مراحل عدة مرت بها حياة وزير داخلية الوفاق، فتحي باشاغا، جميعها مركزة في اتجاه واحد، وهو الاستحواذ على السلطة، حتى لو تطلب الأمر خيانة بلده أو مواصلة الخضوع للاحتلال التركي وتغيير المبادئ والمواقف.
“رجل بلا مبدأ”.. تنطبق هذه المقولة على فتحي باشاغا، رجل ميليشيات مصراته، هكذا تراه الأطراف الإقليمية وحكومة الوفاق ذاتها، والتي عينته في أكتوبر 2018، لضمان السيطرة على الميليشيات هناك.
وُلد فتحي علي عبد السلام باشاغا، في 20 أغسطس 1962 في مدينة مصراتة، ليبيا، تخرَّج من الكلية الجوية برتبة مُلازم ثان طيار مقاتل واختُير ضمن 5 ضُباط للاستمرار بتدريب الطلبة بعد اجتيازه لدورة التدريب وبقي فيها إلى أن استقال من السلاح الجوي عام 1993.
بدأ التاجر حياته في الاستيراد، لكنه عاد للواجهة بعد قيام أحداث فبراير 2011، لثورة الليبية 2011، تشكلت وقتها اللجنة القضائية وهي اللجنة التي استدعت الضباط العاملين والمُستقيلين لتكوين لجنة عسكرية وكان أحد أعضاء المجلس العسكري لمصراتة.
واتخذ باشاغا من المجلس العسكري لمصراته، ستاراً لتنسيق عمليات الناتو في ليبيا، فقدم المعلومات وإحداثيات القوات الليبية، وأهم المرافق الاستراتيجية ليتم قصفها أولاً بأول، فهو مسؤول مكتب المعلومات وتقديم الإحداثيات، الأمر الذي أسهم في تدمير البنية التحتية الليبية.
بالإضافة إلى كونه آمراً وممولاً لكتيبة المرسي، التي شاركت في تهجير سكان تاورغاء في 2011، وفي الهجوم على بني وليد في 2012، وفي عملية فجر ليبيا في 2014 وفي عمليات القوة الثالثة بالجنوب.
عين باشاغا عضواً بمجلس شورى مصراته في 2012، إلى أن تم انتخابه نائباً في البرلمان الليبي في 2014، لتبدأ رحلة جديدة، بدأت بانضمامه إلى قائمة مقاطعي الجلسات بقرار جماعة الإخوان المسلمين والجماعة الليبية المقاتلة.
لم يفطن رجل جماعة الإخوان أن مؤهلاته الضعيفة والتي لا تزيد عن كونه حاصلاً على دورة تدريبية في برامج الميكروسوفت، ودورات أخرى لا تؤهله للعمل السياسي، لكنه كعادته تاجراً يبيع ذمته للأعلى سعراً.
ومنذ انطلاق عمليات الجيش الليبي لتحرير طرابلس، تورط باشاغا في الدفع بعناصر إرهابية لجبهات القتال، بالتزامن مع استجداء التدخل التركي إلى ليبيا، وضرورة الدفع بقوات لصد ضربات الجيش الليبي ضد الميليشيات المتطرفة، التي زادت من الأوضاع الأمنية سوءاً في العاصمة.
ولم يستطع باشاغا طوال مدة توليه حقيبة داخلية الوفاق ضبط الحالة الأمنية في الغرب الليبي، بل تفاقم الأمر لاستغلال المرتزقة السوريين الذين دفعت بهم تركيا إلى ليبيا للدفاع عن الوفاق، في عمليات الاغتيال والخطف وسرقة وترويع الآمنين.
ومع وجود تحركات دولية للتمهيد لفترة انتقالية تكون فيها حكومة فايز السراج خارج الصورة، بدأ باشاغا في سلسلة جولات مكوكية لدول المختلفة، لتقديم نفسه بديلاً لفايز السراج، وتحديداً لقطر وتركيا وتونس وغيرهم الكثير، وتمادى لدرجة أنه دخل في صدام مع رئيس المجلس الرئاسي فور وقوع مظاهرات في طرابلس مطالبه برحيل الحكومة، دفعت بالسراج لإيقافه عن العمل.
لعب باشاغا خرج إلى العلن، وبعدما كان يتبنى خطاباً عدائياً ضد أطراف إقليمية على رأسها مصر وفرنسا، غير من خطابه وأجرى زيارات لكلا الدولتين، في خطوة اعتبرها مراقبون ترويج لنفسه رئيساً للحكومة الانتقالية المقبلة.
وبالفعل تأكدت نوايا باشاغا مع طرح اسمه بين المرشحين لرئاسة الحكومة الانتقالية في ملتقى الحوار الليبي، والذي انتهي الأسبوع المنقضي، بالاتفاق بمقترحات لهياكل السلطة الجديدة.
ودعمت جماعة الإخوان المسلمين تحركات باشاغا في هذا الشأن، حيث وفرت له غطاءاً إعلامياً متمثلاً في شبكة الرائد، ذراع حزب العدالة والبناء الإعلامي، فهو النائب السابق بالحزب في مصراتة، ويحظى بعلاقات قوية مع تركيا وبريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة الأمريكية.
وتولى رجال جماعة الإخوان في ملتقى الحوار، مسؤولية الترويج والحشد لباشاغا، وعلى رأسهم نزار كعوان، ومنصور الحصادي وماجدة الفلاح، وتولوا جميعاً عملية التفاوض بشأن باشاغا في المشاورات الجانبية.
وذكرت تقارير، أن هناك ثمة وعود من رئيسة البعثة الأممية في ليبيا بالإنابة ستيفاني وليامز، بشأن أن يكون باشاغا رئيساً للحكومة المقبلة، وأنها تدفع في هذا الشأن.