلت للمرأة حق التنقل والسفر، باعتبارها مواطنة كاملة الأهلية، ومتساوية في حقوق المواطنة، بدءاً بدستور الاستقلال عام 1951، مروراً بالإعلان الدستوري المؤقت الصادر 2011، وانتهاءً بمشروع الدستور الدائم الذي أعدته الهيئة التأسيسية لصياغة الدستور عام 2017. 

وأوضحت رئيس منبر المرأة الليبية من أجل السلام، أن هذا الإجراء يصب في توجه منهجي لعودة المنظومة الأمنية القمعية، وكبت الحريات العامة، وملاحقة المجتمع المدني عبر توظيف خطاب متشدد وفتاوى تجاوزها عصرنا. 

وتابعت أن القرار يشكل أيضاً مخالفة للمذهب المالكي المعمول به في ليبيا، الذي أعطى للنساء حق السفر دوم محرم منذ العصر الأول للإسلام، داعية إلى مواجهة هذا الإجراء، خصوصاً أنه يُفترَض أن نكون على أعتاب الانتخابات نهاية العام الحالي، التي يتطلب إجراؤها مناخاً من الحريات، بدءاً من التنقل دون قيود، والتجمع لضمان نزاهة هذه الانتخابات. 

وأشارت إلى وجود حراك يشمل الحشد والمناصرة، والتحرك القضائي لإلغاء هذا الإجراء لمخالفته التشريعات. 

الأكاديمية فيروز النعاس، قالت إن هذا الإجراء يمثل تضييقاً على الحريات، وعلى نشاط المجتمع المدني، الذي تمثل المرأة المساحة الأكبر فيه، وسيؤثر في المرأة أياً كان موقعها في المجتمع، وأن هناك كثيراً من الشابات والسيدات اللواتي لا يملكن مرافقاً، نظراً لوفاة الأب أو الزوج، وانشغال الإخوة في العمل. 

وتساءلت عن الخطوات التي يتوجب عليهن اتباعها إذا أردن السفر للدراسة أو للعلاج أو لزيارة الأبناء، دون أن يؤدي ذلك للنظر إليهن بعين الشك والريبة.

وحذرت الأكاديمية من أن مثل هذا الإجراء سيكون له تأثير سلبي في وضعية المرأة عندما يحل موعد الاستحقاق الانتخابي، متسائلة: كيف نشجع على انتخاب السيدات ليكنَّ نائبات بالبرلمان، وربما وزيرات بالحكومة ونحن نقبل أن يتم التعامل معهن على أنهن غير كاملات الأهلية؟

وعبر عدد من الحقوقيين والشخصيات العامة ومنظمات المجتمع المدني عن رفضهم فرض جهاز الأمن الداخلي بحكومة الوحدة الوطنية الموقتة قيوداً على سفر المرأة بمفردها، مطالبين بإلغائه فوراً. 

وقالت 12 منظمة حقوقية في بيان مشترك، إن الجهاز يشترط على كل امرأة ليبية في حالة السفر دون مرافق تعبئة نموذج يتضمن أسئلة غير مبررة حول أسباب سفرها، وسبب غياب المرافق، وعدد مرات السفر السابقة.

ووقّع على البيان 119 شخصية، أكدت رفضها الإجراء الذي اعتبرته تمييزًا ضد النساء وتعدياً مرفوضاً على حق المرأة في حرية التنقل المكفول دستورياً.

وشدّد البيان على التطلع إلى مشاركة فعالة للمرأة الليبية في الانتخابات الوطنية المرتقبة، مضيفاً أن مثل هذه الإجراءات التمييزية تعيد السياسة التراجعية القائمة على التمييز والعنف والاضطهاد بحق النساء، وتعزز من سطوة المنظومة الأمنية وقمعها على البلاد. 

وأضافوا أن هذا الإجراء التمييزي يخالف مبدأ المساواة المنصوص عليه في الإعلان الدستوري الموقت 2011 (المادة 6، والمادة 14).

كما يخالف المادة 31 من الاتفاق السياسي، ويتعارض مع التشريعات الليبية التي كفلت للمرأة حق التنقل والسفر، باعتبارها مواطنة كاملة الأهلية، تحظى بكافة ضمانات الحق في المواطنة.

ويُعد هذا الإجراء انتهاكاً جسيماً لكل المواثيق والاتفاقيات الدولية المعنية بحقوق الإنسان وحقوق النساء، التي صادقت عليها ليبيا، بما في ذلك الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والعهد الدولي للحقوق المدنية والاقتصادية والاجتماعية، واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، والميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب، وغيرها من المعايير الدولية الملزمة لحقوق المساواة وحرية التنقل وحرية الإقامة وحرية السفر.

وطالب البيان حكومة الدبيبة بالإلغاء الفوري لهذا القرار التمييزي الذي يُهين المرأة الليبية ويمثل رِدّة وتعديًا على الحقوق والحريات الأساسية المكفولة دستورياً وقانونياً ودولياً، وضمان اتخاذ تدابير تحفظ الأمن القومي وتصون كرامة المرأة الليبية.