مسجد زاوية الدهماني في طرابلس بلا كهرباء.. والأوقاف: لا نملك المال للصيانة

0
317

قبل أن يوشك الشيخ علي أبوبكر قدور، إمام مسجد زاوية الدهماني في العاصمة طرابلس، الخطبة يوم الجمعة، توجه إلى المصلين بطلب جمع التبرعات صيانة شبكة الكهرباء للمسجد والتي تصل تكلفتها إلى 40 ألف دينار ليبي لأن المسجد بدون كهرباء لأكثر من أسبوعين.

ورفع الشيخ قدور يديه قبل أن يؤم بالمصلين مناجيا أهل المنطقة أغنياء وتجار وقادرين أن يهبوا لمساعدة بيت من بيوت الله.

وقال: “هذا بيت الله وأنتم تصلوا هنا فعليكم أن تقدموا يد المساعدة له. لا تتركوه يا أخوة”.

وذكر الشيخ قدور، الذي شغل منصب وزير أسر الشهداء والمفقودين في حكومة الدكتور علي زيدان في عام 2014، أنه تم التواصل مع هيئة الأوقاف في حكومة الوحدة، برئاسة عبدالحميد دبيبة ولكن كان الرد أنهم لا يملكون المال لصيانة شبكة كهرباء المسجد.

وأضاف: “تواصلنا مع هيئة الأوقاف وللأسف قالوا أنهم لا يملكون المال لصيانة الكهرباء، مشيراً إلى أن “المسجد بدون كهرباء لأكثر من أسبوعين يا إخوة” هذا ما قاله الشيخ قدور وغلب صوته الحزن والحسرة.

وهذا ما أثار حفيظة بعض المصلين حيث قال أحدهم “لن نتردد في صيانة مسجدنا ولكن كيف الأوقاف ليس لديها مال وهي قد اشترت (ازبون ) – ملابس تقليدية رجالية – كلفت الدولة قرابة المليون دينار”.

ونشر ديوان المحاسبة الليبي نهاية العام الماضي تقريره السنوي وكشف عن مستندات وصفها “بالتصرف المخالف” للهيئة العامة للأوقاف والشؤون الإسلامية لشراء ملابس تقليدية باهظة الثمن متمثلة في 1366 بدلة عربي تقليدية بقيمة 700 ألف دينار، منح منها 19 بدلة لمتسابقين في مسابقات حفظ وتجويد القرآن الكريم، والباقي وزعت على موظفي الهيئة بالمخالفة.

وقال مصلي أخر ” من أين لي يا بيت الله، مرتبي متأخر منذ شهرين” ووضع يديه على وجهه.

وبصوت غاضب ووجها جامح قال أحد المصلين “الأقربون أولى بالمعروف نحن لا نبخل على بيت الله ولكن الحكومة أعطت تركيا خمسين مليون دولار، ليس حتى دينار وهيئة الأوقاف تعجز عن أربعين ألف دينار!”.

هذا وقد أعلنت نجلاء المنقوش وزيرة خارجية حكومة دبيبة، مع نظيرها التركي الاسبوع الماضي منح ليبيا خمسين مليون دولار كدفعة اولى لإعادة إعمار تركيا بعد تعرضها إلى زلزال في مؤتمر صحفي مع نظيرها التركي مولود شاويش اوغلو.

تسبب إعلان المنقوش عن مساعدة تركيا، دون الإفصاح عن مساعدة سوريا التي تأثرت هي الاخرى بدمار كبير بسبب الزلزال، في غضب الشارع الليبي حيث انتقدوا الحكومة في المبالغة في الرقم الممنوح إلى تركيا بالرغم من تأخر الرواتب في ليبيا وانقطاع علاج مرضى الاورام والامراض المزمنة الاخرى , والاكتفاء بإرسال مساعدات عينية إلى سوريا.

يقول محللون أن فترة حكم دبيبة قد تكون الفترة الأكثر فسادا للمال العام في تاريخ ليبيا القديم والحديث حيث تقوم الحكومة بالإنفاق دون الحصول على ميزانية من البرلمان وهو الأمر الذي يعد غير قانوني.

قالت منظمة الشفافية الدولية في شهر فبراير إن ضعف مؤسسات الدولة والصراع الداخلي وعدم الاستقرار هو السبب في تصنيف ليبيا ضمن الدول الأكثر فسادا في العالم حيث احتلت ليبيا المرتبة 171 من بين 180 دولة، بينما كانت تحتل المرتبة 170 سنة 2016.

وأثناء الدخول للمسجد يلاحظ أن كل الأضواء معتمة وأن الأذان يرفع عبر مكبرات الصوت التي تعمل من خلال مولد كهربائي، الذي يحتاج إلى صيانة دورية ومادة الديزل لتشغيله بحسب الشيخ قدور.

تعاني ليبيا من انقطاع في التيار الكهربائي منذ سقوط نظام العقيد الراحل معمر القذافي ما اضطر الليبيين لشراء مولدات كهربائية لتشغيلها بمادة الديزل التي تباع في سوق السوداء بسعر أعلى بخمس مرات من شركة البريقة الحكومية المسؤولة عن توزيع الوقود بأسعار مدعومة من الحكومة، ولكن بسبب سيطرة المليشيات المسلحة وتهريب الوقود لا يستطيع المواطن الحصول عليها بسهولة.

وما أنتهى المصلين من صلاة الجمعة حتى بدء العديد منهم بالتقدم نحو محراب المسجد حيث جلس الشيخ قدور وهو يمد رجليه ووضع كلا منهم ما يستطيع من مال واكتفى هو بشكرهم والدعاء لهم.

ووقف بعض المصلين في باحة المسجد بعد الانتهاء من الصلاة لتبادل أطراف الحديث عن معاناتهم اليومية من تأخر رواتب وارتفاع الأسعار دون حلول عاجلة من الحكومة التي عجزت عن صيان ة مسجد بالرغم من أن البلد عضو في منظمة الأوبك وأن تصدير النفط أصبح نقمة أكثر من كونه نعمة تعاد بالنفع على الوطن والمواطن.