عاد ملف الأموال الليبية المجمدة إلى واجهة النقاش الدولي بعد تداول معلومات عن مناقشات داخل مجلس اللوردات البريطاني حول إمكانية تخصيص جزء من هذه الأرصدة لتعويض ضحايا هجمات الجيش الجمهوري الإيرلندي.
وأثار هذا الطرح حفيظة جهات رسمية وشعبية داخل ليبيا، التي رأت في هذه الخطوة تجاوزًا للقرارات الدولية التي تحمي تلك الأموال من التصرف الأحادي.
وجمّدت الدول المعنية، منذ عام 2011، أصول الدولة الليبية استنادًا إلى قراري مجلس الأمن 1970 و1973، في مسعى لحمايتها من الضياع أو الاستغلال في ظل الاضطرابات التي أعقبت سقوط النظام السابق.
وقدّرت الجهات المختصة قيمة هذه الأصول بأكثر من 200 مليار دولار موزعة بين حسابات مصرفية واستثمارات وسندات، بالإضافة إلى كميات كبيرة من الذهب، أغلبها محتجز في دول أوروبية.
وناقش مجلس اللوردات البريطاني في أبريل 2025 مقترحاً أثار جدلاً واسعاً، يتمثل في استخدام جزء من الأرصدة الليبية المجمدة في بريطانيا لتعويض متضررين من هجمات مرتبطة بتنظيمات متهمة بتلقي دعم من النظام الليبي السابق، وهو ما اعتبره الليبيون متسرعًا، نظرًا لغياب حكم قضائي دولي ملزم، وعدم صدور أي اتفاق قانوني يُجيز التصرف بهذه الأموال خارج الإرادة الليبية.
وأصدرت لجنة التحقق من الأموال الليبية المجمدة بالخارج، التابعة لمجلس النواب، بياناً أكدت فيه رفضها التام لأي إجراء منفرد من أي دولة للتصرف في هذه الأرصدة، داعية إلى احترام السيادة الليبية ومراعاة الوضع القانوني الحساس المرتبط بهذه الأموال، مشيرة إلى أن الشعب الليبي يترقب استعادتها لاستخدامها في إعادة البناء وتحسين الخدمات.
وواجهت الدولة الليبية، خلال السنوات الماضية، صعوبات في التحرك الجماعي إزاء هذا الملف، بسبب الانقسام المؤسسي وغياب سلطة موحدة تتمتع بالاعتراف الكامل دولياً، وعجزت الحكومات المتعاقبة عن تمثيل ليبيا بصوت واحد في المحافل الدولية، مما ترك هذا الملف مفتوحاً أمام تفسيرات متعددة ومحاولات توظيفه في سياقات خارجية لا تخدم أولويات الليبيين.
وكشفت وسائل إعلام أوروبية عن اختفاء أكثر من 2.3 مليار دولار من فوائد الأصول الليبية المجمدة في بلجيكا بين عامي 2012 و2017، في ظروف لم تخضع لتدقيق كافٍ أو مساءلة قانونية واضحة، وطالبت جهات ليبية بفتح تحقيق نزيه في هذه القضية، لكن غياب التنسيق الرسمي وعدم وجود آلية موحدة لمتابعة الأمر أبقيا الملف عالقاً.
وتزايدت المخاوف داخل ليبيا من أن يتحول هذا الملف إلى ورقة تفاوض سياسي أو أداة تسوية في قضايا دولية لا علاقة لليبيين بها مباشرة، ويرى مراقبون أن فتح الباب أمام مطالب خارجية مشابهة قد يُشكل سابقة قانونية تؤثر على دول أخرى تمتلك أرصدة مجمدة في الخارج وتعيش أوضاعًا انتقالية معقدة.
ودعت جهات محلية ودولية إلى ضرورة احترام الطابع الوقائي لتجميد الأصول الليبية، وتأكيد أنها ملك للشعب الليبي ويجب أن تُستخدم لصالحه بمجرد استقرار الوضع السياسي والمؤسساتي في البلاد، مشددة على أن المساس بهذه الأرصدة من دون تفويض قانوني يعكس انحرافاً عن الغاية الأساسية التي فُرض من أجلها التجميد.
وطالب عدد من الشخصيات الليبية بضرورة تنسيق الجهود بين المؤسسات الرسمية، وتكثيف التواصل مع الأمم المتحدة والمنظمات الدولية لضمان استمرار الحماية القانونية لهذه الأصول، معتبرين أن الحل يكمن في إعادة بناء الثقة بالمؤسسات الليبية، وتمكينها من أداء دورها في حماية الثروات الوطنية وإدارتها بما يحقق المصلحة العامة.
وينتظر الليبيون أن تُعيد هذه الأموال إلى دائرة التنمية والإعمار، خاصة أن البلاد تواجه تحديات اقتصادية كبيرة، حيث يأمل المواطنون أن يسهم توافق داخلي حقيقي في الدفع نحو تسوية هذا الملف بطريقة تحفظ حقوق الدولة وتُعزز فرص الاستقرار والنمو.
- “تكرار للفشل”.. كم مبادرة غير ناجحة أطلقتها الأمم المتحدة لحل الأزمة الليبية؟
- محافظ مصرف ليبيا ووزير النفط يبحثان دعم القطاع وتفادي تداعيات انخفاض الأسعار
- دبيبة يبحث مع المجلس البلدي مصراتة عدداً من الملفات الخدمية والتنموية بالمدينة
- ليبيا.. تكالة يدعو البعثة الأممية لدعم مبادرته بإجراء انتخابات مبكرة لرئاسة مجلس الدولة
- النواب الليبي يقر زيادة مرتبات الهيئات القضائية ويحيل قانون العنف ضد المرأة للدراسة
- بعد توقف 10 سنوات.. مؤسسة النفط تعلن عودة شركة “وذرفورد” الأمريكية للعمل في ليبيا
- “دبيبة” يوجه بتسريع تنفيذ مشروع “طرابلس بئر ترفاس” لتعزيز إمدادات المياه
- “المنفي” يناقش مع وفد من قبائل زليتن ملف المصالحة الوطنية
- ليبيا ترفض المساس بأموالها المجمدة وتلوّح بالتصعيد: ما مصير 200 مليار دولار؟
- اللجنة الاستشارية تنهي أعمالها وتسلم تقريرها النهائي إلى البعثة الأممية في ليبيا
- التوظيف الإعلامي المضلل لتعطيل جهود توحيد السلطة في ليبيا
- مباحثات ليبية إيطالية لتعزيز لبحث مستجدات مشاريع الطاقة والغاز
- وزارة الشؤون الاجتماعية تُعجّل خطة التحول الرقمي لصندوق التضامن
- شركة “وذرفورد” الأمريكية تعود للعمل في ليبيا بعد توقف أكثر من 10 سنوات
- استقرار الدولار وتراجع اليورو.. تغيّرات طفيفة بأسعار الصرف في ليبيا