ترحيب دولي وتحفظ داخلي.. ماذا بعد إحاطة باتيلي بشأن الانتخابات الليبية؟

0
215
عبد الله باتيلي
عبد الله باتيلي

قدم المبعوث الأممي إلى ليبيا عبد الله باتيلي، اليوم الاثنين، إحاطة لمجلس الأمن الدولي حول تطورات الأوضاع في ليبيا والتي أعلن خلالها عن إطلاق مبادرة لإجراء الانتخابات في عام 2023.

وجاء في كلمة باتيلي أمام مجلس الأمن، أن تنفيذ الانتخابات الرئاسية والتشريعية يتطلب توافقاً وطنياً واسعاً ينطوي على التأييد والمشاركة الفاعلين لطيف أوسع من الأطراف المعنية بما في ذلك المؤسسات الوطنية، والشخصيات السياسية، والأطراف الأمنية، وزعماء القبائل وغيرهم من الفاعلين.

وأوضح أنه استنادا إلى المادة 64 من الاتفاق السياسي الليبي لعام 2015، وبناء على الاتفاقات التي توصل إليها الأطراف الليبيون في السابق، قررت إطلاق مبادرة تهدف إلى التمكين من إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية خلال عام 2023. وفي هذا الصدد، أعتزم إنشاء لجنة توجيه رفيعة المستوى في ليبيا.

ووفق باتيلي، ستعمل الآلية المقترحة على الجمع بين مختلف الأطراف الليبية المعنية بمن فيهم ممثلو المؤسسات السياسية وأبرز الشخصيات السياسية وزعماء القبائل، ومنظمات المجتمع المدني، والأطراف الأمنية الفاعلة، وممثلين عن النساء والشباب. وبالإضافة إلى تيسير اعتماد إطار قانوني وجدول زمني ملزم لإجراء الانتخابات في 2023، فإن اللجنة المقترحة سوف تمنح منصة للدفع قدما بالتوافق حول الأمور ذات الصلة، مثل تأمين الانتخابات، واعتماد ميثاق شرف لجميع المرشحين. 

الأمر أوجد ردود فعل محلية ودولية، خاصة مع أن كلام باتيلي حول فشل المؤسسات الليبية في الوصول إلى حل للخلافات المستمرة أثار حفيظة البعض. 

قال باتيلي إن أمد العملية السياسية طال أكثر من اللازم، ولم تعد هذه العملية تلبي تطلعات الليبيين الساعين إلى انتخاب من يقودهم، وإلى بث الروح في مؤسساتهم السياسية. وملخص القول، فإن صبر الليبيين قد نفد، وباتوا اليوم يشككون في إرادة ورغبة الفاعلين السياسيين الانتقاليين في إجراء انتخابات شاملة وشفافة في 2023.

كذلك حديثه عن التعديل الثالث عشر على الإعلان الدستوري لعام 2011، الذي صادق عليه مجلس النواب في 8 فبراير، وتم نشره في الجريدة الرسمية، ووصفه بأنه لا يزال بانتظار مصادقة المجلس الأعلى للدولة عليه، استمرار الخلافات بين المجلسين وفشل الوصول إلى اتفاق حول القاعدة الدستورية. 

وردت هيئة رئاسة مجلس النواب إن إحاطة المبعوث الأممي لدى ليبيا عبدالله باتيلي أمام مجلس الأمن الدولي تضمنت مغالطات بشأن فشل مجلسي النواب والدولة في إقرار القاعدة الدستورية، معتبراً ذلك تناقضا مع فقرات في الإحاطة نفسها أقرت بصدور التعديل الدستوري الذي جرى بالتشاور مع مجلس الدولة، وهو ما عبر عنه رئيس المجلس الأعلى للدولة في تصريحات تلفزيونية.

وأضاف البرلمان، في بيان الإثنين، أن إحاطة باتيلي لم تطرق إلى تعطيل انعقاد جلسة مجلس الدولة من قبل القوى القاهرة التي أفشلت الانتخابات العام 2021، وعدم إشارة المبعوث الأممي للفشل الذي لحق بباقي المؤسسات المنوط بها مهام جسام لإنجاح أي عملية انتخابية سياسية. 

ورحب المجلس بدعم المجتمع الدولي لحق الشعب الليبي في إجراء انتخابات حرة ونزيهة، وتثمين دور البعثة الأممية في هذا الصدد، أكد في الوقت نفسه الملكية الليبية للعملية السياسية، وأنها «الضامن الوحيد لإنجاح أي مبادرات في هذا الشأن، وهو ما أكدت عليه المادة 64 من الاتفاق السياسي الليبي والتي حصرت الدعوة في انعقاد لجنة الحوار لأطراف الاتفاق (مجلس النواب ومجلس الدولة) دون غيرهما من الأجسام والكيانات داخلية كانت أم خارجية».

كذلك حكومة فتحي باشاغا المكلفة من قبل مجلس النواب، انتقدت عدم ذكرها في إحاطة الممثل الخاص للأمين العام، وقالت إنها تذّكر باتيلي بأن الاتفاق السياسي الموقع في الصخيرات هو الأساس الذي تستند عليه شرعية مجلس النواب ومجلس الدولة الاستشاري، وإن الحكومة برئاسة فتحي باشاغا التي لم يأت على ذكرها باتيلي، انبثقت عن مجلس النواب بالتوافق مع مجلس الدولة، وأن المادة 64 التي استند إليها في خطته هي اتفاق الصخيرات أيضا.

وأضافت الحكومة: “وبذلك فإن محاولة تجاوز الأجسام السياسية الرسمية لا يساعد في الوصول إلى حلول ناجحة ومرضية وتضع البعثة في موقف متناقض وغير محايد”. 

وعلق عضو مجلس الدولة الاستشاري إدريس بوفايد، قائلاً إن رئيسي مجلسي النواب والدولة في ليبيا عقيلة والمشري انتهى دورهما ولن يشاورهما أو حتى يستمع إليهما أحد، وأنه إذا توحد صف القوى المدنية والعسكرية مع مقترح باتيلي قد يكون مخرجاً مجدياً للأزمة في ليبيا.

وأكد أنه من المهم أن يكون صف الوطنيين متماسكا ويفرضوا وجهة نظر عادلة بإبعاد مخاطر العسكرة والدكتاتورية مقابل التعهد بالقبول بنتائج الانتخابات.

وداخلياً أيضاً رحب تجمع الأحزاب الليبية بمبادرة المبعوث الأممي عبد الله باتيلي، التي أعلن عنها أمام مجلس الأمن الدولي أمس الاثنين، لإجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية بالتزامن في هذا العام 2023.

وشكر التجمع في بيان، احترام المبعوث الأممي لإرادة الناخبين التي تمثل أكثر من 2.8 مليون ناخبة وناخب استعدوا للإدلاء بأصواتهم منذ أكثر من عام حيث تمت المماطلة في تحقيق مطالبهم من طبقة سياسية لا تجيد إلا التسويق والتمديد لنفسها.

وأعرب تجمع الاحزاب الليبية عن دعمه المبعوث الأممي في إنشاء لجنة توجيه رفيعة المستوى في ليبيا على أن يتم هدا العمل فعلا لا قولا، الجمع فيها بين مختلف الأطراف الليبية المعنية بمن فيهم ممثلي الأحزاب السياسية المعتمدة والمرخص لها بالعمل السياسي وأبرز الشخصيات السياسية وزعماء القبائل، ومنظمات المجتمع المدني، والأطراف الأمنية الفاعلة، وممثلين عن المرأة والشباب. 

دولياً، أعلن الممثل المناوب للولايات المتحدة الأميركية لدى الأمم المتحدة، ، ترحيب بلاده بخطة المبعوث الأممي، مشيراً إلى ضرورة تطوير آلية لإدارة الإيرادات من خلال توحيد البنك المركزي في شرق وغرب البلاد.

وقال السفير روبرت وود: “متفقون بنسبة 100% على ضرورة مساعدة باتيلي، لأن خطته تدعم المسار الوحيد الذي يقود الليبيين إلى السلام والمتمثل في إجراء الانتخابات.. حان الوقت الآن لاستعادة الزخم. تؤيد الولايات المتحدة إجراء الممثل الخاص باتيلي وبعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا لمعالجة العملية الانتخابية بشكل مباشر من خلال آلية تمكين الانتخابات التي تيسرها الأمم المتحدة والتي ستضمن حل المشكلات التي تعترض طريق الانتخابات في ليبيا”. 

وأكدت فرنسا دعمها الكامل لمقترح باتيلي، داعية إلى تشكيل حكومة جديدة لضمان إجراء هذا الاستحقاق في جميع أنحاء البلاد والسيطرة على حدودها.

وقالت نائبة الممثل الدائم لفرنسا لدى الأمم المتحدة، القائمة بالأعمال بالوكالة ناتالي برودهورست أمام مجلس الأمن، إن ليبيا وشعبها يستحقون أفضل من المأزق الذي حكمت به عليهم طبقتهم السياسية، ومن دولة تعمل فيها القوات الأجنبية والمرتزقة والميليشيات على تجذير وجودها وتشديد قبضتها في تحدٍ لسيادة ليبيا وسلامتها واستقرارها ووحدتها. 

وفي نفس السياق، أكد نائب مندوبة دولة الإمارات لدى الأمم المتحدة، السفير محمد بوشهاب، دعم دولة الإمارات لمبادرة المبعوث الأممي إلى ليبيا لإجراء الانتخابات في 2023.

وأكد بوشهاب، دعم بلاده للجنة التي يعتزم باتيلي، تشكليها من ممثلي المؤسسات السياسة وأهم الشخصيات السياسية وقادة القبائل ومنظمات المجتمع المدني لوضع خارطة طريق لإجراء الانتخابات في 2023، قائلاً إن المبادرة تستلزم دعم المجتمع الدولي بعيداً عن التجاذبات السياسية والتشاور مع الليبيين بخصوصها، مع ضرورة الاستمرار في الدفع بمسار المصالحة الوطنية مؤكداً دعم بلاده للمجلس الرئاسي واللجنة الإفريقية رفيعة المستوى بالخصوص.

ورحب مندوب روسيا لدى مجلس الأمن بالمبادرة، مؤكداً أن بلاده تؤيد جهود المبعوث الأممي عبد الله باتيلي، داعياً إلى ضرورة عدم التسرع في تنظيم الانتخابات لضمان نجاحها، وأن تحقيق السلام في ليبيا يحتاج لجهود منسقة من كافة الأطراف الدولية المعنية، مع ضرورة إنشاء آليات لحل المشكلة الليبية دون إشراك الليبيين أمر غير فاعل. 

وأوضح أن العملية السياسية في البلاد تراوح مكانها منذ عام ونيف وهو أمر مرتبط بازدواجية المؤسسات، مشدداً على أن ضمان نجاح الانتخابات يكمن في إشراك جميع القوى في ليبيا بما فيها السلطات السابقة.

وحذر مندوب روسيا من أن أي تسرع لإنجاز الانتخابات في ظل وجود القوى الأجنبية داعياً إلى سرعة إخراج تلك القوى من البلاد بشكل متزامن ومتزن.

المجموعة الأفريقية في مجلس الأمن الدولي، أكدت دعمها هي الأخرى لخطة الممثل الخاص للأمين العام، وطالبت بدور أكبر وإشراك الاتحاد الأفريقي في الجهود الجارية لتسوية الأزمة الليبية.

وجددت الدول الأفريقية التأكيد على موقفها بضرورة أن تكون العملية السياسية بملكية وقيادة ليبية، مشيدة بسعي باتيلي لمعرفة وجهات نظر الليبيين من مختلف أطياف المجتمع وكذلك الشركاء الإقليميين والدوليين لرسم المسار الأنسب للمضي قدما مع الحفاظ على روح العملية السياسية.