معبر رأس جدير.. توتر متجدد يعكر صفو العلاقات بين ليبيا وتونس

0
123

تصاعدت حدة التوتر بين ليبيا وتونس في الأيام الأخيرة بسبب التطورات التي شهدها معبر رأس جدير الحدودي، ما أدى إلى اعتقالات متبادلة بين الطرفين، وسط اتهامات متبادلة بشأن التهريب وانتهاك القوانين الحدودية.

بدأت الأزمة مع احتجاز السلطات التونسية لعدد من الليبيين بتهمة تهريب مواد غذائية مدعومة، أبرزها قضية المواطن الليبي وسيم شكمة، الذي حكم عليه بالسجن لمدة 5 سنوات بسبب نقله مادة “الكسكسي”، بالإضافة إلى ثلاثة ليبيين آخرين واجهوا أحكامًا بالسجن لمدة عامين لحيازتهم “المعكرونة”.

في المقابل، قامت السلطات الليبية باحتجاز عدد من التونسيين، متهمةً إياهم بتهريب الوقود والبضائع من ليبيا، مما أدى إلى احتقان شعبي في المناطق الحدودية.

استجابةً لتصاعد التوتر، أوفدت حكومة الوحدة الوطنية الليبية لجنة لمتابعة أوضاع الليبيين المحتجزين في تونس، حيث التقت بالمسؤولين التونسيين وأكدت على وجود تعاون لمعالجة القضايا العالقة. ونتيجة لذلك، تم الإفراج عن أربعة موقوفين ليبيين، فيما تستمر الجهود لمتابعة باقي المحتجزين.

كما أفرجت السلطات التونسية عن 49 موقوفًا ليبيًا، لكنها رفضت إطلاق سراح شخصين آخرين لمواصلة التحقيقات.

في الوقت نفسه، دعا نواب تونسيون إلى فرض المعاملة بالمثل، وطالبوا بفتح تحقيق في الانتهاكات التي يتعرض لها المواطنون التونسيون في معبر رأس جدير، مشيرين إلى تعرضهم لما وصفوه بـ”الإذلال والابتزاز”.

ويعد معبر رأس جدير شريانًا حيويًا للتجارة بين البلدين، حيث يُقدر أن 80% من حجم التبادل التجاري بين ليبيا وتونس يمر عبره. إلا أن التفاوت في الأسعار بين البلدين جعل من عمليات التهريب أمرًا شائعًا، حيث تهرب السلع المدعومة من ليبيا مثل الوقود والسكر والدقيق إلى تونس، في حين يتم تهريب بعض المنتجات التونسية إلى ليبيا بسبب نقصها في السوق الليبية.

وشهد المعبر في السنوات الأخيرة عمليات إغلاق متكررة بسبب التوترات الأمنية والسياسية، وكان آخرها بين مارس ويوليو من العام الماضي، ما أثر سلبًا على سكان المناطق الحدودية الذين يعتمدون على التجارة العابرة للحدود كمصدر رئيسي للدخل.

ويشعر أهالي المناطق الحدودية في تونس وليبيا بالقلق من تداعيات هذه الأزمة على حياتهم اليومية، خاصة أن القرارات المتعلقة بإغلاق المعبر تؤدي إلى اضطراب النشاط التجاري وارتفاع الأسعار. كما يخشى مراقبون أن يؤدي التوتر المتزايد إلى التأثير على التنسيق الأمني بين البلدين، في وقت تحتاج فيه ليبيا إلى استقرار حدودها الغربية لمواجهة التحديات الأمنية والاقتصادية.

ويرى خبراء أن الحل يكمن في تطوير آلية واضحة لتنظيم التجارة بين البلدين، مع ضبط عمليات العبور والحد من التهريب بطريقة قانونية، مع الحفاظ على العلاقات التاريخية والاجتماعية بين الشعبين. السؤال الأهم الآن: هل تستطيع الحكومتان إيجاد حل يُحافظ على استقرار المعبر الحدودي، أم أن الأزمة ستتصاعد لتؤدي إلى إجراءات أكثر صرامة تُضر بمصالح الشعبين؟