هل نجح نظام المقايضة في علاج أزمة المحروقات في ليبيا؟

0
128

تعيش ليبيا أزمة خانقة بفعل ارتفاع تكلفة فاتورة استيراد المحروقات، التي بلغت 750 مليون دولار شهرياً خلال عام 2025، مما يعكس حجم التحديات الاقتصادية والسياسية التي تثقل كاهل البلاد. 

ويكشف هذا الرقم الكبير غياب التخطيط الاستراتيجي والرؤية الواضحة لدى حكومة الوحدة لإدارة الموارد، وهو ما أدى إلى أزمات متراكمة تُضاف إلى مشهد اقتصادي هش، لم تنجح سياسات عبدالحميد دبيبة في معالجة آثاره.

وفي محاولة للتغلب على هذه الأزمة، لجأت الجهات المعنية إلى نظام المقايضة كحل مؤقت لتأمين إمدادات المحروقات، خاصة مع تأخر تسييل الميزانيات المخصصة من قبل الجهات المالية الرسمية، وهي خطوة استثنائية، جاءت في ظل غياب تمويل مرن يضمن استمرارية تأمين الاحتياجات الأساسية.

ويعد نظام المقايضة ليس جديداً على ليبيا، إذ تم استخدامه منذ أعوام مضت، لكنه أثار انتقادات واسعة بسبب غياب الشفافية وضعف البيانات الرسمية التي توضح جدواه أو آثاره الفعلية، حيث تسبب في تشوهات مالية كبيرة انعكست على الاقتصاد بشكل عام.

وتشير تقارير رقابية إلى أن تكلفة هذا النظام تجاوزت 41 مليار دينار خلال السنوات الماضية، دون تسجيلها بشكل رسمي في الحسابات العامة، بالإضافة إلى ذلك، ظهرت فجوات مالية واضحة نتيجة تصدير شحنات نفط خارج الإطار المالي الرسمي، وهو ما أدى إلى تسجيل إيرادات نفطية غير معلنة تقدر بمليارات الدولارات.

وتثير الزيادة الملحوظة في فاتورة المحروقات، التي تضاعفت من 4 إلى 9 مليارات دولار سنوياً، تساؤلات حول أسباب هذا الارتفاع غير المبرر، وهو ما اعتبره مراقبون انعكاساً لضعف الرقابة وسوء التخطيط، مؤكدين أن جزءً كبيرًا من الإنفاق يذهب نتيجة التهريب والمتاجرة في السوق السوداء.

كما أشارت بيانات رسمية إلى أن كميات المحروقات المستوردة عبر نظام المقايضة في عام 2023 بلغت 9.21 ملايين طن متري، تشمل بشكل أساسي البنزين والديزل، ورغم ذلك، لا تزال التساؤلات مطروحة حول سبب ارتفاع التكاليف بشكل غير منطقي مقارنة بمعدلات الاستهلاك السابقة التي لم تتجاوز 400 مليون دولار شهريًا.

وحذر خبراء وتقارير من أن استمرار الاعتماد على نظام المقايضة قد يؤدي إلى تفاقم الأزمة بدلًا من حلها، وبالتالي يكمن في تبني نظام مالي شفاف يتيح تتبع الأموال وكميات المحروقات المستوردة، مما يعزز الثقة في قدرة الدولة على إدارة مواردها بشكل أكثر كفاءة، ويبقى السؤال: هل يمكن تبني سياسات أكثر كفاءة وشفافية لإدارة الموارد وإعادة الثقة إلى المواطن الليبي؟