وضع أمني بائس تعيشه مدن غرب ليبيا، والحال بات معلوما للجميع، فالميليشيات قسمت كل شبر في تلك المناطق، وحكمت كل ميليشيا بأحكامها في الأماكن التي تسيطر عليها، وأصبح قادتها أشخاص مقربين من رؤوس السلطة في العاصمة طرابلس، حتى أن بعضهم تولى مناصب هامة في الدولة.
وإذا أمعنت النظر للوضع الأمني في ليبيا، خاصة في الآونة الأخيرة، وبعد التدخلات الخارجية لدعم الميليشيات، واستقواء من يحكمون بهم من خلال استمالتهم بالأموال والمناصب، يمكنك أن تتوقع في أي لحظة أن قادة الميليشيات يمكنهم بكل سهولة أن يصلون لمناصب شديدة الحساسية والأهمية.
ففي ليبيا، انقلب الحال تماما، وأصبح الملاحقين أمنيا والمطلوبين لارتكابهم جرائم ضد الإنسانية، هم من يصلون لأعلى المناصب في المؤسسة الأمنية بالبلاد، فسابقا تولى بعضهم مناصب عسكرية، واليوم تولى بعضهم مناصب بوزارة الداخلية، تلك الوزارة المسؤولة عن أمن وسلامة المواطن وملاحقة المجرمين.
وبقرار من عبد الحميد دبيبة، رئيس حكومة الوحدة الوطنية التي انتهت ولايتها ولا تزال تمارس مهامها رغما عن الجميع، عَين الميليشياوي والمطلوب أمنيا، عماد الطرابلسي، وكيلا لوزارة الداخلية الليبية، وبالفعل تسلم الطرابلسي مهامه، وسط ترحيب من أنصاره بالقرار.
وعماد الطرابلس، هو أحد قادة الميليشيات الليبية، الذي كان سببا رئيسيا في زعزعة أمن واستقرار البلاد في عقدها الأخير، رفقة عدد من قادة الميليشيات الأخرين، يقتلون وينهبون ويستولون على المناصب دون أن يردعهم أحد، كما أنه أحد من حاصروا مقر المجلس الرئاسي الليبي، لإجبار رئيس المجلس على التراجع عن قراراته.
وقرار عبد الحميد دبيبة بتعيين الطرابلسي في هذا المنصب الأمني رفيع المستوى، ما هو إلا محاولة لاسترضاءه لكسب دعمه، والاستقواء، وهو المنهج الذي اتبعه دبيبة منذ اليوم الأول له، حيث ضمن ولاء الميليشيات، فأعطاهم المال والمناصب، وأعطوه الحماية والأمان والبقاء في المنصب.