من رايات الإرهاب إلى راية الوطن.. معسكر الصاعقة شاهد على مسيرة الجيش الليبي في دحر التطرف

0
116

في مشهد يعكس رمزية خاصة ويفتح ذاكرة مدينة بنغازي على فصول من تاريخها القريب، وقف نائب القائد العام للجيش الوطني الليبي الفريق صدام حفتر، اليوم أمام بوابة معسكر القوات الخاصة “الصاعقة والمظلات”، خلال جولة تفقدية شملت المرافق التدريبية والبرامج القتالية الجارية داخل المعسكر. الجولة جاءت في إطار متابعة القيادة العامة لبرامج الإعداد والتأهيل، والحرص على رفع جاهزية الوحدات وقدراتها القتالية، استعدادًا للمهام الموكلة إليها في حماية الوطن.

غير أن اللقطة التي التُقطت للفريق صدام حفتر أمام بوابة المعسكر لم تكن مجرد صورة عابرة، بل استحضرت مشهدًا آخر يعود لعام 2014، عندما وقفت التنظيمات الإرهابية عند نفس البوابة رافعة راياتها السوداء، بعد أن بسطت نفوذها على أجزاء واسعة من المدينة. كان ذلك زمن الفوضى والاغتيالات والتفجيرات الانتحارية التي طالت سياسيين وحقوقيين بارزين، من بينهم عبد السلام المسماري وسلوى بوقعصيص، فضلًا عن عمليات استهداف قوات الجيش والأمن، وجرائم هزت ضمير المجتمع الليبي.

الفارق بين الصورتين يجسد ملحمة وطنية بدأت مع إطلاق عملية الكرامة عام 2014 بقيادة المشير خليفة حفتر، حين قرر الجيش الوطني الليبي مواجهة الإرهاب والتنظيمات المتطرفة، وفي مقدمتها القاعدة وداعش، والتي حولت بنغازي إلى ساحة للعنف والدمار. خاضت القوات الخاصة “الصاعقة” بقيادة القائد الراحل الفريق ونيس بوخمادة، معارك شرسة ضد هذه التنظيمات، وقدمت مئات الشهداء من خيرة أبنائها، لتظل رمزًا للتضحية والفداء.

ومع حلول يونيو 2017، أعلن الجيش الوطني الليبي تحرير مدينة بنغازي بالكامل، بعد معارك استمرت أكثر من ثلاث سنوات متواصلة، قُضي خلالها على أبرز قادة الإرهاب في المدينة، مثل وسام بن حميد، محمد الزهاوي، وجلال مخزوم، لتطوى صفحة دامية من تاريخ ليبيا الحديث.

اليوم، وبينما يستعرض الفريق صدام حفتر جاهزية القوات الخاصة، تبدو بنغازي وقد ارتدت ثوبًا جديدًا، مدينة آمنة مستقرة تستضيف المؤتمرات الدولية والملتقيات العلمية والفعاليات الرياضية، بعد أن كانت مرتعًا للتنظيمات الإرهابية ومسرحًا للتفجيرات والاغتيالات. لقد تحولت من زمن الرايات السوداء إلى زمن العلم الوطني، ومن عهد الظلام والفوضى إلى عهد الأمن والتنمية.

وتبقى بوابة معسكر الصاعقة شاهدًا على التغير الكبير الذي شهدته المدينة: من رمز للمعاناة أيام سيطرة الجماعات المتطرفة، إلى رمز للانتصار والصمود بفضل تضحيات الجيش الوطني الليبي. وبين صورة الأمس وصورة اليوم، تتجسد حقيقة واحدة، أن ليبيا لا يحميها إلا أبناؤها الأوفياء الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه، وأن الجيش الوطني سيظل الحصن المنيع في وجه كل محاولات العبث بأمن واستقرار الوطن.