يبدو أن جماعة الإخوان المسلمين بدأ في لملمة نفسها من جديد، فبعد سنوات من الانشقاق فيما بينهم، بعدما لفظتهم دول عدة على رأسهم مصر وتونس ورفضوا جودهم، عادوا من جديد لترتيب الصفوف، من أجل البدء في جولة جديدة من حربهم الكبيرة التي أشعلوها منذ سنوات في المنطقة العربية.
جبهة إبراهيم منير، التي تمثل بقايا جماعة الإخوان المشتتة في أوروبا، قررت بالإجماع تعيين المدعو صلاح عبد الحق، قائما بأعمال مرشد عام الإخوان، حيث جاء تعيين عبد الحق، بعد محاولات عديدة لـ لم شمل جناحي الإخوان المتصارعين، خاصة وأن جناح محمود حسين كان رافضا لأي محاولات لسيطرة شخص آخر على مقدرات الجماعة.
تلك المحاولة لجمع شتات الجماعة وتجميع قواها مرة أخرى، بمثابة قبلة الحياة التي إما أن تؤتي بثمارها، أو تُكمل على ما تبقى منها وتُنهي وجود الإخوان نهائيا، فالصدع الذي أصاب جدران الجماعة والشقاق بين قاداتها المتفرقين بين البلدان، والاختلاف على منصب المرشد، كتب نهايتها وقضى على آمال مؤيديها.
وبعد الاستقرار على منصب المرشد العام لجماعة الإخوان، تأتي الخطوة الأهم، من أين تبدأ الجماعة من جديد؟ فهم يرون أن البداية الجديدة لا يمكن أن تكون في بلاد الغرب، فتأثيرهم هناك ضعيف، ومحاولاتهم بائسة، لذلك فإن خارطة العالم العربي ستُفتح وسيعاد النظر تموضع الجماعة بالمنطقة.
ليبيا إحدى المحطات الهامة، التي بالتأكيد سترغب جماعة الإخوان في البدء منها وجعلها نقطة الانطلاق الجديدة لهم، فما زال فلول الجماعة يسيطرون بطريقة أو بأخرى على الأوضاع في غرب ليبيا، من خلال دعم الميليشيات المسلحة وتعظيم شأنها، بالإضافة إلى دعم الحكومة منتهية الولايات التي تسيطر على مقاليد الأمور هناك.
الدولة الليبية لجماعة الإخوان، بمثابة الخزينة الممتلئة بالأموال التي لا يمكن التفريط فيها، في ظل تدهور الوضع المادي للجماعة بعد مصادرة أموالها في عدة دول، ومن ليبيا أيضا ترى الجماعة أنها ستتمكن من التوسع في كلا من مصر وتونس، ففي مصر بات وضع الجماعة بائسا، خاصة وأن وجودهم أصبح مرفوضا على المستوى الشعبي ولا يوجد أي مؤيدين لها.
أما في تونس، فبعد أن سيطرت الجماعة لسنوات على الأوضاع هناك، هي الآن تلتقط أنفاسها الأخيرة في ظل الهجمة الشرسة لمعاقلها من قبل النظام الحاكم هناك، فضلا عن حملات الرفض الشعبي التي تُشن عليها وعلى أنصارها، لذلك فإن دولة ليبيا الجارة، هي المكان المناسب للعودة والانطلاق والتوغل في تونس.