إحدى أخطر المدن على أمن واستقرار ليبيا، يتحصن بها عدد كبير من الميليشيات المسلحة، وتشتهر بمعقل جماعة الإخوان المسلمين، هي مدينة “مصراته” التي أصبحت الآن منصة نفوذ الأتراك في ليبيا.
باتت مصراته “شبح” يهدد أمن واستقرار ليبيا بشكل خاص ودول الشمال الإفريقي بشكل عام، فقد تحولت المدينة لـ”قبلة” للمرتزقة الذين ترسلهم تركيا باستمرار لقتال الجيش الليبي.
“مصراته” هي مدينة ليبية تقع في غرب البلاد وكان لها دور كبير في اسقاط نظام العقيد الراحل معمر القذافي، وتمكنت الجماعات الإرهابية من تنظيم الإخوان والقاعدة، من السيطرة على المدينة منذ عام 2011 واستطاعت تشكيل شبكات معقدة تعتمد على تسليح الميليشيات والمال السياسي الفاسد وتغذية الانتماء العرقي، حيث تم استبعاد الأغلبية العربية وبسط المتشددون نفوذهم على الرغم من رفض الأهالي لتلك التنظيمات.
وتورطت كتائب ومليشيات مسلحة في مدينة مصراته في ارتكاب جرائم بحق مدن ليبيا بأكملها وأبرزها جريمة “تاورغاء” التي هجر على إثرها الالاف النساء والأطفال والشيوخ من مدينتهم، وذلك بسبب اتهامات واهية وجهتها مليشيات مصراته لأهالي مدينة تاورغاء التي دمرت عن بكرة أبيها.
منذ إعلان تركيا التحالف مع حكومة الوفاق في طرابلس وتوقيعها اتفاقية أمنية في ديسمبر الماضي، استغل الأتراك مدينة مصراته المنعزلة عن محيطها المحلي بسبب الجرائم التي ارتكبها ميليشياتها بحق المجتمع الليبي، وجعلتها مركزاً لاستقبال المرتزقة السوريين الذين تجاوزت أعدادهم الـ 16 ألف مقاتل بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان.
واتفقت أنقرة مع حكومة الوفاق على إمكانية استخدام تركيا لقاعدتين عسكريتين في ليبيا، الأولي هي قاعدة الوطية الجوية، والثانية قاعدة مصراته البحرية، وهو الأمر الذي أحدث ردود فعل غاضبة في الأوساط الليبية، وبخاصة شرق وجنوب البلاد.
وقال المتحدث باسم الجيش الليبي اللواء أحمد المسماري، مؤخراً، إن تركيا بدأت بتحويل مدينة مصراته إلى قاعدة لإدارة عملياتها وللانطلاق نحو منطقة الهلال النفطي، حيث اتخذت منشآت حيوية في المدينة لتمركز الميليشيات المسلحة، وأرسلت لها المعدات والقوات، مضيفاً أنها تواصل بالتوازي مع ذلك تعزيز تواجدها العسكري في قاعدة الوطية الجوية.
وأظهرت صور أقمار صناعية نشرتها وسائل إعلام محلية تواجد طائرات Bayraktar-TB2 المسيرة في مصراته قبل أسابيع، والتي لعبت دوراً كبيراً في المعارك الأخيرة دعماً للوفاق في وجه الجيش الليبي، وهو ما يثبت بحسب محللين أمنيين أن الملاجئ التي تم إنشاؤها حديثاً في جنوب القاعدة الجوية بمصراته تستخدم من قبل شركة بيرقدار التركية التي يملكها صهر الرئيس التركي.
ومنذ أسابيع استقبلت مصراتة وزير الدفاع التركي، خلوصي آكار، ورئيس أركانه، ياشار غولار، الذين وصلا على متن مروحية عسكرية تركية إلى الكلية الجوية بمصراته وكان في استقبالهما وزير داخلية الوفاق فتحي باشاغا، وعدد من الضباط الأتراك، قبل أن يزور غرفة العمليات التركية المشرفة على العمليات العسكرية، وتشغيل الطيران المسير، وقام بجولة تفقد فيها عناصر الجيش التركي بالغرفة.
وجاءت زيارة الكاتب الفرنسي برنارد ليفي لمصراته السبت الماضي مع مسؤولين بما تسمى حكومة الوفاق، حاملة معها تكهنات كثيرة حول توقيتها وأسبابها، غير أنها أثارت غضبا شعبياً وصل حد إطلاق النار صوب موكبه.
ويرتبط اسم ليفي بشبح الدمار والخراب الذي صاحب حراك فبراير 2011 في ليبيا وعلاقاته التي وثقها هو نفسه بالصور والمؤلفات بالتنظيمات الارهابية المسلحة، كما أنه من أكثر داعمي مسارات انهيار الدولة في ليبيا والدول العربية الأخرى التي شهدت تحركات شعبية متزامنة.