عودة باشاغا “رجل تركيا”.. كيف كرس أردوغان ازدواجية السلطة في طرابلس؟

0
300

لا يمكن تجاوز إعلان حكومة الوفاق الليبية عودة وزير داخليتها المفوض فتحي باشاغا إلى منصبه دون الحديث عن كواليس هذا القرار، الذي يكشف عن تكريس ازدواجية السلطة في غرب ليبيا، تحت قيادة رئيس المجلس الرئاسي فايز السراج وحليفته تركيا القوة الفاعلة والرئيسية في هذه المنطقة، بعد إعلانها إرسال قوات إلى ليبيا في يناير الماضي.

ولم يعد مصدر السلطة الوحيد في غرب ليبيا خاصة بعد التدخل التركي في ليبيا، هو المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الليبية، بل صار مقسما بين جبهتين، الأقوى متمثلة في وزير داخلية الوفاق فتحي باشاغا والثانية في رئيس حكومته فايز السراج.

أول من يدعم هذا التحليل، هو الموكب المهيب لوزير الداخلية المفوض فتحي باشاغا فور عودته من تركيا إلى ليبيا، وهو يتنقل بين شوارع ومناطق العاصمة طرابلس، وكأنه الحاكم الفعلي للغرب الليبي، في وقت لم يمر على قرار توقيفه من قبل المجلس الرئاسي أيام قليلة.

ولم تكن زيارة باشاغا إلى تركيا، كسابقتها من الزيارات الرسمية التي خاضها بصحبة وزراء الوفاق أو بدونهم؛ فهى الأخرى كانت تكريس لثنائية السلطة، حيث صاحبتها تقارير عديدة تشير إلى إنها جاءت دون تنسيق مع فايز السراج في تحد واضح لسلطة الحكومة، حيث أجرى باشاغا اجتماعات ومباحثات لم يكشف عن تفاصيلها مع المسؤولين الأتراك .

ولم يمضِ أسبوع واحد على هذه الزيارة، حتى عاد باشاغا إلى موقعه، ليتضح بما لا يدع مجالا للشك الدور التركي في تحريك ما تشهده حكومة الوفاق من تطورات، والأدق تحديد من يبقى ومن يرحل داخلها، إذ تحاول أنقرة أن يكون لها النفوذ الأقوى داخل هذه الحكومة التي كان لها الفضل في استدعائها إلى ليبيا.

تكريس ازداوجية السلطة لم يقف عند التدخل التركي المثير للاستفزاز في قرارات الحكومة وفرض باشاغا ليكون وزيرا للداخلية رغما عن السراج، فبخلاف الاستقبال الرسمي والمهيب الذي حظى به وزير الداخلية الموقوف عند وصوله العاصمة الليبية، كان المشهد الذي سبق عودته مثير للاستغراب ويكشف عن نفوذ هذا الرجل وسيطرته على قطاع كبير من الميليشيات المسلحة التابعة لحكومة الوفاق.

ووسط حصار ميليشياته التابعة لمصراته، بدأ مشهد التحقيق الهزلي للوزير الموقوف بشأن التجاوزات التي ارتكبت بحق المتظاهرين، فيما أظهرت الصور الملتقطة بمحيط مقر حكومة الوفاق بالعاصمة طرابلس، بما لا يدع مجالا للشك أن نفوذ ميليشيات باشاغا لا تقل قوة عن الأجهزة الأمنية التابعة لرئيس حكومة الوفاق.

وجاء صمت الأجهزة الأمنية التابعة لحكومة الوفاق، عن الحصار الذي فرضته الميليشيات التابعة لباشاغا، ليكشف بشكل واضح ثنائية السلطة وتناقضها الداخلي، فعلى الرغم أن الأخير موقوف عن العمل وتم تحويله للتحقيق، لكن يرى مراقبون أن قوة باشاغا الفردية أصبحت أقوى من سلطة الوفاق وهو ما ظهر في المسرحية الهزلية التي نتج عنها “عودته إلى منصبه “.