غموض وترقب: ليبيا تنفي وجود اتفاق مع واشنطن بشأن ترحيل مهاجرين

0
94

أثارت تقارير صحفية أمريكية ودولية جدلاً واسعاً في ليبيا بعد الكشف عن خطة محتملة لترحيل مجموعة من المهاجرين من الولايات المتحدة إلى الأراضي الليبية، وسط نفي رسمي من مختلف السلطات الليبية المعنية، وتحفّظات واسعة بشأن شرعية أي تفاهمات من هذا النوع.

ونقلت صحيفة نيويورك تايمز عن مصادر مطلعة، قولها إن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تخطط لإرسال عدد من المهاجرين المرحّلين إلى ليبيا على متن طائرة عسكرية، مشيرة إلى أن الرحلة الأولى قد تغادر الولايات المتحدة في وقت مبكر من اليوم الأربعاء، دون أن تكشف عن جنسيات المرحّلين أو خلفياتهم القانونية.

وأضافت المصادر أن التخطيط لهذه العملية تم في أجواء من السرية، وأنها لا تزال تواجه “عراقيل لوجستية وقانونية ودبلوماسية محتملة”، فيما لم يتضح حتى الآن ما إذا كان هناك اتفاق رسمي أُبرم مع السلطات الليبية بهذا الشأن، وفقًا لما أوردته الصحيفة.

وأكدت وكالة رويترز أنه لا توجد معلومات واضحة حول ماهية الإجراءات القانونية المتبعة، أو ما إذا كانت السلطات الليبية قد أُبلغت مسبقاـ أو أبدت موافقة رسمية على هذه الخطوة.

وسارعت السلطات الليبية بمختلف أطيافها إلى نفي صحة هذه الأنباء، وأكدت أن ليبيا ليست طرفًا في أي ترتيبات من هذا النوع، فقد نفت حكومة الوحدة الوطنية، في بيان رسمي نشرته عبر صفحتها على فيسبوك، وجود أي اتفاق أو تنسيق مع الولايات المتحدة لاستقبال مهاجرين مرحّلين، مشددة على أن “أي تفاهمات قد تكون جرت مع جهات موازية لا تمثل الدولة الليبية ولا تُلزمها سياسيًا أو قانونياً”.

بدوره، قال رئيس الحكومة، عبدالحميد الدبيبة، عبر حسابه على منصة إكس، إن ليبيا “ترفض أن تكون وجهة لترحيل المهاجرين تحت أي ذريعة”، مضيفًا أن “كرامة الإنسان والسيادة الوطنية ليستا ورقة للتفاوض”.

من جهة أخرى، أصدرت وزارة الخارجية بالحكومة المكلّفة من مجلس النواب، برئاسة أسامة حماد، بياناً شددت فيه على “رفضها القاطع لأي تفاهمات بشأن توطين مهاجرين من أي جنسية”، مؤكدة التزامها بالقانون الدولي وحقوق الإنسان، ومعتبرة أن الحديث عن اتفاقات مماثلة “لا أساس له من الصحة”.

ونفت القيادة العامة للقوات المسلحة عبر تصريح لمدير إدارة التوجيه المعنوي اللواء خالد المحجوب، وجود أي تنسيق أو نية لاستقبال مهاجرين عبر المطارات أو المنافذ التي تخضع لسيطرتها، ووصفت ما تم تداوله على وسائل التواصل الاجتماعي بأنه “عار عن الصحة تمامًا”.

وسلط تقرير لمجلة جون أفريك الفرنسية، سلّط الضوء على ما وصفته بـ”تناقضات إدارة ترامب”، التي سبق أن انتقدت بشدة الأوضاع الحقوقية في ليبيا، وها هي اليوم تدرس ترحيل مهاجرين إلى بلد يعاني من أزمات أمنية وإنسانية مستمرة، ويُصنّف ضمن المناطق الخطرة بحسب توصيات وزارة الخارجية الأمريكية.

وذكّرت المجلة بأن واشنطن كانت قد بدأت بالفعل في ترحيل مهاجرين إلى دول ثالثة مثل السلفادور، بينما تبحث عن خيارات مماثلة في أفريقيا، وقد تكون ليبيا من بين الدول التي جرى التواصل معها، رغم عدم وضوح نتائج تلك المشاورات.

كما أشار تقرير المجلة إلى أن ليبيا لطالما واجهت انتقادات حادة من منظمات حقوق الإنسان بسبب “المعاملة القاسية” التي يتعرض لها المهاجرون في مراكز الاحتجاز، فضلًا عن “الاعتقالات التعسفية وظروف السجون الصعبة”، وهي انتهاكات وثّقتها تقارير أميركية ودولية.

وحتى اللحظة، لم يصدر أي تعليق رسمي من البيت الأبيض أو وزارة الأمن الداخلي الأمريكية بشأن تفاصيل خطة الترحيل، أو هويات المهاجرين الذين قد يشملهم القرار وتبقى الأسئلة مطروحة حول عددهم، وطبيعة خلفياتهم القانونية، والدول التي يحملون جنسياتها، في ظل غياب الشفافية من الجانب الأمريكي.

ويثير هذا الجدل حالة من القلق في الأوساط الحقوقية الليبية والدولية، وسط تحذيرات من مغبة الزج بليبيا في ترتيبات غير واضحة قانونياً أو إنسانياً، في وقت تواجه فيه البلاد تحديات أمنية واقتصادية معقّدة، وتفتقر إلى بنية مؤسساتية قادرة على إدارة مثل هذه الملفات الحساسة.