وزيرة العدل تفضح المنظومة الأمنية الهشة: بعض السجون الليبية خارجة عن سيطرتنا

0
727

كشفت وزيرة العدل بحكومة الوحدة الوطنية، حليمة عبد الرحمن، حول وجود سجون داخل ليبيا، لا تخضع لسلطة الوزارة، يسيطر عليها من وصفتها بأطراف أخرى، في إشارة إلى ميليشيات مسلحة خارج إطار الدولة، بالكارثة.


وقالت حليمة، في خطاب لها، بمناسبة ذكرى اليوم العالمي لحقوق الإنسان، إن هذه السجون تمنع اللجان الصحية من متابعتها، ناهيك عن تعرض قضاة يتعرضون للابتزاز والتهديد، الأمر الذي يضطرهم للتنحي عن الجلسات، وعدم استجلاب المساجين للمحاكمة ومنعهم، دون سند وبالمخالفة للقانون.


وأول ديسمبر الجاري، كشفت وزيرة العدل في حكومة الوحدة الوطنية عن أن عدد الموقوفين بالسجون الليبية بات يتجاوز 20 ألفاً، ويتمتعون بظروف جيدة، وهو ما استنكره حقوقيون ونشطاء، طالبوا بضرورة تحسين أوضاع السجناء في أماكن الاحتجاز، خصوصاً في ظل تعارض حديث وزيرة العدل مع ما أشارت إليه تقارير محلية ودولية عن وقوع انتهاكات داخل السجون.


وجاءت تصريحات وزيرة العدل خلال اجتماع عُقد بمكتب النائب العام الليبي، الصديق الصور، شارك فيه رئيس حكومة الوحدة الوطنية، عبد الحميد دبيبة؛ لمتابعة الأوضاع القانونية والمعيشة للموقوفين.


الانتهاكات داخل السجون الليبية ليست جديدة، ففي أكتوبر الماضي، كشف تقرير أعدته اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في ليبيا حول أوضاع السجون عن انتهاكات جسيمة، من بينها اعتداءات واكتظاظ أماكن الاحتجاز، والتغاضي عن عرض السجناء والموقوفين على النيابات.


وطالبت اللجنة النائب العام المستشار الصديق الصور، بفتح تحقيق في ملاحظات التقرير، التي رصدها فريق تقصي الحقائق والرصد والتوثيق، وقسم شؤون السجناء باللجنة، والذي لاحظ قصوراً وإهمالاً يتعلق بأوضاع النزلاء بالسجون (مؤسسات الإصلاح والتأهيل) خلال زيارات تفقدية ميدانية على مدار العام الجاري 2023.


وتحدثت اللجنة عن تردي الأوضاع الإنسانية والصحية للموقوفين والسجناء جراء سوء التغذية، والخدمات الصحية على الرغم من المبالغ المالية الضخمة، التي رصدت وصرفت لعقود الإعاشة الخاصة بالسجون بين عامي 2022 و2023، كذلك انتشار الكثير من الأمراض المُعدية في صفوف السجناء، ومن بينها الجَرَب.


وأكدت اللجنة عدم وجود التزام بالأحكام القضائية القاضية بالإفراج عن السجناء والموقوفين، علاوة على حرمانهم لفترات طويلة من الزيارات، والتواصل مع أسرهم وذويهم ومحاميهم، ورفض منح التصاريح للمنظمات والمؤسسات الحقوقية والقانونية، والمدافعين عن حقوق الإنسان لزيارة السجون، وغياب آليات إصلاح ومعالجة أنظمة المؤسسات.

كما عدَّدت اللجنة الوطنية مجموعة من التجاوزات، من بينها تدني مستوى الإعاشة والتموين للسجناء والموقوفين بهدف دفعهم لشراء الأغذية بأسعار مبالغ فيها من محال تجارية أُنشئت داخل المؤسسات، وعدم الالتزام بالضوابط الخاصة بحق الإفراج الصحي المكفول للسجناء، والموقوفين المصابين بأمراض مستعصية.

وطالبت اللجنة قسم تفتيش السجون بمكتب النائب العام، وهيئة الرقابة الإدارية، بالعمل على إلزام وزارة العدل وجهاز الشرطة القضائية بالقيام بمهامهما المنوطة بهما، من خلال تحسين ومعالجة أوضاع السجناء بشكلٍ عاجل، داعيةً النائب العام إلى إخضاع مؤسسات الإصلاح والتأهيل لإشرافه المباشر، بقصد إصلاح ومعالجة أوضاعها بشكل كامل، “بما يسهم في تعزيز الاستجابة للمعايير الوطنية والدولية، المتعلقة بحقوق الإنسان”.

وفي مارس 2022، قال تقرير لمجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، إن ليبيا تمرّ في مرحلة حرجة تشهد انتهاكات خطيرة ومستمرة لحقوق الإنسان، وانتشار ثقافة الإفلات من العقاب، مما يعيق قدرة الشعب الليبي على الانتقال إلى السلام والديمقراطية وسيادة القانون.


ونشرتْ البعثة المستقلة لتقصي الحقائق في ليبيا -آنذاك- تقريراً أكد وجود انتهاكات للقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني في عدة مرافق احتجاز سرية في ليبيا، وأنه جار التحقيق حول عدد من السجون تعمل سرًا، إضافة إلى الانتهاكات في شبكات سجون سرية يُزعم أنها خاضعة لسيطرة ميليشيات مسلحة مختلفة.


وخلُصت البعثة في تقريرها إلى أن أعمال القتل، والتعذيب، والسجن، والاغتصاب، والاختفاء القسري التي ارتكبت في سجون ليبيا قد ترتقي إلى جرائم ضد الإنسانية. وهو ما أكده رئيس بعثة تقصي الحقائق محمد أوجار: “لقد كشفنا أدلة إضافية تشير إلى أنّ انتهاكات حقوق الإنسان ضدّ المحتجزين في ليبيا تُرتكب على نحو منهجيّ واسع النطاق”.