يا صيف برداً وسلاماً.. ليبيا بين “مطرقة” طرح الأحمال و”سندان” عجز شبكات الكهرباء

0
467
شركة الكهرباء الليبية
شركة الكهرباء الليبية

مليارات مهدرة، شبكات متهالكة، وحكومة منتهية ترفض تسليم السلطة، وهي في الأساس مهترئة لم تفعل شيئاً سوى مزيد من الانهيار.

في النهار لم يجد الليبيون من يخفف عنهم حرارة الجو التي وصلت لـ 43 درجة، وفي الليل عتمة تنتشر فيها السرقات وينعدم الأمن، وأيضا تطاردهم حرارة الجو.

الحال في المدن الليبية لا يختلف كثيرا بينها، حتى أن المنطقة الشرقية والتي تنعم باستقرار نسبي في الطاقة، أكدت الشركة العامة للكهرباء فقدان أكثر من 50% من قدرات التوليد بمحطات الإنتاج في المنطقة الشرقية.

وأوضح الشركة، أن ذلك جراء تأثرها بنقص إمدادات الوقود الناتجة عن إقفال عدد من الحقول النفطية وتوقفها عن الإنتاج، مشيرة إلى أنها تسعى لربط مدينة طبرق على الشبكة المصرية للتخفيف من حدة ساعات طرح الأحمال التي قد تفوق الـ8 ساعات يوميا.

وفي ليبيا الغنية بالنفط، تلقت شركة الكهرباء رسالة من شركة سرت لإنتاج النفط والغاز بشأن توقف إمدادت محطات الوقود بالغاز جراء توقف حقول تابعة لها عن الإنتاج بسبب امتلاء الخزانات جراء الإقفال وإيقاف تصدير النفط، مؤكدة أن توقف إمدادات الوقود يقوض القدرة الإنتاجية إلى أكثر من النصف بالجناح الشرقي للشبكة الكهربائية.

وقدر مسؤول بالشركة قدرات التوليد المتاحة حاليا بالمنطقة الشرقية بنحو 810 ميجاوات من أصل 1870 ميجاوات بالمنطقة الشرقية كانت متاحة قبل أن تضطر الشركة إلى تخفيض الإنتاج بسبب نقص إمدادات الوقود لمحطات التوليد، داعيا المواطنين إلى الاستعداد لأحمال أقل من 50% في المنطقة الشرقية لو توقف ضخ الغاز بالكامل لمحطات التوليد هناك.

الحكومة تريد حصر أزمة الكهرباء في توقف الإمدادت غاضةً الطرف عن المشكلة الفعلية وهي تهالك المحطات وسرقة خطوط الكهرباء وتآكلها.

متناسية أنها أعلنت في يناير الماضي، عن نفقاتها خلال العام 2021 والتي بلغت 75 مليار دينار ليبي من إجمالي 85 مليار تم تخصيصهم لميزانيتها، من بينها أكثر من 20 مليار في الباب الثالث من الميزانية الخاص بالتنمية، من ضمنهم 2.7 مليار لدعم مشاريع الكهرباء.

ورغم إعلان الحكومة عن إنفاق مبالغ ضخمة لدعم مشاريع الكهرباء، يعاني المواطنين في ليبيا من أزمة انقطاع التيار الكهربائي والتي تصل في بعض الأماكن إلى 12 ساعة في اليوم.

وبداية الشهر الجاري، اعترف رئيس حكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها، عبد الحميد دبيبة، بأن بداية موسم الصيف الجاري شهدت تفاقماً في أزمة الكهرباء.

وزعم دبيبة وجود ثلاثة محاور لحل هذه الأزمة، الاول يتمثل في قصور الشركة العامة للكهرباء في إنتاج الكمية المطلوبة لتضاهي الاستهلاك المرتفع، فيما يتمثل المحور الثاثي في معاناة الشركة من أزمة إدارية وحاجتها إلى إعادة تقييم وهيكلة، ويمثل إنشاء محطات جديدة ثالث هذه المحاور.

وأوضح الدبيبة أن الحكومة خططت لتنفيذ ثماني محطات جديدة ولم تنفذ منها سوى اثنتين أو ثلاث ولا تزال هناك حاجة إلى أربع أو خمس محطات.

ودعا إلى استغلال ما أسماها الفرصة التاريخية بشأن ارتفاع أسعار النفط والغاز والعمل على فتح كل حقول وموانئ النفط.

وفي ظل حالة من الضجر كبيرة على مواقع التواصل الاجتماعي، قال رئيس المؤسسة الليبية للاستثمار السابق وأستاذ الاقتصاد محسن الدريجة إنّ قدرة ليبيا على إنتاج الكهرباء كافية لاستهلاكها حيث أنّ هناك 3 محطات تحت الإنشاء ستجعل هناك فائض في الانتاج.

وأوضح الدريجة عبر فيسبوك، أنّ مشكلة الكهرباء تكمن في صيانة المحطات الموجودة وشبكة نقل الكهرباء، موضحا أنّه في عام 2020 قامت مجموعة من المختصين من منظمات التنمية الألمانية والأمريكية والأمم المتحدة مع مجموعة من الشركة العامة للكهرباء بدراسة وضع الكهرباء في ليبيا.

وبرر مسؤول بإدارة الإعلام بالشركة العامة للكهرباء بنغازي، أزمة طرح الأحمال لساعات كبيرة، قائلاً: “طرح الأحمال هو علاج لمشكلة ما، إما عجز في التوليد أو عطل أو اختناق في أحمال المولدات والكوابل، وتزيد الأحمال مع بداية فصل الصيف نتيجة للاستخدام المكثف لأجهزة التكييف في المنازل”.

وتابع المهندس موسى السليماني: “يعتبر هذا الاستخدام المفرط في هذه الأجهزة مشكلة كبيرة للشبكة، وبالتالي الإنتاج لا يغطي هذا الإفراط في استهلاك التيار الكهربائي، ولذلك نضطر لاستخدام طرح الأحمال، لأن الاستهلاك أكثر من الإنتاج، وذلك من أجل الحفاظ على الشبكة”.

وتابع السليماني: “لدينا مشاريع توقفت بعد ثورة السابع عشر من فبراير عندما غادرت الشركات المنفذة، منها مشاريع خطوط النقل، ومحطات الإنتاج، ناهيك عن الدمار الكبير الذي تعرضت له الشبكة في فترة الحرب، والعوائق التي خرجت علينا بعد توقف المشاريع كانتشار المباني العشوائية فوق الكوابل، وكل هذه الأسباب عوائق كبيرة، وكذلك طفرة البناء التي ظهرت بشكل كبير وتعتبر هذه زيادة في الأحمال”.

وأردف: “للأسف لم تُبد السلطات التنفيذية المتتالية أي اهتمام بقطاع الكهرباء، ونحن نعرف جيدا أن الكهرباء عنصر أساسي في البلاد، ولن يكون هناك أي تطور وهذا القطاع مهمل، لدينا كوادر مميزة عملت في أحلك الظروف، في الحرب التي شهدتها المدينة كان من الصعب السيطرة على الشبكة، ولكن بفضل مهندسي الشركة الذين وضعوا أنظمة وقاية تمكنوا من السيطرة على الشبكة ووفروا الكهرباء في وقت صعب جدا عن طريق محطة شمال بنغازي”.

وأشار إلى أن الشركة العامة للكهرباء تتعرض للكثير من “الاعتداءات والسرقات” التي تفشت في كل مدن ليبيا، تتمثل في سرقة الإسلاك والكوابل والمحطات، حيث هؤلاء “العابثين” محطات ثمنها مئات الآلاف، وهذه الظاهرة أهلكت القطاع الكهربائي بالكامل.