صمت الأطراف الليبية يثير تساؤلات حول تعيين مبعوث أممي جديد.. لماذا؟

0
179
هانا تيتيه

أثار تعيين الدبلوماسية الغانية هانا سيروا تيتيه مبعوثة خاصة للأمين العام للأمم المتحدة ورئيسة لبعثة الأمم المتحدة في ليبيا تساؤلات واسعة، خصوصاً مع غياب أي رد فعل رسمي أو تعليق من الأطراف الليبية الرئيسية على هذا التطور حتى الآن. 

والتزمت كافة الأطراف الليبية بالصمت حيال القرار الذي جاء بعد استقالة المبعوث السابق عبد الله باتيلي، وسط ترحيب واضح من الاتحاد الأوروبي، الذي أعرب عن دعمه الكامل لجهود الأمم المتحدة في ليبيا وسعيها لتقريب وجهات النظر بين الأطراف المختلفة عبر حوار شامل يؤدي إلى حل سياسي دائم.

والجمعة، أشاد الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، بقيادة عبد الله باتيلي خلال فترة عمله في ليبيا وبجهود نائبته ستيفاني خوري التي تولت قيادة البعثة مؤقتاً. 

وأعرب غوتيريش عن تفاؤله بتعيين هانا تيتيه، مبرزاً خبرتها الطويلة في العمل الدولي والإقليمي، حيث شغلت مناصب بارزة مثل المبعوثة الخاصة لغوتيريش في منطقة القرن الأفريقي، ورئيسة مكتب الأمم المتحدة لدى الاتحاد الأفريقي. 

كما تولت مناصب وزارية في بلادها غانا، بما في ذلك منصب وزيرة الخارجية بين عامي 2013 و2017، بالإضافة إلى إسهاماتها في العديد من الملفات الدولية، بما في ذلك دورها كميسرة مشاركة في المنتدى رفيع المستوى لإحياء اتفاقية حل النزاع في جنوب السودان.

كما لم تعلق أي جهة أيضاً على دعوة بعثة الأمم المتحدة السلطات الليبية إلى اعتقال آمر جهاز الشرطة القضائية، أسامة نجيم، الذي يواجه اتهامات خطيرة تتعلق بارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب، وذلك استناداً إلى مذكرة توقيف صادرة عن المحكمة الجنائية الدولية. 

وطالبت البعثة بإعادة التحقيق في هذه الجرائم لضمان المساءلة الكاملة، أو تسليم نجيم للمحكمة الجنائية الدولية، تماشياً مع إحالة مجلس الأمن للوضع في ليبيا، وذلك بعد أيام من إفراج السلطات الإيطالية الإفراج عنه بعد يومين من توقيفه، حيث حظي باستقبال حافل في مطار معيتيقة بطرابلس. 

وأعلنت البعثة الأممية أيضاً عن اتفاق الفريق الفني المشترك، المكون من ممثلي المؤسسات العسكرية والأمنية الليبية في الشرق والغرب، على مشروع لإنشاء مركز مشترك لتأمين الحدود ومكافحة الإرهاب والهجرة غير النظامية.

ظ

وأوضحت أن المركز يهدف إلى تعزيز التعاون وتبادل المعلومات بين القطاعات المختلفة، مما يسهم في تحسين التنسيق الأمني ومواجهة التحديات التي تهدد استقرار البلاد والمنطقة. 

وأكد مسؤول شعبة المؤسسات الأمنية في البعثة أن المركز يمثل شراكة فعالة بين المؤسسات الليبية لتحقيق أهداف مشتركة تتعلق بأمن الحدود ومكافحة الإرهاب.

ويبقى غياب التعليق الرسمي من الأطراف الليبية على تعيين هانا تيتيه تساؤلاً كبيراً، حيث يعكس هذا الصمت استمرار حالة الانقسام السياسي في البلاد.

ويظل التحدي الأكبر هو توحيد المواقف الداخلية وتحقيق توافق وطني يضمن استقرار ليبيا وينهي أزماتها المتفاقمة.

غير أن هناك توقع آخر، يقول إن الأطراف الليبية لا تعوّل كثيراً على دور البعثة الأممية في تحقيق انفراجة حقيقية للأزمة، خاصة في ظل استمرار تبني نفس النهج من قبل البعثة رغم تغيير المبعوثين. 

وبحسب مراقبون، يتعامل الليبيون مع البعثة باعتبارها طرفاً غير قادر على تجاوز حالة الانقسام السياسي والمؤسسي التي تعاني منها البلاد، ما أدى إلى تآكل الثقة في قدرتها على فرض حلول عملية أو الضغط على الأطراف المتنازعة لتحقيق تقدم ملموس.

وهانا سيروا تيتيه تعتبر المبعوثة العاشرة التي تتولى قيادة البعثة الأممية منذ إنشائها في عام 2011، ما يعكس مدى تعقيد الأزمة الليبية التي استعصت على الحلول الأممية طوال هذه الفترة. 

ورغم الخبرات الكبيرة التي تمتلكها تيتيه، فإن التحديات الهيكلية في المشهد الليبي، إلى جانب استمرار الانقسامات الدولية حول الملف الليبي، تجعل من مهمتها واحدة من أكثر المهام تعقيداً وصعوبة.