مهمة أوروبية في ليبيا لمكافحة الهجرة غير الشرعية.. تعاون أمني أم تدخل مقنّع؟

0
177

وسط تزايد الضغوط الأوروبية بشأن الهجرة غير الشرعية وتصاعد الهواجس الأمنية في شرق البحر المتوسط، أطلق الاتحاد الأوروبي مهمة موسعة إلى ليبيا، وُصفت بأنها الأوسع منذ سنوات، سواء من حيث مستوى التمثيل السياسي أو نطاق التغطية الجغرافية، إذ شارك فيها المفوض الأوروبي للهجرة إلى جانب وزراء داخلية من إيطاليا واليونان ومالطا.

المهمة الرسمية حملت عنوان “دعم ليبيا في مواجهة الهجرة غير الشرعية”، لكن خلف هذا العنوان، تباينت القراءات بشأن الأهداف الحقيقية للاتحاد الأوروبي.

في العلن، أكد الوفد الأوروبي أن الزيارة تستهدف تعزيز قدرات ليبيا على ضبط حدودها، وتنسيق الجهود الأمنية لملاحقة شبكات التهريب، في وقت حذرت فيه تقارير استخباراتية من أن هذه الشبكات باتت أكثر تعقيدًا وتنظيمًا، وتستفيد من هشاشة المؤسسات وغياب الرقابة، وسط تقديرات أممية تشير إلى وجود أكثر من 800 ألف مهاجر على الأراضي الليبية. بينما قدّرت وزارة الداخلية في حكومة الوحدة الوطنية العدد بأكثر من أربعة ملايين إذا استمرت الأوضاع على ما هي عليه.

في طرابلس، سارع رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة إلى استثمار الزيارة سياسيًا، مؤكدًا أن حكومته أطلقت خطة شاملة من أربع مراحل لمكافحة الهجرة، تشمل الحدود الجنوبية، مرورًا بالصحراء والمراكز الحضرية، وصولًا إلى السواحل، وتستهدف معالجة الظاهرة من منبعها لا من نهايتها. واعتبر الدبيبة أن ليبيا لم تعد فقط بلد عبور، بل شريك يجب أن يُعامل بندّية في معالجة الملفات الأمنية.

الوفد الأوروبي زار أيضًا مدينة بنغازي، إلا أن الحكومة المكلفة من مجلس النواب رفضت استقباله وطالبته بمغادرة البلاد فورًا، معتبرةً أن الزيارة تمت دون تنسيق رسمي، وتشكل خرقًا للسيادة الليبية.

لكن مراقبين شككوا في دوافع المهمة الأوروبية، واعتبروا أنها تسعى لتعزيز النفوذ الجيوسياسي في شرق المتوسط، خاصة مع تعقيدات ملف الغاز والتنافس مع تركيا، وذهب البعض إلى اعتبار أن أوروبا توظف ورقة الهجرة لتبرير التدخل السياسي وربما الأمني في ليبيا.

مع ذلك، يرى مراقبون أن النجاح في مكافحة الهجرة غير الشرعية يظل مرهونًا بتفكيك البنى غير الرسمية التي ترعى وتستفيد من ظاهرة التهريب، وهي جماعات مسلحة وشبكات محلية متغلغلة في النسيج الأمني والسياسي، خصوصًا في غرب ليبيا.

على الجانب الأوروبي، يزداد القلق من تضاعف أعداد المهاجرين، لا سيما بعد تسجيل أكثر من 8 آلاف مهاجر في جزر كريت وغافدوس منذ بداية العام. وقد حذّر المتحدث باسم الحكومة اليونانية من “وضع معقد وخطير للغاية”، مؤكدًا أن ما يحدث في ليبيا له انعكاسات مباشرة على أمن أوروبا.

وبينما تصر الحكومة الليبية على أن البلاد لا يجب أن تُعامل كعبء أمني فقط، يبقى مستقبل هذا التعاون رهنًا بإرادة سياسية حقيقية من الطرفين. فهل يتحول هذا التنسيق إلى شراكة متوازنة؟ أم يظل مجرد ورقة نفوذ في صراع أكبر على شرق المتوسط؟