دعم متواصل، في كافة النواحي، عسكري كان أم سياسي، كل ذلك مقابل دعم الاقتصاد التركي المنهار، عبر أموال الليبيين وثرواتهم، فالدولة ضئيلة التعداد السكاني تمتلك أصولا هائلة من الثروات، أنقرة في حاجة إليها.
هكذا تتعامل الدولة التركية مع ليبيا، فعبر حكومة الوفاق شرعنت لسرقة الثروات والأموال، باتفاقيات كثيرة، كان أبرزها الاتفاقية الثنائية في نوفمبر الماضي، والتي بموجبها قدمت أنقرة الدعم لحكومة الوفاق، مقابل دفع رواتب المرتزقة والأسلحة التركية.
واليوم الأحد، وقعت وزارة الصناعة والتكنولوجيا التركية اتفاقية وصفتها “نوايا حسنة” مع مصرف ليبيا المركزي؛ لتعزيز التعاون بين الجانبين في مجالات الاستثمار وريادة الأعمال والتكنولوجيا، بما يسمح بمزيد من التوغل داخل المؤسسة المسيطر عليها من جماعة الإخوان المسلمين.
والاثنين الماضي، أعلن البنك المركزي التركي إبرامه مذكّرة تفاهم مع نظيره الليبي؛ لتأسيس الأرضية اللازمة للتعاون بينهما في القضايا التي تهم البنوك المركزية.
وأوضح المركزي التركي، أنّ تلك المذكرة ستساهم في تأسيس الأرضية اللازمة لتطوير التعاون بينهما في القضايا التي تتعلق بالبنوك المركزية، تستهدف إطلاق الأنشطة التي من شأنها تطوير العلاقات الاقتصادية وتعزيز التعاون المالي بين البلدين.
وفي 13 أغسطس الماضي، وقعت الحكومة التركية، اتفاقاً لتعزيز العلاقات الاقتصادية مع حكومة الوفاق، وتحديداً بين وزارتي التجارة التركية والتخطيط الليبية، حيث تسيطر أنقرة على الأرض والسلاح والاقتصاد، في صفقة وصفت بالمشبوهة.
وتأتي تلك الخطوة لتعويض تركيا عن خسائرها المتلاحقة وعن اقتصادها المتهاوي وبما يوقف نزيف الليرة المنهارة.
وفسر مراقبون تلك الاتفاقيات التي يوقعها الصديق الكبير، هو أن السراج وأردوغان يحاولان وضع قيد وإطار قانوني لتبرير الاستنزاف فيما تبقى من مليارات التعويضات عن المشاريع المتوقفة التي أخذتها أو سوف تأخذها تركيا من حكومة فايز السراج.
وبإيذان إخواني، وقعت حكومة الوفاق مؤخراً اتفاقية تنص على إعداد تقييم شامل للمشاريع فنياً واقتصادياً والجدوى الاقتصادية من استمرارها أو انتهائها وتعويض الشركات التركية مرة أخرى، وهي ذات الشركات التي لها كان لها استثمارات في ليبيا توقف بعد أحداث فبراير 2011.
وتسيطر تركيا على هيئة الجمارك الليبية، وفق قرار صدر بالأمر المباشر من الوفاق بالتعاقد مع شركة “إس سي كي” التركية، التي يديرها محمد كوكاباشا، أحد رجال الأعمال المقربين من أردوغان لإدارة مذكرات تتبع الشحنات البحرية، أي تسليم كافة مهام الهيئة للشركة التركية والإشراف على جميع السلع الواردة إلى ليبيا عن طريق البحر، وهو تفويض غير مسبوق، إذ يعطي لشركة خاصة القدرة على التحكم بواردات البلد.
وتنظر تركيا إلى ليبيا على أنها تحوي “خزائن الأرض”، ففي يوليو الماضي، نشرت وكالة الأناضول الرسمية التركية، تقريراً مفصلاً عن الثروات الليبية، قالت فيه إن ليبيا تزخر بثروات طبيعية، وهذا البلد لهذا السبب كان منذ القدم محل أطماع دولية.
وأشارت الوكالة إلى أن ليبيا تعد رابع أكبر بلد إفريقي من حيث المساحة وبالتالي تمتلك ساحلاً طويلاً مطل على البحر الأبيض المتوسط يبلغ 1770 كلم، ويوفر لها ثروة سمكية هامة لم تستغل بالشكل المطلوب، خاصة على مستوى خليج سرت ذو المساحة الواسعة والذي تحتكر ليبيا السيادة عليه.
وتابعت: “هذا البلد يزخر كذلك باحتياطات منجمية هامة خاصة من الجبس والحديد، اللذين يدخلان في تصنيع عدة مواد متعلقة بالبناء، على غرار الحديد الصلب، والأسمنت والزجاج، والسيراميك”.
وتضع تركيا عينها على مخزونات النفط الصخري، وتضمن التقرير: “مخزونات النفط الصخري الليبي رفعت احتياطات البلاد من 48 مليار برميل إلى 74 مليار برميل مما يجعلها الأولى عربيا من حيث احتياطات النفط الصخري والخامسة عالميا، بعد روسيا والولايات المتحدة والصين والأرجنتين”.
وبعيدا عن تلك الثروات، تضع تركيا يدها على البنك الليبي المركزي، والذي أصدر رئيسه تعليمات من محافظ البنك المركزي لمحافظ المصرف المركزي الليبي الصديق الكبير، بعدم استخدام الأرصدة الليبية المودعة بالبنوك التركية، إلى حين انتهاء تسوية الديون الليبية ومنها تكاليف المساعدات العسكرية المقدمة لقوات الوفاق، وعلاج الجرحى الليبيين في المستشفيات التركية، فضلاً عن نفقات نقل المرتزقة السوريين، إلى جانب تنفيذ الأحكام القضائية القاضية بتعويض الشركات التركية عن أعمال ومشاريع نفذّت في ليبيا، بما يدعم نزيف الاقتصاد التركي، وهو ما رئيس لجنة أزمة السيولة بمصرف ليبيا المركزي البيضاء رمزي الآغا.
ويبلغ حجم الأموال الليبية المجمّدة في المصارف التركية منذ سقوط نظام معمر القذافي حوالي 4 مليارات دولار، ويمتلك المصرف الليبي الخارجي أكثر من 60% من مساهمات المصرف العربي التركي، فضلا عن أرصدة أخرى مودعة في بنك زراعات التركي.