البعثة الأممية بين الوساطة والعجز.. لماذا يطالب الليبيون برحيلها؟

0
288
بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا
بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا

تشهد بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا واحدة من أصعب فتراتها منذ إنشائها، وسط تصاعد الغضب الشعبي ضدها واتهامات بالفشل والانحياز، في وقت تزداد فيه الدعوات لإنهاء مهمتها وفتح الطريق أمام مسار داخلي خالص يقوده الليبيون أنفسهم.

وفي تطور لافت، اقتحم متظاهرون غاضبون البوابة الرئيسية لمقر البعثة الأممية في العاصمة طرابلس، يوم الثلاثاء الماضي، مطالبين بالاستماع إلى مطالبهم التي تتلخص في تشكيل حكومة موحدة جديدة، والتمهيد لإجراء الانتخابات، وإنهاء حالة الانقسام السياسي والمؤسسي التي تعصف بالبلاد منذ سنوات.

واستقبلت البعثة وفداً من المتظاهرين حيث أكدوا على أن استمرار التدهور في الأوضاع السياسية والاقتصادية يفرض تحركاً عاجلاً لإحداث تغيير حقيقي، وطالبوا بأن تتعامل البعثة بجدية مع مطالب الشارع، وأن تدعم مساراً سياسياً سريعاً وفعّالاً يحقق الشفافية والمساءلة.

ورغم محاولة البعثة إظهار التفاعل الإيجابي، إلا أن بيانها الصادر يوم الجمعة حمل لهجة تحذيرية من التصريحات “التحريضية” التي صدرت عن شخصيات سياسية تجاه موظفيها ومقراتها، معتبرة أن ذلك يمثل تهديداً للعملية السياسية، ومؤكدة احترامها الكامل للتظاهر السلمي.

لكن هذا البيان لم يرضي عدداً من الأطراف الليبية، على رأسها الحكومة المكلفة برئاسة أسامة حماد، والتي أصدرت بياناً اعتبرت فيه موقف البعثة “تحريفاً متعمداً” لمطالب المتظاهرين، ومحاولة لـ”تضليل الرأي العام الدولي”، متهمة البعثة بالمساهمة في تعقيد المشهد السياسي من خلال مسارات وصفها البيان بـ”الهشة وغير الواقعية”.

وأكدت الحكومة أن تصوير الاحتجاجات الشعبية على أنها تحريض هو تهرّب من المسؤولية، داعية البعثة للالتزام بولايتها، واحترام السيادة الليبية، وإعادة تقييم أدائها بما يعكس المهنية والحياد.

سياسيون بارزون انضموا كذلك إلى نغمة التشكيك في أداء البعثة، حيث اعتبر عضو مجلس النواب الليبي، علي التكبالي، أن المبعوثين الأمميين “جاؤوا لخدمة مصالح الطبقة الحاكمة وليس تلبية تطلعات الشعب”، مضيفاً أن الشعب الليبي لم يرَ أي تغيير حقيقي، وأن البعثة الأممية أصبحت جزءاً من الأزمة لا وسيلة لحلها.

ويرى مراقبون أن أخطر ما يواجه عمل البعثة الأممية حالياً هو فقدانها لثقة قطاعات واسعة من الليبيين، في ظل إدارتها الطويلة للعملية السياسية دون نتائج ملموسة، وغياب أي خارطة طريق قابلة للتطبيق تنهي الفترات الانتقالية الممتدة.

وكانت الممثلة الخاصة للأمين العام، هانا تيته، أشارت في إحاطتها الأخيرة أمام مجلس الأمن الدولي، إلى نية البعثة تقديم خارطة طريق سياسية شاملة لإجراء الانتخابات وتوحيد المؤسسات، لكنها لم تفصح عن تفاصيل واضحة بشأن إمكانية قبول جميع الأطراف بها، وسط مخاوف من أن تلقى نفس مصير المبادرات السابقة.

وفي ظل هذا المشهد المتأزم، تتزايد الأصوات الليبية الداعية إلى ضرورة إعادة النظر في دور بعثة الأمم المتحدة، وتقييم مدى جدواها بعد أكثر من عقد من محاولات الوساطة التي يرى كثيرون أنها لم تثمر سوى مزيد من التشتت والانقسام.