النمسا توجه دعوة ”للشخص الخطأ“ في ليبيا لمؤتمر سلامة الصحفيين في فيينا

0
302

نشرت وزارة الخارجية بحكومة الوحدة الوطنية منتهية الولاية عبر حسابها بموقع تويتر استقبال وزيرة الخارجية، نجلاء المنقوش، لسفير جمهورية النمسا، كريستوف مينيورغ، يوم الأربعاء الماضي، حيث قدم مينيورغ، دعوة للمنقوش، لحضور مؤتمر وزاري رفيع المستوى بعنوان ”سلامة الصحفيين حماية وسائل الإعلام لحماية الديمقراطية”.

وبحسب موقع وزارة الاتحادية لجمهورية النمسا للشؤون الدولية والأوروبية سيعقد المؤتمر الوزاري في الثالث والرابع من شهر نوفمبر القادم بالتعاون مع منظمتي اليونسكو وأوتشر التابعتين للأمم المتحدة.

ومن جهته، أعاد السفير مينيورغ تغريدة الخارجية الليبية مكتفيا بقوله إنه ناقش مع المنقوش ”عدة قضايا ثنائية“ دون التطرق إلى الدعوة للمؤتمر الوزاري.

 

وفي اتصال أجرته صحيفة الشاهد مع عدد من الصحفيين والإعلاميين في العاصمة الليبية طرابلس عن رأيهم في الدعوة الموجهة للوزيرة المنقوش، عبر الكثير منهم عن غضبهم وعدم الرضا في تمثيل المنقوش ”لسلامة الصحافة والإعلام“ في ليبيا.

وفضل المتحدثون عدم ذكر أسمائهم وصفاتهم خوفاً من الملاحقة من الجماعات المسلحة التابعة والممولة من حكومة عبد الحميد دبيبة، الذي جاء للحكم عن طريق محادثات سياسية في جنيف برعاية الأمم المتحدة عام 2020 بخارطة طريق سياسية وفترة محددة لإيصال البلاد إلى عقد انتخابات، كما تتمنى رئاسة التحرير لموقع صحيفة الشاهد السلامة لكل الصحفيين في العاصمة طرابلس والمدن الليبية الأخرى.

”الدعوة وجهت للشخص الخطأ“ هذا ما قاله صحفي لوسيلة إعلام دولية بالهاتف لمراسل صحيفة الشاهد، مضيفاً: ”المنقوش وعبر التعليمات التي تأخذها من وليد اللافي المتحكم في المشهد الإعلامي _ وهو وزير الدولة لشؤون السياسية والاتصال _ لا يمكن أن تعبر عن سلامة الصحفيين في ليبيا وبالأخص في طرابلس”.

وتابع: ”نحن نعاني من التعسف ولا نتمتع بأدنى درجات حرية التعبير في العاصمة بسبب القبضة التي تسيطر بها الحكومة على كافة وسائل الإعلام وتمنعهم من ممارسة عمل الصحافة بحرية“، هذا ما قاله الصحفي وهو في حالة غضب بعد سماعه عن الدعوة الموجهة للوزيرة المنقوش.

يقول الصحفي “إن السلطات في ليبيا ليست أهلا لتقديم شكوى تتعلق بحماية الصحفيين من بطش الجماعات المسلحة الممولة من حكومة عبد الحميد دبيبة، والتي يمكن أن تنتقم بسبب تصريح أو أي مقال لا ينال إعجابهم“ واستمر في القول إنهم كثيراً ما يعولون على بعثات المجتمع الدولي للضغط على هذه السلطات.

وتكرر المنظمات الدولية والنشطاء المستقلين والبعيدون عن الانقسام بين الفصائل المتناحرة في ليبيا، دعواتهم إلى المجتمع الدولي للضغط أكثر على السلطات المحلية في ليبيا لتوفير بيئة آمنة للصحافة للعمل بحرية.

ولكن قال الصحفي ”يبدو أن الأمل يتلاشى في أن يكون المجتمع الدولي برَّ الأمان لحماية الصحفيين، فنرى اليوم جمهورية النمسا تقدم دعوة للمنقوش وهي جزءٌ من التعسف الواقع على الإعلام والصحافة عن طريق مكتب يتبعها واسمه الإعلام الخارجي”.

إدارة الإعلام الخارجي هي إدارة تابعة لوزارة الخارجية، وتم تأسيسها قبل سنوات قليلة قبيل اندلاع الانتفاضة الشعبية ضد نظام العقيد الراحل معمر القذافي عام 2011.

 وبحسب اللائحة التنظيمية للإدارة فهي تُعني بالدرجة الأولى بتسجيل وتوثيق الصحافة الدولية وحمايتهم، على عكس ما يحدث الآن فقد أصبحت أداة للتسلط والتحكم في عمل وسائل الإعلام بداية بفرض التغطية لأحداث معينة وصولاً إلى طريقة كتابة الخبر أحيانا، وقد يصل الامر إلى الإيقاف عن العمل وسحب التراخيص.

يترأس الإدارة الآن بدر شنيبة، المراسل السابق لقناة الجزيرة القطرية وقنوات ليبية ذات توجهات إخوانية، وكان يقيم في تركيا.

 شنيبة، عين مؤخراً بدلاً من أحمد الأربد، بعد تقديم عديد الشكاوى ضده من الصحفيين.

ولكن بحسب مصدر من وزارة الخارجية فإن الأربد مازال متواجداً في الإدارة ولا يتعامل بشكل مباشر مع الصحفيين ولكن يأخذ شنيبة، تعليماته من الأربد، دون تحسين مستوى أداء الإدارة.

في بداية شهر أكتوبر الجاري, زار وفدٌ تركي رفيع المستوى طرابلس لتوقيع مذكرة تفاهم. ولكن فضلت إدارة التواصل والإعلام في مجلس الوزراء التابع بشكل مباشر إلى وزير الاتصال والشؤون السياسية اللافي تقديم دعوات لوسائل إعلام محددة موالية للحكومة دون حضور إعلام دولي مستقل.

تحدثت المنقوش مع نظيرها التركي مولود جاويش أوغلو في مؤتمر صحفي مشترك في ديوان الرئاسة وظهرت أمامهم ميكروفونات تحمل شعار قنوات تلفزيونية ليبية تبث من إسطنبول وأخرى من داخل طرابلس تتبع لجماعات إسلامية متطرفة.

يقول موظفٌ في ديوان مجلس الوزراء , شدد على عدم ذكر اسمه خوفا من خسارة منصبه، إن الأوامر صدرت بشكل مباشر من دبيبة، واللافي، بعدم تقديم دعوة لأي جهة إعلامية دولية والاكتفاء بالقنوات الموالية لهم، وعند السؤال عن السبب يتم تشتيت الموقف عبر ”دحرجة الكرة بين إدارة الإعلام الخارجي وإدارة التواصل لتضييع الوقت وانتهاء الحدث.“

وفي حادثة تثبت نوايا الحكومة تجاه الصحافة، في شهر سبتمبر الماضي قام عادل جمعة وزير الدولة لشؤون رئيس الوزراء بالتهجم اللفظي على الصحفية زينب شرادة عند انتهاء مؤتمر صحفي كان يعقده في ديوان الرئاسة قائلا ” أنتِ , لا تحضري لي أي مؤتمر مرة ثانية لأنك تتكلمي كثيرا.“

وسرعان ما ردت عليه شرادة ” كنت أتحدث مع زميلتي عن السؤال وأنا لست في بيتك حتى تطردني.“

انتشر مقطع الفيديو بشكل سريع على منصات التواصل الاجتماعي حيث ذكر العديد أن عادل جمعة ”شخصية معروفة بإهانة الصحفيين وسوء معاملته لهم منذ أن كان وكيلا لوزارة التعليم في الحكومة السابقة.“

يقول ناشط حقوقي في مجال حماية الصحفيين ”عن أي ديمقراطية يتحدث السفير كريستوف حتى يستطيع الإعلام في ليبيا ممارسة عملهم لتغطيتها؟ هل يقصد الانتخابات التي كانت ستعقد في ديسمبر الماضي و أفسدتها حكومة الدبيبة! وها هو اليوم يدعو وزيرتهم للحديث عن سلامة الصحافة والديمقراطية؟“

“أم يتحدث عن القبضة الأمنية وقمع حرية التعبير لأي جهة إعلامية تحاول العمل على أي تقرير , وخير دليل على ذلك المنع الممنهج لتغطية قضايا الهجرة غير النظامية ومنع دخول الصحفيين إلى مراكز الاحتجاز التابعة لوزارة الداخلية حيث يواجه المهاجرين واللاجئين شتى أنواع العذاب والتجويع , بل الجنس مقابل الأكل والماء.”

وأضاف ” ما نسمعه ونراه مثيرا للاشمئزاز، هو أن يكون المجتمع الدولي جزءا من معاناة الصحافة في ليبيا باسم الديمقراطية في ظل الاقتتال المسلح الذي لا يكاد يمر أسبوع حتى يتردد صدى أصوات الرصاص في أحياء العاصمة.“

وفي صباح يوم الخميس، أعادت السفارة النمساوية على حسابها بموقع تويتر تغريدة لصحيفة محلية نشرت خبر عن اندلاع اشتباكات مساء الاربعاء في منطقة غوط الشعال وقالت السفارة أنها ”تشعر بالقلق إزاء اشتباكات بالمدفعية الثقيلة وقعت الليلة الماضية في منطقة مكتظة بالسكان على بعد أقل من إثنين كيلومترا من مقر إقامة السفير“.

 

وما أن تندلع اشتباكات مسلحة في طرابلس أو مناطق ومدن أخرى تحت سيطرة حكومة دبيبة، يصعب على الصحفيين التغطية والخروج للعمل الميداني حتى بالزي والشعار الذي يحمل كلمة ”صحافة“ لحمايتهم.

يقول مصور في إحدى وسائل الإعلام الدولية ”العمل الميداني المستقل أصبح مستحيلا في ظل وجود حكومة عبدالحميد دبيبة وبالأخص إدارة الإعلام الخارجي التابعة للمنقوش. الجماعات المسلحة تقبض على الصحافة والإدارة لا تكلف نفسها حتى السؤال عن السبب.“

وقال ”الكاميرا أصبحت سلاح في نظر السلطات المحلية بالرغم من انتشار المليشيات التي تمتلك السلاح الأكثر خطورة, فنحن التهديد الأكبر لهم لأنهم لا يريدون إظهار الحقيقة والفوضى التي تعيشها بالبلاد بسببهم“.

ويقول كاتب صحفي مستقل ” كيف لنجلاء المنقوش أن تمثل سلامة الصحفيين في مؤتمر وزاري ووزارتها ليس بها حتى مكتب إعلامي أو متحدث للتواصل مع كافة وسائل الإعلام.“

ويقول ضاحكا ”أعتقد أن على موسوعة غينيس أن تزور ليبيا وتسجل وزارة المنقوش أول وزارة خارجية ليس بها مكتب إعلامي.“

”لا نعلم إن كانت جمهورية النمسا وسفيرها في ليبيا السيد كريستوف على علم بهذه المعلومات ومدى صعوبة عمل الصحافة في ليبيا لتقديم دعوة للمنقوش,“ هذا ما قاله الكاتب

مضيفا ” المنقوش سوف لن تقول الحقيقة وستقدم خطاب منمق تظهر فيه وضع الصحافة في ليبيا وكأننا نعيش زمن وردي ,ولن تتحدث عن الصعوبات التي نواجهها بسببها هي وإدارة الإعلام الخارجي بأوامر من الدبيبة واللافي.“

ويقول الكاتب إن العمل الصحفي في ليبيا أصبح ”حقل ألغام, ألغام مزروعة من السلطات المحلية نفسها حتى تعيق عملنا.“

ويقول مراسل ومصور لوسيلة إعلام دولية ”كل مرة نخرج بها للعمل الميداني نكون في حالة توتر لأن هناك احتمالية كبرى للقبض علينا من قبل الجماعات المسلحة ومنعنا من العمل بحجة أوامر أمينة.“

ويقول المراسل ”أصبحنا نعمل بشكل سري أكثر لحماية أنفسنا, لا حرية للصحافة في طرابلس.“

وأضاف مصوره ”إذا تم القبض علينا ومصادرة الكاميرات , علينا إيجاد حل عن طريق العلاقات الشخصية والأصدقاء , إدارة الإعلام الخارجي وجدت في أصل عملها لحمايتنا والدفاع عنا, ولكن نجدها تقدم انتقادات ضدنا أمام الجماعات المسلحة بأننا لا نعمل وفق القانون بالرغم من استيفاء كافة التصاريح للعمل الميداني”.

وأضافوا بشكل ساخر ”الدعوة ستكون مناسبة للمنقوش للتباهي بأناقتها باهظة الثمن وليس للتعبير عن سلامتنا,, المنقوش لا تعرف معنى السلامة عند الحديث عن الصحافة.“

في شهر سبتمبر الماضي, حثت منظمة مراسلون بلا حدود المجتمع الدولي على ”اتخاذ موقف حازم وقوي بشأن ضرورة حماية حرية الصحافة في مواجهة التهديدات والضغوط التي يتعرض لها الصحفيين من قبل الجماعات المسلحة.“

”نحن الضحية رقم واحد للتوتر السياسي والأمني والعسكري التي تشهده ليبيا. عملنا يحتم علينا قول الحقيقة وهو الأمر الذي لا يرغب به قيادات الجماعات المسلحة التي تمول وتدعم من قبل حكومة الدبيبة,“ هذا ما قالته صحفية في إحدى وسائل الإعلام المحلية.

أصدرت عدد من المنظمات والجمعيات المعنية بحرية الصحافة وحقوق الإنسان والدراسات يوم الاثنين بيان تدعو فيه حكومة الدبيبة منتهية الولاية إلى إلغاء قرارها 811-2022 بشأن الإعلام المرئي والمسموع ”بسبب مخاطره الجسيمة على تنوع وتعددية المشهد الإعلامي فضلا عن تهديده لنزاهة أي عملية انتخابية قادمة.“

وبالاطلاع على القرار المذكور، وجدت أن نصوص القرار خطيرة على سلامة الصحفيين حيث تشترط النصوص على ”موافقة السلطات الأمنية أو موافقة جهاز المخابرات الليبي“، ما يسمح للسلطات الأمنية والعسكرية بالتدخل في عمل وسائل الإعلام.

 وتقول صحفية أخرى في وسيلة إعلام محلية تعمل من العاصمة التركية إسطنبول ”المنقوش سوف تحضر من أجل إظهار نفسها لا أكثر ولا أقل, هي لا تعرف شيئا أبدا عن مستوى المعاناة التي يعانيها الصحفي حتى تمثلنا في مؤتمر على مستوى وزاري لسلامة الصحفيين.

وتضيف ”سيكون حضورها مقتصر فقط على تلاوة بيان ذو كلمات لا معنى لها ولا تطبق على أرض الواقع.“

منذ سقوط النظام السابق للعقيد معمر القذافي, أصبحت ليبيا بؤرة نزاع مسلح تهدد كل الشعب الليبي , ويظل التهديد الأكبر لعمل الصحافة في ليبيا لتغطية الأحداث التي تشهدها البلاد بشكل متكرر.