كانت ليبيا دولة حرة مستقلة وذات سيادة وغنية بالنفط، حتى جاءت ثورات الربيع في عام 2011 وفقدت ليبيا كل شيء، وأصبحت مرتع للتنظيمات المتطرفة والاحتلال الأجنبي.
البداية كانت عقب أحداث فبراير عام 2011، والتي اتخذها الاحتلال ذريعة للتدخل في ليبيا، فبعد خروج الليبيين للشوارع لإسقاط نظام معمر القذافي، سرعان ما تحولت المظاهرات إلى مواجهة عسكرية، كما شهدت المنظومة العسكرية الليبية انشقاقات في صفوفها وانضمت للمتظاهرين.
ومع تصاعد أعمال العنف والمواجهات العسكرية أذنت الأمم المتحدة للمجتمع الدولي في 17 مارس 2011، بالقيام بعمل عسكري بهدف حماية السكان، وهو ما شكل بالتالي دعماً لمعارضي القذافي، وبعد يومين فقط من القرار الأممي، بدأت الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا الغارات الجوية ضد قوات القذافي وفي 31 مارس، تولى حلف شمال الأطلسي “الناتو” قيادة العمليات العسكرية في ليبيا.
استمرت هجمات “الناتو” على ليبيا حتى نهاية أكتوبر 2011، والتي تزامنت مع مقتل معمر القذافي على قوات المعارضة في مدينة سرت.
مع توقف “الناتو” عن هجماته في ليبيا ظن البعض أن الوضع سيهدأ ويعاد بناء الدولة من جديد، إلا أن الميليشيات المسلحة التي ولدت من رحم أحداث فبراير فتحت أبواب البلاد لمحتل من نوع آخر وهو التنظيمات المتطرفة.
وفي عام 2012 تأسس تنظيم أنصار الشريعة التابع لتنظيم القاعدة، ثم تسلل بعدها تنظيم داعش إلى الأراضي الليبية، حتى أعلن التنظيم في عام 2014 إنشاء ثلاثة فروع، برقة في الشرق، فزان في الصحراء جنوبا، وطرابلس في الغرب.
وفضلاً عن ذلك سيطرت جماعة الإخوان المتطرفة والمصنفة كجماعة إرهابية في العديد من الدول على المشهد السياسي في ليبيا وتحالفت مع الميليشيات المسلحة والتنظيمات المتطرفة للاستحواذ على السلطة.
انتفض الجيش الوطني الليبي في وجه الإرهاب وأطلق عملية “الكرامة” في مايو 2014 لتطهير البلاد من الجماعات المتطرفة.
ومع دحر الجيش الوطني الليبي الميليشيات والجماعات المتطرفة وحصارها في غرب ليبيا، لجأت جماعة الإخوان للأتراك وفتحت أبواب البلاد لمحتل آخر لتقوية شوكتها والميليشيات الموالية لها في مواجهة الجيش الليبي.
وعقدت حكومة الوفاق التي كانت تسيطر عليها جماعة الإخوان في أواخر عام 2019 اتفاقية أمنية مشبوهة مع تركيا والتي اتخذتها الأخيرة حجة خرقت بها القرار الأممي القاضي بمنع توريد الأسلحة إلى ليبيا وسيطرت على القواعد العسكرية في غرب ليبيا.
لم يكن المحتل التركي ليضحي بأبنائه في ليبيا، فاستغل حاجة أبناء سوريا التي دمرتها ثورات الربيع وراح يستأجر شبابها كمرتزقة للقتال ضد الجيش الوطني الليبي مقابل 2000 دولار شهرياً للمرتزق الواحد وبالطبع دفعت الفاتورة من أموال الليبيين.
وجلب المحتل التركي حوالي 20 ألف مرتزق سوري للأراضي الليبية، ورغم توقيع الفرقاء الليبيين اتفاق وقف إطلاق النار في أكتوبر 2020 لايزال يتواجد ما يقرب من 7000 مرتزق في الغرب الليبي.