هل تلقي الأزمة السورية بظلالها على ليبيا؟

0
938

تثير الأوضاع في سوريا قلقاً واسعاً بين الليبيين، حيث يخشى الكثيرون من انعكاساتها المحتملة على الوضع في بلادهم، التي تعاني أصلاً من تغوّل الميليشيات المسلحة والانقسام السياسي. 

ويأتي هذا القلق في ظل غياب دستور ينظم الحياة السياسية ويضع إطاراً واضحاً لإدارة الأزمات.

وتعود هذه المخاوف إلى تدخل قوى دولية رئيسية في الشأن الليبي، ما يجعل الوضع الداخلي عرضة لتأثيرات وتغيرات خارجية.

كما يُلاحظ وجود تشابه بين الوضعين السوري والليبي، خصوصاً من حيث تعدد الأطراف المسلحة ودعمها من قوى إقليمية ودولية.

ويرى البعض أن التغيرات المحتملة في التحالفات الدولية بسبب تطورات الملف السوري قد تؤدي إلى إعادة تشكيل المشهد الليبي. 

وقد تشمل هذه التغيرات تدفق المقاتلين والأسلحة من الخارج، ما يزيد من تعقيد الوضع الأمني والسياسي. 

ورغم هذه المخاوف، يرى آخرون في تطورات الملف السوري فرصة لإيجاد حل سياسي للأزمة الليبية، من خلال إطلاق عملية سياسية جادة تعالج الانقسامات وتضع حداً للأزمات المتراكمة. 

وعلى الصعيد الداخلي، يثير غياب الموقف الموحد تجاه الأحداث في سوريا تساؤلات بشأن تأثير الانقسام السياسي على المواقف الخارجية لليبيا. 

كذلك، يظل الفراغ الدستوري من أبرز التحديات، حيث يعطل هذا الغياب الآليات اللازمة لنقل السلطة وإدارة شؤون البلاد بشكل مستقر، مما يفتح المجال أمام التدخلات الخارجية ويزيد من الضغوط الدولية.

ومع تصاعد نفوذ الميليشيات المسلحة، خاصة في الغرب الليبي، واستمرار غياب الحلول السياسية، يبدو الوضع الليبي مرشحاً للمزيد من التحديات في ظل تأثره بالتطورات الإقليمية والدولية، مما يضع مستقبل البلاد أمام مفترق طرق معقد. 

ويتفق مراقبون على أن تشابك الملفين الليبي والسوري لا يقتصر على الأبعاد العسكرية والسياسية فقط، بل يمتد ليشمل التداعيات الاجتماعية والاقتصادية التي تؤثر بشكل مباشر على استقرار البلدين. 

وفي ليبيا، أدى تصاعد نفوذ الميليشيات في المنطقة الغربية إلى تفاقم الأوضاع الأمنية وزيادة الانقسام بين الأطراف المتصارعة، مما يعزز أوجه التشابه مع الوضع السوري، حيث تسببت الحرب الأهلية في انهيار مؤسسات الدولة وانتشار الفوضى، حيث تدفع هذه الحالة المحللين إلى التحذير من أن أي تغييرات جذرية في سوريا قد تكون لها انعكاسات مضاعفة على ليبيا، سواء من خلال تدفق المقاتلين أو انتقال النفوذ الإقليمي.

وعلى الجانب الآخر، يرى البعض أن هذه الأزمات المشتركة قد تشكل فرصة لتوحيد الجهود الدولية نحو تسويات سياسية شاملة، خصوصاً مع وجود أطراف دولية، إذ يمكن استغلال التشابه بين الأزمتين لتطبيق تجارب سياسية ناجحة في سوريا على الحالة الليبية أو العكس. 

ورغم ذلك، تظل هذه الآمال مرتبطة بمدى قدرة القوى الليبية على التوافق الداخلي بعيداً عن الإملاءات الخارجية، وهو أمر يشكك فيه الكثيرون بالنظر إلى الانقسامات العميقة التي تعيشها البلاد.

وإلى جانب التأثيرات السياسية والأمنية، يبرز العامل الإنساني كعنصر محوري في هذا السياق. فقد أثرت الصراعات على حياة المواطنين في ليبيا وسوريا بشكل مباشر، من خلال النزوح، وانعدام الأمن الغذائي، وتردي الخدمات الأساسية. 

وتتطلب هذه الأوضاع المتدهورة جهوداً مكثفة لوقف النزيف المستمر في البلدين، مع التركيز على وضع حد لتغوّل الميليشيات المسلحة وضمان عودة المؤسسات إلى القيام بدورها الطبيعي.