القاعدة الدستورية.. خلاف يعطل آمال الليبيين

0
162
عقيلة صالح وخالد المشري
عقيلة صالح وخالد المشري

يظل إتمام ملف القاعدة الدستورية للانتخابات الليبية عائقاً أمام الحل السياسي في ليبيا، لوحود خلافات بين مجلسي النواب والدولة الاستشاري.

ويحتل ملف القاعدة الدستورية صدارة المناقشات في جلسة مجلس النواب الليبي القررة غداً الاثنين، خاصة بعد تصويت مجلس الدولة الاستشاري على قرار يمنع ترشح العسكريين ومزدوجي الجنسية للرئاسة بما يتناقض مع الشروط الواردة في القانون الصادر عن مجلس النواب.

وبذلك تدخل الأزمة الليبية مرحلة جديدة نتيجة فقدان الأمل في تحقيق اتفاق عملي بين الفرقاء، وفي ظل غياب أي أفق للتوافق بين مجلسي النواب والدولة حول شروط الترشح للتنافس على رئاسة البلاد.

برز مفهوم “القاعدة الدستورية” كحل بديل تقام على أساسه الانتخابات والانتقال لمرحلة جديدة، بعد تعثر محاولات طرح مسودة الدستور الجديد للاستفتاء بسبب الخلافات حول مضمونها واعتراض “المكونات الثقافية” عليها.

ونشأ الخلاف “قاعدة دستورية” بعد تعطل الاستفتاء على مسودة الدستور، وذلك انتهاء اللجنة التأسيسية لصياغة الدستور من إعدادها عام 2017.

وتتلخص أسباب تعثر الاستفتاء على مسودة الدستور حينها، في ثلاثة أسباب، أولها الخلاف الذي نشب بين أعضاء الهيئة نفسها حول طريقة التصويت على المسودة ولجوء بعضهم للقضاء.

والسبب الثاني هو اعتراض المكونات الثقافية (الأقليات) على عدم تضمنها مواداً تنص حقوقهم اللغوية والثقافية صراحة، أما السبب الثالث فيتمثل في رفضها من قبل نشطاء في برقة، خاصة من المؤيدين للتيار الفيدرالي، إلا في حال إجراء الاستفتاء عليها في كل إقليم على حدة خشية من المغالبة بسبب أن غالبية سكان ليبيا من خارج الإقليم.

ودفعت حالة الانسداد التي انتهى إليها المسار الدستوري بكل أشكاله حالياً إلى بروز المطالبات بتفعيل دستور النظام الملكي الذي يعود لاستقلال البلاد عام 1951، وهي مطالب اكتسبت زخماً إضافياً خاصة في الفترة الأخيرة بعد انتقال الحوار حولها من الشارع إلى أروقة مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة.

ويرتبط إتمام الانتخابات الليبية بإتمام القاعدة، حيث حثت الأطراف الدولية الفرقاء الليبيين على تبني إطار دستوري تجري على أساسه تلك الانتخابات.

ورعت مستشارة الأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا حينها، ستيفاني ويليامز، اجتماعات القاهرة بين مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة، للاتفاق على قاعدة دستورية للانتخابات، تم الاتفاق على نحو 140 مادة خلافية، لكن دون التوصل إلى اتفاق نهائي.

وبحسب الاتفاق بين مجلسي النواب والدولة، برعاية أممية، عام 2021، يضع مجلس النواب القاعدة الدستورية ثم يرسلها إلى المجلس الأعلى للدولة (المنبثق عن اتفاق الصخيرات) للموافقة عليها ومن ثم ترسل إلى هيئة الانتخابات للتنفيذ.

ويتمحور الخلاف بين المجلسين تحديداً حول شروط الترشح لمنصب الرئاسة الواردة في القاعدة الدستورية، فالنواب يريدون إبقاء باب الترشح مفتوحاً أمام الجميع، بينما غالبية أعضاء المجلس الأعلى للدولة، يصرون على شرط عدم السماح لمزدوجي الجنسية بالترشح، وذات الشرط بالنسبة للعسكريين، إلا بعد مدة لا تقل عن سنة من الاستقالة من وظائفهم العسكرية.

وتتباين وجهات نظر مجلس النواب ومجلس الدولة الاستشاري حول شكل القاعدة الدستورية نفسها، فبينما يعتبرها الأول بمثابة مسودة معدلة لمشروع الدستور الحالي يجب الاستفتاء عليها قبل الانتخابات، يرى الثاني أن الأولوية الحالية هي لإجراء الانتخابات على أساس “القاعدة الدستورية” المزمع الاتفاق بشأنها، دون الحاجة للاستفتاء على مسودة الدستور في المرحلة الحالية.

ويخص التعديل 12 مسودة الدستور التي يريد مجلس النواب طرحها بالكامل للاستفتاء، بينما يعتبرها مجلس الدولة “قاعدة دستورية مؤقتة” لا يحب أن ينسحب تعديلها (رقم 12) على مسودة الدستور الأصلية التي يفترض طرحها للاستفتاء كما هي.

ويرى مراقبون، أنه في حال استمرار الخلاف بين مجلسي النواب والدولة
فإنه من المحتمل تدخل المجلس الرئاسي، عبر اعتماد قاعدة دستورية في مرسوم رئاسي لتنظيم الانتخابات، بما قد يتسبب في المزيد من تعميق الهوة بين الفرقاء.