ما إن بدأت وسائل الإعلام الدولية في كشف تفاصيل تفاوض رئيس حكومة الوحدة عبد الحميد دبيبة مع جهات أوروبية بشأن استقبال مهاجرين غير نظاميين مقابل دعم سياسي وتمويلي، حتى سارع رئيس الحكومة إلى النفي، منشوراً على صفحته الرسمية بلغة لا تليق بمقام المسؤولية، ساخراً من الصحف الأجنبية وواصفاً إياها بـ”الثحافة الثفراء”، في محاولة لصرف الأنظار عن مضمون التسريبات عبر تسفيه مصدرها.
لكن تلك المحاولة سرعان ما ارتدت عليه، إذ جاءت التقارير نفسها لتؤكد بالدليل أن حكومة الوحدة الوطنية دخلت بالفعل في تفاوض مع بعض الدول الأوروبية حول إعادة توطين مهاجرين أفارقة مقابل دعم استمرار الحكومة وتمكينها من استثمار جزء من الأموال الليبية المجمدة، بما يصل إلى 30 مليار يورو، في مشاريع تنموية تحت إشراف أوروبي.
المفارقة أن الإنكار لم يأت من موقع قوة أو دليل مضاد، بل بأسلوب خفيف يعكس استهتاراً بحجم الملف وخطورته، خصوصاً وأن القضية تتعلق بسيادة ليبيا وحدودها ومصير فئات مستضعفة، فضلاً عن ربطها بشكل مباشر بمستقبل الحكومة نفسها، كأن الهشاشة السياسية أصبحت ورقة تفاوضية لتثبيت السلطة.
هذا السلوك لم يكن جديداً على الدبيبة، الذي اعتاد استخدام الإنكار كتكتيك أول، يتبعه التبرؤ من المسؤولية، ثم صمت أو تبرير متأخر بعد انكشاف الأوراق، ففي ملف تسليم المواطن الليبي أبو عجيلة المريمي إلى الولايات المتحدة، وهو أحد أبرز المتهمين في قضية لوكربي، لم يتردد في تسليمه دون المرور عبر أي مسار قضائي واضح أو تفويض شعبي.
وعندما تصاعد الغضب الشعبي، حاول الدفاع عن القرار بنفي صفة الليبية عن المريمي، مدعياً أنه “تونسي الأصل”، في ذروة إنكار لم تتماسك أمام الشهادات الرسمية والقرائن الاجتماعية التي أثبتت انتماءه الواضح إلى ليبيا، لتنكشف مرة أخرى محاولة الهروب من المسؤولية عبر تلفيق الأصل.
وفي سياق مشابه، حين تفجّرت قضية لقاء وزيرة الخارجية السابقة نجلاء المنقوش بنظيرها الإسرائيلي في روما، سارع الدبيبة إلى نفي معرفته بالاجتماع، وأقال المنقوش فوراً، ملقياً كامل المسؤولية على عاتقها، رغم أن مصادر متعددة أكدت أن اللقاء جرى في سياق تنسيق مسبق مع دائرته المقربة، ضمن ترتيبات غير معلنة لفتح قنوات اتصال مع إسرائيل.
الدبيبة إذًا لم يُنكر الحدث فقط، بل وظّف الإقالة لتفادي ارتدادات الغضب الشعبي، ضارباً عرض الحائط بأي شكل من أشكال الشفافية أو المحاسبة المؤسسية.
أما في ملف الانتخابات، فقد وقّع بخط يده تعهداً صريحاً بعدم الترشح للرئاسة، التزاماً بخريطة الطريق التي أتت به. لكن ذلك التعهد تحوّل لاحقاً إلى حبر على ورق، بعدما أعلن ترشحه، متحدياً النصوص التي ألزم نفسه بها، ومكرساً سلوكاً سياسياً يرى في التعهدات أدوات مرحلية لا أكثر، قابلة للطيّ بمجرد تغير الظروف أو الحسابات.
الجامع بين هذه الملفات هو استخدام الإنكار كوسيلة حكم، والتعامل مع الأزمات كمعارك علاقات عامة لا استحقاقات وطنية، مع ميل دائم للتضحية بالآخرين في كل منعطف.. عبد الحميد الدبيبة لم يعد فقط شخصية سياسية مؤقتة، بل بات نموذجاً يعكس حالة من التحايل المؤسسي، يتخفى تحت خطاب “المدنية” بينما يبني سلطته على قواعد من النفي والمراوغة، وتقديم المصالح الذاتية على المصلحة العامة.
- طقس صيفي مستقر مع نشاط رياح محلية وفرص أمطار خفيفة شرق ليبيا
- إنقاذ 50 مهاجراً من الموت قرب حدود ليبيا والنيجر
- النيابة الليبية تحبس مسؤول نقابة الخبازين بزليتن بتهمة تهريب الوقود
- ليبيا.. حكومة الوحدة تتخذ حزمة إجراءات عاجلة خلال 72 ساعة لمعالجة أزمة الوقود
- لجنة الطاقة بمجلس النواب ترفض قرار “المنفي” بشأن متابعة عقود النفط والكهرباء
- الدبيبة: الحكومة ماضية في دعم الجيش النظامي وإنهاء الميليشيات
- تدشين مشروع مبنى مصرف ليبيا المركزي الجديد في طرابلس
- تكليف صدام حفتر نائباً للقائد العام للجيش الوطني الليبي
- المبعوثة الأممية: أكدت لـ”الدبيبة” ضرورة إنهاء المراحل الانتقالية في ليبيا وإجراء الانتخابات
- مباحثات ليبية بريطانية لتعزيز التعاون ورفع الحظر عن الطيران
- مؤسسة النفط وجامعة بنغازي تبحثان تعزيز التعاون في مجالات التدريب والتحول الرقمي
- “تكالة” يؤكد للمبعوثة الأممية ضرورة دفع الليبيين نحو تحقيق الازدهار
- وزارة النقل المصرية: بدء تنفيذ المرحلة الأولى من الربط البري مع ليبيا وتشاد خلال شهر
- رئيس المجلس الرئاسي الليبي يشكل لجنة لتدقيق عقود النفط والكهرباء
- وحدة أبحاث أمريكية: صادرات ليبيا من النفط تسجل أعلى مستوى في 5 أشهر