بعد تصنيفها منظمة إرهابية في أمريكا.. ما مصير جماعة الإخوان في ليبيا؟

0
112

بعد أن بدأت الولايات المتحدة في اتخاذ إجراءات لتصنيف جماعة الإخوان المسلمين كمنظمة إرهابية، يقف مستقبل الجماعة في ليبيا على مفترق طرق. التحرك الأمريكي يطرح تساؤلات حاسمة حول قدرتها على الاستمرار في المشهد السياسي والعسكري في ظل تراجع شعبيتها، وفقدان الدعم الدولي الذي كان أحد أعمدة قوتها، والضغوط المتزايدة داخليًا من المواطنين الليبيين الغاضبين من سياساتها وفشلها في تقديم حلول للأزمات الاقتصادية والأمنية.

ووقع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الاثنين الماضي، أمرًا تنفيذيًا يوجه وزير الخارجية ووزير الخزانة للبدء في تصنيف جماعة الإخوان وفروعها في مصر والأردن ولبنان كمنظمات إرهابية، استنادًا إلى قوانين الهجرة والجنسية والصلاحيات الاقتصادية الطارئة الدولية. ويهدف القرار للقضاء على قدرات وعمليات هذه الفروع، وحرمانها من الموارد، ووقف أي تهديد للأمن القومي الأمريكي، مع إمكانية تجميد الأصول وفرض قيود على السفر وتجريم أي دعم مادي للكيانات التابعة للجماعة.

وأكد البيت الأبيض أن هذه الخطوة جاءت بعد اتهامات للإخوان بدعم وتشجيع هجمات عنيفة ضد شركاء الولايات المتحدة وتمويل جماعات إرهابية متطرفة، مشيرًا إلى أن القرار يمكّن السلطات الأمريكية من عرقلة أي دعم مالي أو لوجستي لفروع الجماعة العابرة للحدود. المراجعة الأمريكية ستستمر 30 يومًا لتحديد الفروع المستهدفة، تمهيدًا لتطبيق العقوبات والإجراءات القانونية المترتبة على هذا التصنيف.

في ليبيا، شهدت جماعة الإخوان تحولًا جذريًا منذ سقوط نظام القذافي عام 2011، حيث انتقلت من حركة سياسية ودعوية إلى قوة عسكرية وسياسية موازية. استغلت الجماعة الفراغ الأمني والانقسامات السياسية لتعزيز نفوذها في المشهد السياسي والأمني، وتمكنت من التأثير على مؤسسات الدولة رغم خسارتها في الانتخابات البرلمانية عام 2014.

غير أن الجماعة شهدت تراجعًا كبيرًا في شعبيتها مع تصاعد الأزمات الاقتصادية والأمنية، وغضب المواطنين الليبيين من سياساتها التي ركزت على مصالحها الخاصة. الانقسامات الداخلية بين قياداتها حول استراتيجية العمل، إلى جانب رفض شعبي واسع لاستمرار العسكرة، جعلت الجماعة أقل قدرة على التأثير، وهددت مشروعها السياسي واستقرار نفوذها العسكري.

ويرى محللون أن القرار الأمريكي سيزيد من الضغوط على الإخوان في ليبيا، حيث سيحد من قدرتهم على التمويل والتوسع، ويضعف تحالفاتهم الإقليمية السابقة. بعض المراقبين يشيرون إلى أن الجماعة قد تضطر للعودة إلى العمل السياسي التقليدي ضمن إطار المؤسسات القانونية لتفادي التهميش الكامل، بينما يرى آخرون أن استمرارها في النهج المسلح سيجعلها هدفًا مباشرًا لعقوبات دولية إضافية وتصعيد محتمل في الصراع الليبي.

ويعتقد مراقبون أن السنوات المقبلة ستكون حاسمة في إعادة تشكيل دور جماعة الإخوان في ليبيا، بين إمكانية تقليص نفوذها بشكل كبير، أو استمرارها كقوة محدودة تؤثر في المشهد السياسي فقط، مع بقاء الخيار العسكري محفوفًا بالمخاطر، مما يجعل مصير الجماعة مرتبطًا بتكيفها مع الضغوط الداخلية والدولية واستراتيجيتها في التعامل مع المتغيرات الجديدة.