تحولت ليبيا الآن إلى بلد العجائب، ترى فيها ما لم تراه في أي مكان آخر، ففي الكثير من الأحيان، تجد القتلة والمتطرفين في مناصب قيادية في دولة بلا أمن، وتجد القاتل يسير في جنازة المقتول بعد ارتكاب جريمته، فتحولت الأوضاع وانقلبت، وأصبحت المواطن حائراً بين الخطأ والصواب.
وفي لقطة لا تراها إلا في غرب ليبيا، أظهرت الكاميرات رئيس المحكمة العليا في ليبيا، محمد الحافي، يجلس في الصفوف الأولى بجوار محمد المنفي، رئيس المجلس الرئاسي الليبي، خلال حفل افتتاح شركة طيران خاصة ويصافح الحسناوات من المضيفات، دون أن يراعي أهمية وطبيعة منصبه، التي تلزمه بالانضباط والحياد.
لم يراعي “الحافي” هيبة القضاء الليبي وشخصية القاضي المهيبة، والذي يمثل قوة القانون والعدالة، فلم يترك مجالاً للحديث عما يسمونه بالقضاء المستقبل في ليبيا، التي تخلو من الأمن، ويبدو أنها أيضا تفتقد العدالة.
ظهر “الحافي” خلال الحفل وهو يصافح القيادي بجماعة الإخوان المسلمين في ليبيا ورئيس مجلس الدولة الاستشاري، خالد المشري، بالإضافة إلى جلوسه بجوار عبد الحميد دبيبة، رئيس حكومة الوفاق المنتهية ولايتها، والذي رفض أن يترك السلطة، وأدخل البلاد في أزمة سياسية جديدة، وقد تتحول لعسكرية في المستقبل.
ذلك المشهد، يطرح العديد من التساؤلات الهامة، كيف يمكن للمواطن الطبيعي أن يقاضي صاحب تلك الشركة “الخاصة” إذا كان هناك قضية فساد، فهي حتما ستكون قضية خاسرة قبل أن تُرفع، خاصة بعد هذا السلوك غير السوي من شخص صاحب أحد أكبر وأهم المناصب الحساسة في البلاد.