كشف صندوق النقد الدولي عن معوقات بالجملة في الاقتصاد الليبي عقب مشاوراته مع مصرف ليبيا المركزي، ضمن مشاورات المادة الرابعة لعام 2025، وأصدر مجموعة من التوصيات تهدف إلى إصلاح الاقتصاد الليبي وتحفيز النمو وتحقيق الاستقرار المالي للدولة، لكن تبقى التساؤلات حول مدى قدرة ليبيا على تنفيذ هذه التوصيات في ظل التحديات السياسية والاقتصادية الراهنة.
صندوق النقد الدولي دعا لتوحيد الميزانية بهدف تعزيز الشفافية وضبط الإنفاق، ويصعب تنفيذ هذه التوصية حالياً بسبب استمرار وجود الحكومتين المتنافستين في البلاد واستمرار الانقسام بين المؤسسات المالية والسياسية في الشرق والغرب، ما يتطلب اتفاق سياسي شامل أولاً ووجود حكومة جديدة موحدة في البلاد.
ودعا الصندوق إلى إصلاح نظام الدعم تدريجيًا، ومراجعة دعم الأجور والطاقة بشكل منتظم، وهذه خطوة حساسة اجتماعيًا، نظرًا لاعتماد شريحة واسعة من المواطنين على الدعم، والاحتجاجات مرجحة في حال تطبيقها قبل تحسين مستوى الدخل.
وأوصى صندوق النقد بتوسيع الإيرادات غير النفطية، وتنشيط مصادر دخل بديلة عبر تطوير الضرائب والرسوم، وهذه التوصية قابلة للتطبيق جزئيًا، لكنها تحتاج بنية إدارية قوية وجهاز رقابي فعّال، وهو ما يعاني من ضعف واضح حاليًا.
كما أوصى صندوق النقد الدولي بتقليص الفجوة بين سعر الصرف الرسمي والسوق الموازية مع إلغاء تدريجي لضريبة النقد الأجنبي وتخفيف قيود التحويلات، وهذه النقطة ممكن تنفيذها تقنيًا إذا استقر الإنتاج النفطي وزادت احتياطيات النقد الأجنبي، لكنها مرتبطة بالاستقرار السياسي والسوق النفطية العالمية.
ودعا الصندوق إلى إطار عمل واضح للسياسة النقدية وتحديد سعر فائدة مرجعي، وإصلاح نظام الفائدة وتحديث أدوات السياسة النقدية، وتنفيذ هذه النقطة صعب حالياً في ظل غياب سوق دين حكومية متطورة وتشريعات مصرفية متماسكة، بالإضافة إلى غياب أدوات السياسات التقليدية.
كما دعا إلى تعزيز الشمول المالي والتحول نحو الدفع الإلكتروني، وتشجيع الحد من تداول النقد وزيادة الثقة في القطاع المصرفي، ويمكن تنفيذ هذه النقطة تدريجيًا مع استمرار المصرف المركزي في سياساته الأخيرة، لكن يتطلب استقرار أمني وبنية تحتية تكنولوجية واسعة.
وأوصى الصندوق بتطوير الإطار القانوني لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب لتأمين استقرار العلاقات مع المصارف الأجنبية، وهذه النقطة تجد صعوبة في تنفيذها لاسيما في ظل استمرار الأوضاع السياسية غير المستقرة ووجود الميليشيات في غرب ليبيا لكن وارد تنفيذها بجهد تشريعي وسياسي واضح، خاصة مع وجود ضغط دولي في هذا الملف.
كما أوصى بتحفيز القطاع الخاص وتنويع الاقتصاد، ومعالجة العراقيل أمام الشركات وتطوير بيئة الأعمال، وتنفيذ هذه التوصية صعب في المدى القصير بسبب ضعف سيادة القانون وغياب الاستقرار الأمني، لكنه ممكن على مراحل إذا تحقق توافق سياسي.
وأوصى أيضاً بتحسين الحوكمة ومكافحة الفساد، واعتماد الشفافية في الإدارة العامة، ويتطلب تنفيذ هذه التوصية إرادة سياسية حقيقية وبيئة تشريعية صارمة، ومازال التقدم محدود في هذا المجال رغم بعض الخطوات الرمزية.
ويرى مراقبون أن توصيات صندوق النقد الدولي تضع خريطة طريق واضحة لتعافي الاقتصاد الليبي، لكنها تصطدم بعقبات سياسية وأمنية وهيكلية، وتنفيذها يتطلب بداية استقرار سياسي حقيقي، وإرادة إصلاحية جادة قبل أي حلول اقتصادية مستدامة.
- المشير حفتر يفتتح عددا من المشروعات التنموية والخدمية في مرزق
- هيئة مكافحة السرطان تعلن شفاء 4 آلاف مريضا في ليبيا
- مسؤلون بحكومة الوحدة يلتقون بالوفد الأمريكي على متن السفينة “يو إس إس ماونت ويتني”
- اندلاع 4 حرائق جديدة “مجهولة” بمدينة الأصابعة الليبية
- ليبيا.. الأرصاد تحذر من رياح مثيرة للأتربة على الشمال الغربي غدا