“باتيلي” يطالب أعضاء مجلس الأمن بدعم جهود السلام في ليبيا حتى لا تدهور الأوضاع

0
298

قدم المبعوث الأممي إلى ليبيا، اليوم الجمعة، إحاطته لمجلس الأمن الدولي، حول تطورات الأوضاع في ليبيا، والتي طالب فيها المجلس وأعضائه بدعم جهود البعثة الأممية لجمع القادة الليبيين مجدداً حول طاولة المفاوضات، والحؤول دون وقوع مزيد من التدهور في الأوضاع.

وقال باتيلي، إنه منذ آخر إحاطة لي في 15 نوفمبر، واصل الحوار مع الأطراف الليبية المعنية والشركاء الدوليين للنهوض بالعملية السياسية وإعادة إحياء مسار الانتخابات بموجب قرار مجلس الأمن 2656.

وبهذا الصدد، قام بجولة في المنطقة للقاء الشركاء الإقليميين. حيث سافر في الفترة الممتدة من 19 إلى 30 نوفمبر، إلى تركيا وقطر ودولة الإمارات العربية المتحدة وجمهورية مصر العربية والجمهورية التونسية.

وخلال لقاءاته هذه، لمس الدعم المستمر والمنسق لجهود بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا في مساعدة القادة الليبيين على تجاوز خلافاتهم، وحل أزمة الشرعية التي طالت المؤسسات المؤقتة والتي استمرت لفترة طويلة للغاية.

وجددت تأكيده خلال اللقاءات على أن أولى الخطوات المهمة في الطريق المؤدي للشرعية، والأمن، والاستقرار المستدام تكمن في إعطاء 2.8 مليون من الليبيين الذين تسجلوا للتصويت فرصة الإدلاء بأصواتهم بحرية، واختيار من يقود بلادهم في المستقبل للبدء بعهد جديد لليبيا، ولدول الجوار والمنطقة.

وقال إنه يعتزم في الأسابيع المقبلة مواصلة جولته في المنطقة وزيارة لشركاء دوليين آخرين طلباً لآرائهم إزاء الأزمة القائمة في ليبيا والسبل الأمثل لدعم البعثة في تنفيذ مهمتها.

وذكر أنه حث كلاًّ من مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة على الترفع عن المصالح الشخصية والفئوية والعمل على نحو بناء تجاه إنجاز القاعدة الدستورية للانتخابات خلال أجل زمني محدد، وذلك تماشيا مع التطلعات الملحة لغالبية المواطنين الليبيين.

وعقب دعواته المتكررة لرئيسي مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة للقاء داخل ليبيا حتى يبرهنا لليبيين كافة مدى استعدادهما للشروع بشكل جدي في الحوار بهدف إيجاد مخرج من الأزمة، وافقا على اللقاء برعاية الأمم المتحدة في الزنتان في الرابع ديسمبر الجاري، وكان من المؤمل لهذا اللقاء أن يشكل فرصة للإيذان باستئناف الحوار السياسي على التراب الليبي.

ولكن للأسف تأجل الاجتماع لأسباب لوجستية لم تكن متوقعة بالإضافة إلى العقبات السياسية التي استجدت، مشيراً إلى أنه يعمل مع كل من مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة لتحديد مكان وزمان جديدين داخل ليبيا لإتمام هذا اللقاء.

كما أنه على تواصل مع المجلس الرئاسي بغية تيسير اللقاء بين المؤسسات الثلاث على ضوء مقترح بادر به مؤخراً الرئيس المنفي بهذا الخصوص.

وقال باتيلي: صحيح أن الاجتماعات خارج ليبيا لا تزال مفيدة، إلا أنه من الواضح أن اجتماعات القادة الليبيين داخل البلاد، ستسهم في إعطاء صورة إيجابية للمواطنين عن التئام جروح المجتمع التي خلفها الانقسام، وإشارة إلى وجود إرادة سياسية للتخفيف من خطورة تقسيم البلاد.

وسعياً للحصول على أقصى درجة ممكنة من الدعم للعملية، أبلغ باتيلي، رئيس حكومة الوحدة عبد الحميد دبيبة، بشأن الاجتماع المقبل لرئاستي المجلسين والمجلس الرئاسي.

كما عبر عن استعداده للعمل مع جميع الفاعلين لحين الوصول إلى التزام حقيقي تجاه عملية سياسية سلمية ومستقرة، يعد لها الليبيون ويقودون زمامها لإخراج بلدهم مما يناهز عشر سنوات من التعثرات السياسية والأزمات الاقتصادية والاجتماعية المتزايدة التي عانت منها أغلبية الشعب الليبي.

وطلب المبعوث الأممي مج مجلس الأمن وأعضائه وكل من له القدرة على الجمع بين الأطراف، أن يدعم جهود البعثة لجمع القادة الليبيين مجدداً حول طاولة المفاوضات، والحؤول دون وقوع مزيد من التدهور في الأوضاع مع حلول الذكرى الأولى لتأجيل موعد الانتخابات في 24 ديسمبر.

وأشار إلى أن الأزمة التي طال أمدها في ليبيا تؤثر بشكل كبير على رفاهة الشعب وتمس بأمنه وتهدد وجوده. كما أنها تنطوي على خطورة تفاقم تقسيم البلاد ومؤسساتها.

وتابع: بتنا نشهد بالفعل بوادر الانقسام بوجود حكومتين متوازيتين، وجهازين أمنيين منفصلين، وبنك مركزي منقسم، علاوة على قرار مجلس النواب بإنشاء محكمة دستورية في بنغازي في شرق البلاد في ظل غياب دستور متفق عليه، والاستياء المتزايد في جميع المناطق جراء التوزيع غير المتكافئ لعائدات البلاد الكبيرة من النفط والغاز، لافتاً إلى أن القادة السياسيون من جميع الأطراف يتحملون مسؤولية هذه التطورات المزعجة لمستقبل البلاد.

وعلى النقيض من المسار السياسي، أظهر المسار العسكري/الأمني، بقيادة اللجنة العسكرية المشتركة (5+5)، إرادة أقوى تجاه إحراز تقدم نحو تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار وتوحيد المؤسسات الأمنية للبلاد.

ولا يزال وقف إطلاق النار صامداً، إذ لم تسجل أي خروقات منذ آخر إحاطة لي على الرغم من الأخبار التي تفيد بتحشيد القوات من الطرفين. إلا أن الوضع لا يزال يشهد توتراً في عموم البلاد ويبقى غير قابلٍ للتنبؤ.

وفي 8 ديسمبر، حضر في العاصمة التونسية إلى جانب ممثلي الرئاسة المشتركة الجلسة العامة لمجموعة العمل الأمنية المنبثقة عن لجنة المتابعة الدولية ضمن مسار برلين، بحضور غالبية أعضاء مسار برلين واللجنة العسكرية المشتركة (5+5) والمسؤولين من وزارة الداخلية الليبية المعنيين بتأمين العملية الانتخابية.

وفي متابعة للاجتماع السابق الذي انعقد في مدينة سرت في 27 أكتوبر، تباحث باتيلي، مع مجموعة العمل الأمنية وتوافق بشأن إنشاء لجنة فرعية تنبثق عن اللجنة العسكرية المشتركة تعنى بنزع السلاح والتسريح وإعادة الإدماج وذلك بموجب البند الرابع من اتفاق وقف إطلاق النار.

ولفت إلى أن البعثة ستقدم الدعم والخبرة الفنية ذات الصلة للجنة الفرعية، بناء على طلب من اللجنة العسكرية المشتركة.

في غياب التخويل اللازم من الجهات الليبية لإنشاء آلية مراقبة وقف إطلاق النار التابعة للبعثة في مدينة سرت، لا يزال المراقبون الدوليون لوقف إطلاق النار يعملون من طرابلس.

وأثناء الاجتماع، حث لجنة (5+5) على المساعدة في تجاوز هذه العقبة والسماح بتفعيل آلية وقف إطلاق النار بشكل تام تماشياً مع قرارات مجلس الأمن ذات الصلة. معبراً عن أمله أن يتبلور الالتزام الذي أُعرِبَ عنه في الاجتماع المقبل للجنة (5+5) في 15 يناير في سرت، برعاية البعثة.

وأشار إلى أن انتشار السلاح لا يزال بأيدي أطراف متعددة تحت لواء الدولة أو سواها واستمرار وجود المقاتلين الأجانب والقوات الأجنبية والمرتزقة يشكل تحدياً كبيراً أمام أمن الليبيين وسلامتهم ويقوض الجهود الرامية لتوحيد المؤسسات الأمنية الليبية للبلاد.

وفي العام الجاري وحده، سقط 39 شخصاً ما بين قتيل وجريح جراء إصاباتهم في حوادث تسببت بها المتفجرات من مخلفات الحرب، بينهم 11 طفلاً. وحوالي 76 بالمائة من المتضررين كانوا مدنيين.

وتستمر الرئاسة المشتركة لمجموعة العمل الاقتصادية في التواصل مع المؤسسات الليبية للسير قدماً بالمباحثات بشأن الاتفاق على آلية مؤقتة للإنفاق والرقابة.

وجدد تأكيده على أهمية وضع آلية يقودها ليبيون وضرورتها للجمع بين الأطراف المعنية من جميع أنحاء البلاد للتوافق بشأن أولويات الإنفاق وضمان إدارة عائدات النفط والغاز على نحو يتسم بالشفافية والعدالة ويتماشى مع قرار مجلس الأمن 2656.

وقال باتيلي، إن البعثة لا تزال تلاحظ الحملة الممنهجة من قبل الجهات الأمنية التي تطال الفاعلين في المجتمع المدني والشؤون الإنسانية والمدافعين عن حقوق الإنسان والناشطين السياسيين بمن فيهم النساء والشباب في محاول لإضعاف المدافعين عن حقوق الإنسان والناشطين السياسيين وإسكاتهم.

مشيراً إلى إيمانه بأهمية وجود مجتمع مدني قوي بالنسبة لخطاب آمن ومنفتح وديمقراطي بين الدولة ومواطنيها كونه يمثل الأساس اللازم للانتقال السياسي لليبيا.

وفي 8 ديسمبر، واحتفالاً بيوم حقوق الإنسان، استضاف حواراً رقمياً مع الليبيين، أعرب فيه المشاركون عن قلقهم إزاء الحالة الأمنية السائدة والتدهور الجسيم للخدمات الأساسية بما في ذلك الحصول على الرعاية الصحية والتعليم والسكن والكهرباء وطالبوا أيضاً بتنفيذ الانتخابات، لافتاً إلى أن احاطته تصادف اليوم اختتام حملة الستة عشر يوماً لمناهضة “العنف ضد المرأة”.

في 25 نوفمبر، أصدر بياناً دعا فيه جميع الأطراف المعنية في ليبيا لاتخاذ خطوات ملموسة للتصدي للعنف بحق النساء والفتيات بأشكاله المتعددة سواء عبر شبكة الانترنت أو في الواقع. كما دعا إلى اعتماد تشريعات توفر الحماية لضحايا العنف من النساء والفتيات.

وقال إن العنف ضد النساء ليس بظاهرة معزولة بل إن انتشارها تفاقم بالتشظي الذي طال المؤسسات الليبية وكذلك القصور الذي يشوب الأطر القانونية.

من ناحية إيجابية، أصدرت حكومة الوحدة الوطنية في 19 أكتوبر قراراً يتيح لأبناء الليبيات المتزوجات من غير الليبيين الحصول على الخدمات الأساسية كالتعليم والصحة، وأيضاً يعفي أبناءهن من شروط تأشيرة الدخول. وهذه خطوة في الاتجاه الصحيح تحتاج لتوطيد أكبر عبر اعتماد القوانين ذات الصلة وتعزيز المؤسسات.

وحث الجهات المعنية لمواصلة اتخاذ جميع التدابير اللازمة واعتماد القوانين الكفيلة بحماية حقوق المرأة والطفل وتعزيزها.

وعبر عن قلقه إزاء العراقيل البيروقراطية المستحدثة والقيود المفروضة على تنقلات المنظمات الإنسانية التي تعيق وصول المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة وتقديمها للنازحين داخلياً وكذا لآلاف المعتقلين بدون أحكام قضائية في مراكز الاحتجاز في مختلف أرجاء البلاد.

ودعا جميع السلطات الليبية إلى أن تسهل إجراءات تجديد تسجيل المنظمات الإنسانية الدولية غير الحكومية والإسراع بالموافقة على منح التأشيرات لموظفيها العاملين في ليبيا.

وقال المبعوث الأممي في ختام احاطته: نتج عن العمل في المسار الأمني بعض الإنجازات البارزة، كما يمكن البناء على الزخم المحرز في المسار الاقتصادي. ومع ذلك، فإن المسار السياسي يظهر القليل من بوادر التقدم.

وأضاف أن البعثة الأممية في ليبيا بحاجة إلى دعم من مجلس الأمن الدولي والدول الأعضاء وممارسة الضغط على القادة السياسيين في البلاد بشأن الإسراع في وضع اللمسات الأخيرة على القاعدة الدستورية.

وأشار إلى أن الخلاف المستمر لم يعد بين شخصين اثنين، رئيس مجلس النواب ورئيس المجلس الأعلى للدولة حول عدد محدود للغاية من الأحكام في القاعدة الدستورية، مبرراً كافياً لإبقاء البلاد بأكملها رهينة.

اذا لم يتمكن المجلسان من التوصل إلى اتفاق سريع، يمكن اللجوء – بل ينبغي اللجوء- لاستخدام آليات بديلة للتخفيف من المعاناة التي تسببها الترتيبات السياسية المؤقتة التي عفا عنها الزمن ومفتوحة بلا سقف زمني.

 نحن بحاجة إلى التفكير بشكل خلاق في سبل ضمان تنظيم انتخابات رئاسية وبرلمانية حرة ونزيهة وشفافة ومتزامنة، وإجرائها في ظل إدارة واحدة وموحدة ومحايدة، واستقالة كل من يرغبون في الترشح من وظائفهم الحالية لخلق فرص متكافئة للجميع.

نحن بحاجة إلى محاسبة الأفراد والكيانات الذين يتصرفون أو يدعمون الأعمال التي تمنع أو تقوض إجراء الانتخابات. وينبغي أن تشمل المحاسبة كل الأفعال المرتكبة قبل وأثناء وبعد الانتخابات.

 معاً يجب أن نعقد العزم على مساعدة الليبيين لجعل عام 2023 منطلقاً لعهدٍ جديدٍ من خلال صعود المؤسسات الشرعية عبر انتخابات حرة ونزيهة. وآمل أن أتمكن من الاعتماد على المشاركة الفاعلة لهذا المجلس في تحقيق هذه الغاية.