صراع الشرعية يتجدد داخل مجلس الدولة الليبي: بين دعم أممي واعتراض قضائي

0
253
خالد المشري ومحمد تكالة

وسط مشهد سياسي ليبي يتسم بالهشاشة والتجاذبات المؤسسية، عاد الانقسام ليُخيّم على أروقة المجلس الأعلى للدولة، عقب انتخاب محمد تكالة رئيساً جديداً للمجلس خلفاً لخالد المشري، في جلسة مثيرة للجدل عقدت الأحد الماضي.

وبينما رحبت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا بمخرجات الجلسة واعتبرتها خطوة إيجابية نحو كسر الجمود، وجّه الرئيس السابق خالد المشري انتقادات حادة للبعثة، متهماً إياها بـ”الانحياز والتدخل غير المبرر في نزاع قضائي داخلي”.

وأعرب الرئيس المنتخب محمد تكالة، عن امتنانه لدعم البعثة الأممية، واعتبر بيانها بمثابة دعم دولي لمبدأ التوافق داخل المجلس، مؤكداً أن انتخابه تم في أجواء وصفها بـ”الوحدة والانفتاح”.

وأشار مكتب رئاسة المجلس الجديد إلى التزامه بمسار تشاركي لا يُقصي أحداً، وحرصه على التعاون مع الشركاء الدوليين بما يخدم المسار السياسي الليبي.

من جهتها، وصفت بعثة الأمم المتحدة الجلسة التي شارك فيها 95 عضواً من أصل 145 بأنها جرت في “ظروف طبيعية وشفافة”، مشيرة إلى أن حضور ثلثي الأعضاء يُعد مؤشراً على توافق واسع داخل المجلس، كما اعتبرتها خطوة لكسر الجمود الذي شلّ أعمال المجلس في الأشهر الأخيرة.

في المقابل، عبّر خالد المشري عن رفضه التام لما وصفه بـ”تدخل البعثة في نزاع قضائي منظور”، مؤكداً أن الاعتراف بجلسة وصفها بـ”غير الشرعية” يُعد تجاوزاً لسيادة القضاء الليبي.

وأشار إلى ما اعتبره “موقفاً متناقضاً” من البعثة، مُذكّراً بحضورها السابق لجلسة 28 أغسطس 2023، والتي شددت خلالها على ضرورة انتظار الأحكام القضائية قبل حسم مسألة القيادة.

ورأى المشري في بيان البعثة الأخير انحيازاً غير مقبول، واتهمها بمحاولة التأثير على التوازن الداخلي في المجلس، و”قطع الطريق على الحل الليبي – الليبي”، مطالباً باحترام النظام الداخلي للمؤسسة التشريعية وترك القضاء يؤدي دوره دون تدخلات خارجية.

وتأتي الجلسة التي شهدت انتخاب تكالة في سياق حالة من الجمود والانقسام التي طالت المجلس الأعلى للدولة طيلة الأشهر الماضية، في ظل تصاعد الخلافات حول شرعية القيادة وآليات اتخاذ القرار.

وعلى الرغم من مشاركة غالبية الأعضاء، فإن طعن المشري وبعض حلفائه في قانونية الجلسة يعكس عمق الانقسام، ويفتح الباب أمام مسارات قانونية قد تُعقّد المشهد مجدداً.

ويُنتظر أن يصدر حكم قضائي بشأن طعن المشري على الجلسة، ما قد يُعيد ترتيب أوراق المشهد داخل المجلس، ويحدد ما إذا كانت القيادة الجديدة ستحظى بغطاء قانوني مستقر أم ستُواجَه بمزيد من النزاع المؤسسي.

ويبقى المجلس الأعلى للدولة أمام اختبار حقيقي لمصداقيته كجسم سياسي مؤثر في المسار الانتقالي، في ظل انقسامات داخلية تتجدد مع كل استحقاق، وسط مراقبة حذرة من الأطراف الأممية والدولية.

وبينما يرى البعض في انتخاب تكالة خطوة نحو تجديد القيادة وتحريك المياه الراكدة، يراها آخرون قفزاً على التوافق ومساراً يزيد من تعقيد الأزمة الليبية، التي لا تزال تبحث عن مؤسسات مستقرة تحظى بثقة الداخل وتفاهم الخارج.