ذكرى رحيل أسد الصحراء الـ90.. عمر المختار رمز الجهاد ضد المحتلين

0
1015
عمر المختار
أسد الصحراء عمر المختار

هناك في صحراء ليبيا، مُعلم دفعه عشقه لتراب وطنه، لحمل السلاح وقتال الأعداء، فذاقوا مُر الهزائم على يديه، رَجل شَهد له العدو قبل الحليف بقوة بأسه وصلابة رجاله، فعلى مدار 20 عاماً لم تَنفل عزيمته، ضرب خلالها نموذجاً في الانضباط العسكري باستخدام البنادق البدائية والحِراب، ووضع خُططاً عسكرية أرهقت دبابات وطائرات إمبراطورية الفاشية “إيطاليا” آن ذاك.

عمر المختار، أسد الصحراء كما لقبه أعداءه، رمز الجهاد والكفاح الليبي، كانت وستظل ذكراه جزءاً من الذاكرة العربية، “رجل البيداء” الذي لم يذق حلاوة الحياة في رفاهية المدن، فضل البقاء بين رمال وطنه، يجاهد ويضع الخُطط ويحارب بشرف، حتى وافته المنية بعد أن فشل الطليان في إغراءه وإغواءه بالمال والعز.

فبعد أن قررت إيطاليا غزو ليبيا واحتلالها، عام 1911 واجهت قواتها قتالاً لا مَثيل له، لم يروه الطليان من قبل، على يد السنوسيين في برقة، حرمتهم تلك المقاومة الشرسة من السيطرة على كامل التراب الليبي لمدة 20 عاماً، حتى قُبض على بطل المقاومة عمر المختار وأعدموه علناً أمام شعبه لكسر عزيمتهم وإخضاعهم.

عمر المختار، بن قرية زاوية جنزور، إحدى قرى الشرق الليبي، ولد عام 1862، واتجه منذ طفولته لتعلم القرآن في زاوية القرية، وبعد أن بلغ مبلغ الشباب، توجه إلى واحة جغبوب، معقل الدعوة السنوسية، حيث درس الفقه والحديث والتفسير واللغة العربية على أيدي كبار مشايخ الدعوة، وعلى رأسهم المهدي السنوسي.

وفي سنة 1897 كلفه المهدي السنوسي بأن يكون شيخا لبلدة تسمى زاوية القصور بمنطقة الجبل الأخضر، وقد حصل في تلك الفترة على لقب “سيدي”، الذي لم يكن يحظى به إلا شيوخ الحركة السنوسية الكبار، وبعدها عاش لسنوات في قرية “قرو” غربي السودان كنائب عن المهدي السنوسي هناك، ثم عُين شيخا لزاوية “عين كلك”.

كفاح “المختار” لم يكن ضد الإيطاليين فقط، فقبلهم كان مُسانداً للمقاومة المصرية ضد الاحتلال البريطاني، فقاتلهم في مناطق البردية والسلوم ومساعد، وخاض معركة السلوم عام 1908، كما شارك في القتال الذي نشب بين السنوسية والفرنسيين في المناطق الجنوبية في السودان، بالإضافة إلى قتال الفرنسيين عندما بدأ استعمارهم لتشاد عام 1900.

خاضت إيطاليا العديد من المعارك على الأراضي الليبية، ضد المقاومة التي كان يتزعمها عمر المختار،  أهمها معركة درنة فى مايو عام 1913 التي دامت يومين، وانتهت بمقتل 70 جنديا إيطاليا وإصابة نحو 400 آخرين، ومعركة بوشمال عند عين ماره فى أكتوبر عام 1913، فضلا عن معارك أم شخنب وشلظيمة والزويتينة في فبراير عام، 1914 والتي كان يتنقل خلالها المختار بين جبهات القتال ويقود المعارك.

قضى الإيطاليون على عمر المختار بإعدامه أمام الناس، ظناً منهم أنهم قتلوا المقاومة وكسروا الشعب بقتل رمز كفاحهم، إلا أنهم أنهوا مسيرة لتبدأ عشرات المسيرات من الكفاح المستمر الذي دام حتى خرج آخر محتل إيطالي من البلاد.