“ضجيج بلا طحين” عبارة تَنطبق حرفياً على حكومة الوحدة الوطنية ورئيسها عبد الحميد الدبيبة، فمنذ اليوم الأول لاختياره لتولي المنصب الأهم في ليبيا في المرحلة الانتقالية، التي تسبق الانتخابات الليبية ومرحلة الاستقرار النسبي بالبلاد، وهو يطلق الوعود، ويصف الجنة التي حلم بها الشعب الليبي طوال عقد كامل، بعد سنوات من المعاناة.
رفع الدبيبة سقف طموح الليبيين، ومن البداية كانت مهمة رئيس حكومة الوحدة الوطنية واضحة، المرور بليبيا من تلك المرحلة المفصلية إلى المرحلة الآمنة، فكان لزاماً عليه العمل على وقف إطلاق النار وتثبيته وتحقيق المصالحة الوطنية، مع إدخال تحسين نسبي في الخدمات المقدمة للمواطن، إلا أنه ومع أول خطاباته أطلق وعوداً واهية وكأنه مرشح في الانتخابات وليس رئيس حكومة مؤقتة لن تستمر أكثر من عام واحد.
بدأ عبد الحميد الدبيبة وعوده، بحل أزمة الكهرباء التي أرقت ليبيا لسنوات نتيجة الصراعات العسكرية وانهيار البنية التحتية لهذا القطاع، فقال إن تلك الأزمة سيتم حلها خلال 6 أشهر فقط، إلا أنه ومع اقتراب نهاية ولاية تلك الحكومة، مازالت تعاني البلاد من الانقطاع المستمر بالكهرباء وتستمر السرقات وأعمال النهب للشبكات، وتفاقمت الأزمة وزادت حدتها.
كما تغنى رئيس حكومة الوحدة المؤقتة في خطاباته، بالمصالحة الوطنية والتأكيد على قيامها على جبر الضرر وعودة المهجرين، إلا أنه حتى اليوم وتسيطر الميليشيات على العاصمة الليبية طرابلس، يتحكمون في كل شئ حتى قرارات الدبيبة نفسه، ووجودهم بهذا الشكل يهدد تحقيق المصالحة في عهد الدبيبة أو غيره، خاصة وأن استقرار الأوضاع يعني سحب السلاح منهم ودمجهم في مؤسسات الدولة العسكرية، وهو ما يرفضوه ويرغبون في بقاء الوضع كما هو عليه الآن، فوضى عارمة.
أما عن فرص العمل، فقد وعد الدبيبة مراراً بتشغيل الشباب من خلال فرص عمل مناسبة لهم كل في تخصصه، إلا أن حكومة الدبيبة عجزت فعلياً عن ذلك، بل أن رواتب العاملين أنفسهم تتأخر باستمرار، وهو ما زاد من معاناة المواطن الليبي، الذي يقاسى يومياً من نقص الخدمات وضعفها وانهيار البنية الأساسية.
الاستقرار الأمني، كان أحد وعود عبد الحميد الدبيبة، فقال إنه سيعمل على وضع خطة للحكم المدني من خلال إنشاء محافظات وتقسيم البلاد إلى مربعات أمنية، ولكن لم يتطرق الدبيبة منذ توليه المنصب إلى هذا الأمر، خاصة وأن طرابلس التي يوجد بها مقره تحميها الميليشيات والمرتزقة ويقفون على أبوابها ويحملون أختامها وأقفالها بمباركة الدبيبة نفسه.
وعد الدبيبة بتحسين الأوضاع الصحية بالبلاد، خاصة في ظل جائحة كورونا التي ضربت العالم كله، إلا أن قلة الاهتمام بالبنية التحتية للمستشفيات التي تهدمت نتيجة الحرب وجعلها ثكنات عسكرية للميليشيات بمختلف المدن الليبية وتحديدا غرب البلاد، تفاقمت الأزمة في ليبيا، كما أدى تدهور الوضع الصحي إلى وقوع ضحايا نتيجة لدغات العقارب والأفاعي وعدم توافر اللقاح المضاد لسمها.