وضع أمني هش في العاصمة الليبية وإعمار واستقرار في الشرق الليبي .. فمن المسؤول؟

0
167

شهدت العاصمة الليبية طرابلس في الأيام الأخيرة تطورات أمنية غير مسبوقة، تصاعدت حدتها بعد مقتل عبد الغني الككلي الشهير بـ”غنيوة”، قائد جهاز دعم الاستقرار، وما تلاه من اشتباكات بين الميليشيات الموالية لحكومة الوحدة وعناصر جهاز دعم الاستقرار وعناصر جهاز الردع.

الأحداث الأخيرة كشفت عن تصاعد الصراع بين الميليشيات المسلحة في طرابلس، وسط اتهامات موجهة لرئيس حكومة الوحدة عبد الحميد دبيبة بتحريك هذه المجموعات ضد بعضها البعض، لضمان بقائه في السلطة وتعزيز نفوذه داخل العاصمة.

وترجع جذور هذا الصراع إلى اعتماد الحكومات المتعاقبة في طرابلس على الميليشيات المسلحة لفرض السيطرة، ما أدى إلى تضخم نفوذ هذه الجماعات وتورطها في الصراعات السياسية.

دبيبة أكد عند توليه السلطة في مارس 2021 على ضرورة حل الميليشيات بشكل شامل، ودمج عناصرها في القوات الأمنية أو الشرطية أو هياكل الدولة المدنية، لكن مواقفه تبدلت من النقيض إلى النقيض واستعان بالميليشيات للبقاء في السلطة بالقوة بعد إعلان مجلس النواب انتهاء ولاية حكومته عقب فشلها في إجراء انتخابات ديسمبر 2021.

وقدم دبيبة، دعم مالي ضخم للميليشيات للحصول على ولاءها، لكنها استخدمت هذه الأموال لتعزيز قدراتها العسكرية، كما قام دبيبة بتعيين بعض من قادتها في مناصب عليا بالدولة، مما قوى شوكتها وأصبحت تسيطر على مقاليد الأمور في غرب البلاد.

ويرى مراقبون أن الأحداث الأخيرة تأتي في إطار استراتيجية دبيبة المعتمدة على تفكيك بعض التحالفات بين الميليشيات وتعزيز أخرى، بهدف إحكام السيطرة على طرابلس وإعادة توزيع مراكز القوى وإضعاف خصومه السياسيين.

وبينما تعيش العاصمة طرابلس وبقية مدن الغرب الليبي حالة من الفوضى الأمنية والاقتتال بين الميليشيات، تظهر مدن الشرق الليبي، خاصة بنغازي، بصورة مغايرة تماماً، فالشرق الليبي شهد عمليات أمنية واسعة نفذها الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر، أدت إلى القضاء على الميليشيات والجماعات المتطرفة واستقرار الأوضاع الأمنية، وبدء عمليات إعادة الإعمار والبناء في مختلف القطاعات.

منذ تحرير بنغازي من الجماعات الإرهابية، شهدت المدينة تطوراً ملحوظاً في البنية التحتية وعودة الحياة الاقتصادية، مقارنة بما تعانيه مدن الغرب من عدم استقرار وصراعات مسلحة، تعيق جهود الإعمار وتزيد من معاناة المواطنين.

ويرى مراقبون أن الأحداث الأخيرة في طرابلس تعكس بوضوح عدم إمكانية تحقيق الاستقرار في ظل استمرار نفوذ الميليشيات المسلحة، مؤكدين أن استقرار العاصمة والمدن الغربية مرتبط بضرورة تفكيك هذه الجماعات المسلحة، على غرار ما حدث في بنغازي والشرق الليبي، حيث استطاع الجيش الوطني الليبي فرض الأمن والاستقرار وفتح الباب أمام إعادة الإعمار.

في ظل هذه التطورات، يصبح السؤال الأهم: هل يستطيع الغرب الليبي أن يتخلص من الميليشيات كما حدث في الشرق، لتبدأ مرحلة جديدة من الاستقرار والبناء، أم أن دوامة العنف ستظل تعرقل طريق الإصلاح؟