اختراق في قضية لوكربي بعد 37 عاماً.. هل يحسم الحمض النووي مصير أبو عجيلة المريمي؟

0
150
أبو عجيلة مسعود المريمي - تفجير لوكربي
أبو عجيلة مسعود المريمي - تفجير لوكربي

بعد مرور أكثر من ثلاثة عقود على واحدة من أكثر الهجمات الإرهابية دموية في تاريخ بريطانيا، تعود قضية تفجير طائرة “بان آم” فوق بلدة لوكربي الأسكتلندية إلى واجهة المشهد الدولي، مدفوعة بتطور تقني غير مسبوق تمثل في استخراج عينات من الحمض النووي من الحقيبة التي استخدمت في تنفيذ التفجير.

هذا الاكتشاف – الذي يأتي بعد 37 عاماً من الحادثة – يُعد اختراقاً محورياً في مسار التحقيق، وقد يفتح الباب أمام إعادة فحص الأدلة وربطها بمشتبهين جدد، على رأسهم المواطن الليبي أبو عجيلة محمد مسعود المريمي، المتهم من قبل الولايات المتحدة بأنه صانع القنبلة التي أودت بحياة 270 شخصاً في ديسمبر 1988.

وفي ظل تعقيدات قانونية وسياسية محيطة بالقضية، وانقسامات داخلية في ليبيا حول طريقة تسليم مسعود، تطرح العودة إلى تحليل الحمض النووي تساؤلات ملحة حول مدى نزاهة التحقيقات، وحدود العدالة الدولية، وما إذا كانت الأدلة الجديدة ستغيّر معالم قضية طالتها الشبهات منذ بدايتها.

صحيفة ذا تايمز البريطانية، قالت في تقرير لها الإثنين، إن سلطات الطب الشرعي في اسكتلندا نجحت، ولأول مرة منذ أكثر من 3 عقود، في استخراج عينات من الحمض النووي من الحقيبة التي وُضعت فيها القنبلة التي فجّرت طائرة “بان آم” الرحلة 103 فوق بلدة لوكربي الأسكتلندية في 21 ديسمبر 1988.

وبحسب التقرير، فإن العينات التي تم استخلاصها تخضع حاليًا لتحليل معمّق بهدف مطابقتها مع بيانات الحمض النووي الخاصة بالمواطن الليبي أبو عجيلة المريمي، الذي وجهت له الولايات المتحدة في ديسمبر 2020، اتهامات رسمية، استناداً إلى اعترافات يُقال إنه أدلى بها أثناء احتجازه لدى جهاز الاستخبارات الليبي عام 2012، في ظروف تُثار حولها شكوك قانونية واسعة.

وبعد تسليم مفاجئ في ديسمبر 2022، وُضع مسعود قيد الاحتجاز في الولايات المتحدة، وقد أقرّ أمام القضاء الأمريكي بعدم ذنبه في جميع التهم الموجهة إليه، فيما تُطالب عائلته ومحاموه ببطلان المحاكمة، استنادًا إلى “اختطافه” خارج إطار القانون الليبي والدولي، وسط صمت رسمي من حكومة الوحدة الوطنية في طرابلس.

ويُعيد التطور الأخير في اختبارات الحمض النووي تسليط الضوء على الثغرات التي شابت التحقيق الأصلي، حيث كانت الإدانة الوحيدة حتى الآن من نصيب عبد الباسط المقرحي، الضابط السابق في الاستخبارات الليبية، الذي أُدين عام 2001 وسُجن في اسكتلندا، قبل أن يُفرج عنه لأسباب صحية عام 2009. وتوفي المقرحي في طرابلس عام 2012 بعد صراع مع السرطان، وسط استمرار المطالب بإعادة النظر في المحاكمة.

وفي حين ترى بعض عائلات الضحايا أن التحقيق يسير في الاتجاه الصحيح، ينتقد حقوقيون ليبيون ما يصفونه بـ “تسييس العدالة”، محذرين من أن القضية تُستخدم لتبرير تدخلات أجنبية في ملفات حساسة، في ظل انقسام سياسي عميق داخل ليبيا، وغياب سلطة موحدة قادرة على ضمان محاكمات عادلة وشفافة.

ويُنتظر أن تسهم نتائج تحليل الحمض النووي في حسم مدى صلة مسعود بالحقيبة التي حملت القنبلة، في تطور قد يُغير مجرى المحاكمة الجارية، ويفتح الباب أمام كشف شركاء محتملين في واحدة من أكثر قضايا الإرهاب إثارة للجدل في تاريخ العلاقات الليبية الغربية.