تتعرض هيئة الرقابة الإدارية في ليبيا، وبشكل خاص في مدن غرب البلاد وطرابلس العاصمة، إلى سلسلة من الاعتداءات والضغوط غير المسبوقة التي تهدف إلى تقويض دورها الرقابي الحيوي في مكافحة الفساد وتعزيز الشفافية في مؤسسات الدولة.
وتعكس هذه الاعتداءات معركة شرسة تدور خلف الكواليس بين قوى متنفذة ترفض كشف الفساد، وتلك التي تسعى لاستعادة سيادة القانون وبناء دولة مؤسسات قوية.
ففي بلد لا تزال تحت وطأة الانقسام الأمني والسياسي، تصبح هيئة الرقابة الإدارية هدفاً رئيسياً للميليشيات التي ترغب في الحفاظ على نفوذها وسيطرتها على مفاصل الدولة.
وأمس الثلاثاء، دانت هيئة الرقابة الإدارية في ليبيا بشدة موجة التهديدات والاعتداءات التي تعرض لها عدد من أعضائها وموظفيها، معتبرة هذا الاستهداف محاولة ممنهجة لعرقلة أدائها المهام الرقابية المنصوص عليها في القانون رقم (20) لسنة 2013 وتعديلاته.
وفي بيان رسمي أصدرته الهيئة، وصفت هذه المحاولات بأنها “تعدٍ صارخ ومباشر على مؤسسة رقابية سيادية مستقلة”، تؤكد بذلك مدى التحدي الكبير الذي تواجهه في بيئة تسيطر عليها الجماعات المسلحة والفوضى المستمرة.
وفي يونيو الماضي، وقعت واقعة اقتحام مسلح لمقر الهيئة في شارع 17 فبراير بالعاصمة طرابلس، حين اقتحم مجهولون مسلحون المقر وأضرموا النار في مكاتب عدة، مستغلين الفوضى الأمنية في تلك الليلة.
وأسفر هذا العمل الإجرامي عن أضرار مادية جسيمة وتوقف مؤقت في أعمال الرقابة الحيوية، مما أبرز هشاشة الوضع الأمني في العاصمة ورداءة آليات حماية مؤسسات الدولة.
ولم تكن هذه التهديدات هي الأولى من نوعها، ففي أغسطس 2021، شهد المقر ذاته هجوماً شرساً من ميليشيات موالية لأحد المسؤولين في الهيئة حاولت ضرب استقلالية المؤسسة بفرض تعيينات سياسية وتغيير قيادتها بالقوة، ما أدى إلى اندلاع اشتباكات مسلحة خلفت جرحى وأجواء من الخوف والهلع لدى الموظفين.
وكشفت هذه الحوادث بوضوح حجم تحكم الميليشيات في مؤسسات الدولة ومحاولاتهم تعطيل هيبتها، إضافة إلى استخدامهم للمناصب كأدوات لتوسيع نفوذهم وتحقيق مكاسب ضيقة رغم الكلفة الوطنية الباهظة.
ولا يمكن التعامل مع تهديد الرقابة الإدارية بعيداً عن الوضع الأمني في مدن غرب ليبيا، حيث تتسم الحالة الأمنية بالمواجهات المستمرة بين ميليشيات متناحرة تحمل أجندات ومصالح متعارضة، ورغم تحذيرات المجلس الرئاسي التي تضمنت التهديد بمحاسبة المتسببين في أعمال العنف، ما زالت الاشتباكات تتكرر وتأخذ طابع الاستنزاف، مما يعرقل أي محاولات لإعادة بناء مؤسسات الدولة، الأمر الذي ولد بيئة خصبة للفساد وضعف مؤسسات الرقابة، ما يؤخر تحقيق الاستقرار المنشود.
بالإضافة إلى العنف المباشر، يرى مراقبون أن الهيئة تواجه تحدياً على مستوى الضغط السياسي المبطن من جهات نافذة تسعى إلى إقصائها وعرقلة عملها، بالنظر إلى أن نجاحها في مكافحة الفساد يعني ضرب مصالح فئات واسعة من المتنفذين.
ويعد الاستهداف المتكرر والمؤمَّر لهيئة الرقابة الإدارية في غرب ليبيا، خاصة في طرابلس، هو أكثر من مجرد تحدٍّ أمني؛ بل حرب على إحدى ركائز النزاهة وحماية المال العام، وعلى فكرة الدولة ذاتها التي يفترض أن تحكم بالعدل والشفافية.
ويعكس غياب الحماية الفعلية لها هشاشة الجهاز الأمني والقانوني، ويضعف أي محاولة جدية لكبح الفساد وإعادة بناء مؤسسات قوية ومستقلة، وبالتالي فإن ليبيا – وفق مراقبون – بحاجة إلى تعبئة كاملة لحماية مؤسساتها السيادية، ومحاسبة كل من يحاول ضرب جهاز الرقابة والفساد ممن يديرون الدولة من الخلف، فنجاح هذه المعركة هو مؤشر حاسم لمستقبل ليبيا.
وبينما تزداد الضغوط على الهيئة يُصبح مصير الدولة ومشروع الإصلاح في مهب الريح، ما يتطلب إرادة سياسية صلبة وحماية أمنية حازمة تدعم استقلالية الرقابة وتضع حدًا نهائيًا لكل الاعتداءات، وهو أمر يغيب عن مدن غرب ليبيا.
- وزارة التعليم الليبية تطلق مبادرة لتوزيع حقائب مدرسية صحية مجانية
- تقرير: ليبيا تخطط لإحياء مشروع ضخم للغاز في حقل “NC-7” لتقليل أزمة الكهرباء
- لماذا يتكرر الاعتداء على هيئة الرقابة الإدارية في ليبيا؟
- طقس ليبيا الأربعاء.. أجواء صيفية معتدلة والحراراة تصل لـ 42 درجة
- ترحيل 90 مهاجراً غير شرعي من ليبيا إلى نيجيريا عبر مطار بنينا
- ليبيا.. هيئة الرقابة الإدارية تستنكر تعرض أعضائها وموظفيها لتهديدات وضغوطات
- اللواء 444 يعلن تعرض معسكره في بني وليد لهجوم انتحاري
- الجامعة العربية تدعو لوقف الحشد العسكري بطرابلس وتغليب لغة الحوار
- ليبيا.. المنفي يبحث مع وفد بريطاني التعاون في مجالات الأمن والدفاع
- وزارة التعليم الليبية تشارك في أسبوع التعلم الرقمي 2025 باليونسكو
- الدبيبة يبحث تعزيز التعاون العسكري بين ليبيا وبريطانيا
- مؤسسة النفط الليبية تنشئ 5 محطات تزويد كهرباء باجخرة
- الأمم المتحدة تعيّن السويدية ريتشاردسون نائباً لممثلها الخاص في ليبيا
- ليبيا الأقل رسوماً في مطارات أفريقيا بواقع 1.3 دولار فقط للراكب
- الحكومة الليبية المكلفة تدعو للحوار وتجنب التصعيد في العاصمة طرابلس