2022 عام ملئ بالأحداث في ليبيا، أوضاع أمنية غير مستقرة، واقتصاد متأثر بجائحة كورونا، وسلة غذائية تعاني نتيجة الحرب الروسية الأوكرانية، وفوق ذلك كله، أجواء سياسية ملتهبة، أشعلتها حكومة الوحدة الوطنية المتمسكة بالسلطة حساب استقرار البلاد، ومهما كلفها من دماء الليبيين.
عام كامل من انهيار العلاقات الدبلوماسية بين ليبيا ودول الجوار، وأقحمت حكومة الوحدة الدولة الليبية، في نزاعات كانت في غنى عنها، في وقت مازال الوضع الداخلي متأزم، والأزمات تحيط بالبلاد من كل جانب، فخسرت ليبيا حلفاء أقوياء وتاريخيين لها بفعل سياسة دبلوماسية عقيمة وتبحث عن مصالح شخصية.
دفع موقف حكومة الوحدة الوطنية تجاه بعض الأوضاع إلى خسارة الجارة الشرقية لليبيا مصر، بعدما أبرمت اتفاقيات غير قانونية مع تركيا، سمحت لها باستمرار تواجدها في البلاد، بل وأعطتها الضوء الأخضر للبحث التنقيب في أماكن بالبحر المتوسط، قد تمس بسيادة مصر ومناطقها الاقتصادية.
تلك الاتفاقيات، أدت إلى الدخول في صدام مباشر أيضا مع اليونان وقبرص، فكلتا الدولتين بموجب اتفاق حكومة دبيبة والنظام التركي، سيفقدان جزءا من مناطقهم الاقتصادية بالبحر المتوسط، وهو ما سيعيد صراع خمد قريبا بينهما وبين تركيا، حول البحث والتنقيب عن الثروات البحرية.
مصر اتخذت أولى خطواتها، بإعلانها عدم الاعتراف بحكومة الوحدة، بالإضافة إلى التنسيق مع اليونان في رفض توقيع تلك الحكومة في ليبيا لاتفاقات طاقة وتنقيب عن الغاز والنفط مع تركيا.
واتفقت الدولتان على التنسيق بينهما للرد على هذه التصرفات، وأكد الجانبان أن حكومة الوحدة المنتهية ولايتها في طرابلس لا تملك صلاحية إبرام أية اتفاقات دولية أو مذكرات تفاهم.
فكان رد دبيبة على هذا الأمر عجيبا، فقال: “لا يهمنا رأي الدول التي تعارض اتفاقيتنا مع تركيا، ولن نتنازل عن حقنا في المياه الإقليمية جنوب جزيرة كريت، وقد بدأوا التنقيب فيها”، في إشارة منه إلى اليونان.
موقف عبد الحميد دبيبة من تركيا معروف ومفهوم سببه، فهو يمثل الحكومة التي فقدت كل شرعية لها في تلك البلاد، كما فقدت شعبيتها، وهو يعلم علم اليقين، أن الشعب الليبي ينتظر الشرارة التي ستقصيه هو وحكومته من رأس السلطة، لذلك كان لزاما عليه النظر إلى الماضي والبحث عن الحليف القديم للغرب الليبي، حتى لو حساب خسارة دول أخرى.
انتهكت السيادة الليبية في عهد حكومة دبيبة على مدار عام 2022، بعدما بدأت تلك الحكومة مسلسل أخر من التفريط في حقوق الليبيين، وتسليمهم لدول أجنبية، ومحاكمتهم في دار الغربة داخل المحاكم الغربية، دون أن ترى في ذلك عيبا أو انتهاك لسيادة دولة كبيرة بحجم ليبيا، كان لها ثقلها الإقليمي والدولي.
فسلمت حكومة الوحدة المواطن بوعجيلة مسعود، في صفقة جديدة، ولكن هذه المرة مع الأمريكان، ومازاد الأمر ألما، أن من ألقى القبض عليه في الأساس واحتجزه، هم الميليشيات غير النظامية، التي يعتمد عليها دبيبة في تأمين نفسه وحكومته، والهدف من تلك الصفقة بالتأكيد هو كسب ثقة الولايات المتحدة الأمريكية من أجل دعمه للبقاء في المنصب.
ووفقا لما نشرته صحيفة الجارديان، أن اتفاق التسليم لم يتوقف عند بوعجيلة مسعود فقط ضمن قضية تفجير لوكربي التي أغلقت رسميا بالاتفاق بين الجانب الأمريكي والليبي، فقد شمل الاتفاق تسليم رئيس جهاز المخابرات السابق، عبد الله السنوسي، بعد توجيه تهم له بالتدبير لتلك العملية.
تراجعت حكومة الوحدة الوطنية عن إتمام الجانب الأخر من صفقة التسليم، وأجلت مؤقتا تسليم عبد الله السنوسي للسلطات الأمريكية، بعدما زادت وتيرة الاعتراضات ونزل المواطنين إلى الشارع للاحتجاج على النهج الذي انتهجته حكومة الوحدة في تسليم المواطنين الليبيين لحاكمتهم خارج بلادهم.