الدولار يشتعل في السوق السوداء الليبية.. والمضاربات تجر الاقتصاد نحو الهاوية

0
172
مصرف ليبيا المركزي
مصرف ليبيا المركزي

تشهد السوق الموازية للعملات الأجنبية في ليبيا تصاعداً مقلقاً في المضاربات، وسط تحذيرات رسمية من تداعيات هذه الممارسات على استقرار الاقتصاد المحلي. 

وفي أحدث بيان لها، نبّهت وزارة الاقتصاد والتجارة المواطنين والمقيمين من الانخراط في عمليات المضاربة على العملات الأجنبية، مشددة على أن شراء الدولار لأغراض غير إنتاجية أو استهلاكية مشروعة يهدد الاستقرار النقدي ويفاقم أزمات السوق.

وأوضحت الوزارة أن سعر الصرف الموازي يعكس عوامل ظرفية، أبرزها تغيير الأوراق النقدية المشمولة بالسحب، مؤكدة أن الجهات النقدية المختصة ستطرح خلال فترة قصيرة منتجاً مالياً جديداً يُتوقع أن يضغط باتجاه خفض أسعار العملات في السوق غير الرسمية بشكل حاد، محذرة من الانجرار وراء إشاعات السوق أو التوصيات غير الرسمية، داعية الجميع لحماية مدخراتهم.

وفي غضون ذلك، واصل سعر صرف الدولار تقلبه في السوق الموازية، مسجلاً 7.87 دينار في ختام تعاملات السبت 28 يونيو، بارتفاع قدره 9 قروش عن الأسبوع السابق، وهو ما يعكس استمرار حالة عدم الاستقرار والطلب المرتفع على الدولار. 

وشهدت السوق الموازية قفزة مفاجئة في السعر يوم الخميس الماضي، حيث بلغ 7.92 دينار، قبل أن يتراجع قليلاً، ما يعكس هشاشة الوضع وتنامي نشاط المضاربين.

ويرى مراقبون اقتصاديون أن هذه القفزات ليست مجرد مؤشرات على اضطراب عرض النقد الأجنبي، بل تعكس عجزاً هيكلياً ناجماً عن ضعف الثقة في استقرار السياسة النقدية. 

ويؤكد محللون أن الفجوة بين السعر الرسمي، الذي يبلغ 5.5 دنانير للدولار، والسعر الموازي، تجاوزت 21%، وهو معدل غير طبيعي يُنذر بآثار تضخمية مباشرة على أسعار السلع والخدمات الأساسية.

وتغذي هذه المضاربات حالة القلق في السوق، خصوصًا في ظل عدم وجود ميزانية موحدة للدولة وغياب التنسيق المالي بين المؤسسات المتوازية. كما يُشير مختصون إلى أن فارق السعر بين السوقين يشجع على ممارسات تجارية غير شفافة، ويحول السوق الموازية إلى بيئة جاذبة للمضاربة بدلاً من التبادل التجاري الحقيقي.

ووفق بيانات مصرف ليبيا المركزي، بلغ العجز بين الإيرادات النفطية المحوّلة إليه والنفقات من النقد الأجنبي حتى نهاية مايو نحو 4.7 مليارات دولار، في حين تبقى الأصول الأجنبية فوق 94 مليار دولار، منها 84 مليار تمثل احتياطات نقدية، ورغم صلابة المركز المالي للدولة بحسب ما تقول وزارة الاقتصاد، إلا أن الإفراط في المضاربة قد يحدّ من فاعلية هذه الاحتياطات في ضبط السوق.

ويؤكد خبراء أن استمرار هذه المضاربات في ظل عدم الاستقرار السياسي والتأخر في اعتماد موازنة موحدة، من شأنه تعميق الاختلالات المالية، خصوصًا مع تزايد الإنفاق العام واتساع قاعدة المرتبات، في وقت يدعو فيه صندوق النقد الدولي إلى إصلاحات عاجلة لترشيد الدعم وتحسين كفاءة الإنفاق وتوجيه الموارد نحو مشروعات تنموية تعزز التنويع الاقتصادي.

ويمثل غياب سياسات صارمة للحد من المضاربات، واستمرار الفجوة بين السعرين الرسمي والموازي، تهديداً مباشراً لاستقرار العملة الوطنية، ويقوّضان الثقة في المنظومة المالية الليبية. 

وتشير التحذيرات الحكومية الأخيرة إلى إدراك متزايد بخطورة هذه الظاهرة، لكن تفعيل أدوات فعّالة للرقابة والتوجيه يبقى هو التحدي الأكبر في المرحلة الراهنة.