على مدار سنوات خاب رهان الليبيين على حكوماتهم المتعاقبة، منذ أحداث فبراير 2011، والتي خابت جميعها في تحقيق الآمال والتطلعات وما قامت من أجله الثورة وسالت من أجله الدماء.
فقط مزيد ممن نزيف الاقتصاد وتبديد الثروات وتمكين للفساد والميليشيات وإتاحة الشرعية للاحتلال، وانهيار للبنية التحتية، وتزايد الفوضى الأمنية، وانهيار المؤسسات الصحية في البلد الغنية بالنفط.
على مدار 11 عاماً، تعاقب على الليبيين حكومات عدة، بدأت بتأسيس المجلس الوطني الانتقالي الليبي في مارس عام 2011، الذي كان بمثابة الجهة التنفيذية الأولى لثورة فبراير التي أطاحت بنظام القذافي، واستمر حتى أكتوبر 2012 برئاسة محمود جبريل ليكون نواة الحكم الأولى بعد الإطاحة بالنظام السابق.
كانت أولى محطات الفشل، مع الحكومة الانتقالية برئاسة عبد الحميد الكيب، والتي استمرت لمدة عام واحد في الفترة من نوفمبر 2011 إلى نوفمبر 2012، ولم تنجز أي شيء، لتأتي بعدها حكومة علي زيدان والتي وافق عليها المؤتمر الوطني العام، واستمرت حتى عام مارس 2014.
وخلال تلك المدة تزايدت سطوة الميليشيات بعد تعهدات عدة بحصر السلاح في يد الدولة، ولكنهم جعلوا منها يداً لهم في وجه الجيش الوطني الليبي، جيش الدولة، بل ومارسوا خطط ممنهجة لإسقاطه، لكن الإرادة الوطنية حالت دون ذلك.
في مارس 2014 تم انتخاب عبد الله الثني رئيساً للحكومة الشرعية من قبل مجلس النواب، الذي اتخذ من طبرق مقراً له بعد الانفلات الأمني في العاصمة الليبية، وسطوة ميليشيات فجر ليبيا على الأوضاع وحصار مجلس الوزراء وحرق المطار.
واستمرت الأمور تدار من الشرق لكن من يسمع؟ ومن ينفذ؟ لتدخل البلاد في مزيد من الفوضى وسيطرة الجماعات الإرهابية على الأوضاع، لتدخل البلاد في مرحلة تسوية جديدة عول الليبيون عليها ووضعوا فيها آمالهم، لكنها انتهت إلى حكومة مكنت هي الفساد في فترة من أصعب فترات ليبيا، حكومة الوفاق ورئيسها فايز السراج في 8 أكتوبر 2015.
عقدت التسوية برعاية الأمم المتحدة في الصخيرات، لكن على مدار 5 سنوات، أبرمت الحكومة اتفاقيات لتبديد ثروات الليبيين الغالبية منها لصالح تركيا، فاستحوذوا على الجمارك والموانئ وانتهت باتفاقيتين لترسيم الحدود البحرية والتعاون الأمني، في نوفمبر 2019، دخلت بموجبها قوات الاحتلال إلى غرب ليبيا، ناهيك عن دعم سياسات تحرير سعر الصرف للدينار مقابل الدولار الأمريكي.
وهناك مجموعة من الأرقام تؤكد ما فعلته حكومة الوفاق والحكومات المتعاقبة من 2011، ففي 2012 شكلت أنشطة استخراج النفط والغاز الطبيعي والمُنتجات النفطية حوالي 72% من الناتج المحلى الإجمالي الليبي، قرابة 41 مليار دينار ليبي، قبل أن يتضرر القطاع وفقًا لآخر إحصاءات مُعلنة، فانخفض إلى 9.7 مليارات دينار في عام 2014.
كذلك صادرات النفط والتي بلغت في عام 2019 حوالي 27.7 مليار دولار، بعدما كانت في أعلى معدلاتها في عام 2012 عند مستوى 57.9 مليار دولار، لتبدأ بعدها في التراجع إلى أدنى مستوياتها على الإطلاق في عام 2016 وذلك بما يُعادل 6.3 مليارات دولار فقط.
وخلال عهد حكومة السراج، تم تمكين الشركات التركية من عقود إعادة الإعمار، وتعويضها عن المشروعات المعطلة من 2011، ففي نهاية عام 2010 بلغ عدد المشروعات التي نفذتها شركات المُقاولات التُركية في ليبيا 529 مشروعًا من إجمالي 5910 مشاريع تركية في الخارج، بقيمة 187.6 مليار دولار.
ومنحت حكومة السراج تركيا تعويضًا عن خسائرها، فأبرمت معها اتفاق تعويض مبدئي من حكومة السراج بقيمة 2.7 مليار دولار عن أعمال نُفّذت في ليبيا خلال عهد القذافي، كان من المفترض أن يسددها الأخير قبل حرب 2011، وذلك مع الإبقاء على قضايا التحكيم الست المنظورة أمام غرفة التجارة الدولية دون التنازل.
وفي اتفاق أعلنت أنقرة تفاصيله، قدم السراج خطاب ضمان بمليار دولار إلى جانب 500 مليون دولار عن الأضرار التي لحقت بالآلات والمعدات، إضافة إلى ديون غير مسددة بقيمة 1.2 مليار دولار.
كما أُعلن عن نية تُركيا استكمال تأخيرات الأعمال التركية المتعاقد عليها في ليبيا، والتي تأخرت بفعل الحرب وتصل قيمتها إلى 16 مليار دولار، بما في ذلك ما بين 400 و500 مليون دولار لمشروعات لم تبدأ حتى الآن.
كما جرى توقيع عقود جديدة لمشروعات مثل محطات طاقة ومشاريع إسكان ومراكز تجارية، لعل أبرزها إعادة إسناد بناء نحو 5 آلاف منزل في العاصمة طرابلس لخمس شركات من بينها ثلاث شركات تُركية واثنتان محليتان، على أن تقوم الشركات التركية ببناء 3050 منزلاً.
الحال لم يختلف كثيراً في حكومة الوحدة الوطنية، ورئيسها عبد الحميد دبيبة، والذي اختاره ملتقى الحوار السياسي الليبي، ضمن خارطة طريق أقرتها الأمم المتحدة في 5 فبراير 2021 في مدينة جنيف.
بداية القصيدة كفر، فقدم ميزانية غير منطقية رفضها مجلس النواب، ولم يحرك ساكناً تجاه سعر الصرف، وبدد الأموال تحت بند التنمية، كذلك استغلها في دعايته الانتخابية للرئاسة الليبية، والذي كان السبب الأول في عرقلتها، حيث خالف تعهداته والقانون.
وعلى مدار أشهر، ظهرت أزمة لأول مرة في تاريخ ليبيا، فغرقت شوارع طرابلس بمياه الأمطار، وتأخر الكتاب المدرسي وارتفع سعر الخبز أكثر وتوقفت رواتب الجيش وغيرها من الأزمات، ناهيك عن إقراره بقاء قوات الاحتلال في غرب ليبيا.
ليتدخل مجلس النواب في محاولة لوضع حد لنزيف الثروات، فدعا لتشكيل حكومة جديدة برئاسة فتحي باشاغا، اختاره الخميس الماضي، 10 فبراير 2022، لكن تظهر بوادر أزمة كبيرة في الآفق مع تمسك دبيبة بالسلطة ورفضه التسليم، والتعامل مع الحكومة الجديدة أنها مؤامرة… وبذلك أصبح المعرقل داعياً للاستقرار والانتخابات.
وهكذا تظل آمال الليبيين معلقة على حكومة تنتشلهم من غيابات الفوضى وانهيار المؤسسات وسيطرة الإخوان وتوغل الميليشيات، ويبقى السؤال: متى؟
- مؤسسة النفط الليبية: لم نتأخر يوماً في تحويل الإيرادات للمصرف المركزي
- “المنفي” يؤكد أهمية دور أعيان ومشايخ ليبيا لإنجاح مشروع المصالحة الوطنية
- 5 دول غربية تدعو لـتطوير “خارطة طريق” لإجراء الانتخابات الليبية
- في اليوم العالمي لمكافحة العنف ضد المرأة.. هل تعمل شرطة الأداب لصالح نساء ليبيا؟
- بعثة الاتحاد الأوروبي تدعو البرلمان الليبي لإقرار قانون مكافحة العنف ضد المرأة
- ارتفاع كبير في أسعار السلع الغذائية الأساسية في ليبيا
- مباحثات ليبية أمريكية لتنمية القطاع الخاص بالمنطقة الجنوبية
- البعثة الأممية تحذر من “خطاب الكراهية” في ليبيا وتدعو لميثاق إعلامي
- طقس ليبيا.. أجواء باردة والحرارة تصل لـ 16 درجة
- البعثة الأممية في ليبيا ترحب بإعلان نتائج الانتخابات البلدية
- المنفي يطالب مجلس النواب الليبي بإقرار قانون المصالحة دون إجراء تعديلات
- “مالية الوحدة”: مؤسسة النفط الليبية لم تحل إيراداتها إلى المصرف المركزي
- المنفي يبحث مع السفير الفرنسي مستجدات العملية السياسية في ليبيا
- السايح: انطلاق انتخابات المجموعة الثانية للمجالس البلدية في 25 يناير المقبل
- ليبيا.. دبيبة يبحث مع المبعوث الألماني ملف الهجرة غير الشرعية