أزمة الميليشيات تعرقل الاستقرار في غرب ليبيا: الحل ليس في دمجها

0
106
ميليشيات - غرب ليبيا

يتفاقم الوضع الأمني في غرب ليبيا مع استمرار ظاهرة إدماج عناصر الميليشيات المسلحة داخل المؤسسات الأمنية والعسكرية، مما يهدد استقرار المنطقة ويقوض أي مساعٍ لإعادة بناء الدولة.

وشهدت مدينة الزاوية منذ الساعات الأولى من صباح اليوم الأحد اشتباكات مسلحة جديدة بين مجموعات متناحرة، مما أعاد تسليط الضوء على هشاشة المشهد الأمني، حيث اندلعت المواجهات باستخدام الأسلحة الخفيفة والثقيلة والقذائف العشوائية، وذلك بعد أيام قليلة من معارك دامية بين مجموعتين مسلحتين في منطقة الركينة، أدت إلى سقوط قتلى وجرحى، بينهم مدنيون. 

ولا يختلف الوضع في الزاوية عن باقي مدن الغرب الليبي، التي تعاني وطأة صراع دائم بين المجموعات المسلحة، التي تتقاسم السيطرة الأمنية والسياسية والاقتصادية، في ظل غياب مؤسسات الدولة، وتتحكم هذه الجماعات بمسارات تهريب الوقود والمهاجرين والأسلحة.

وتفجّر الجدل مجددًا بشأن إدماج الميليشيات في المؤسسات الرسمية، عقب حادثة دهس متورط فيها عنصر من جهاز أمني في العاصمة طرابلس، وأسرعت وزارة الداخلية بحكومة الوحدة إلى توقيف المتهم وفتح التحقيق معه، بينما تصاعدت المخاوف من سلوكيات العناصر المندمجة في أجهزة يفترض بها أن تحمي المواطنين لا أن تعرضهم للخطر.

والأسبوع الماضي، كشف النائب العام عن حقائق صادمة، مشيراً إلى أن العديد من العناصر المنضوية تحت الأجهزة الأمنية يحملون سوابق وأحكامًا قضائية، وهو ما أثار مزيداً من القلق حول اختراق هذه المؤسسات وفقدانها لهيبتها ووظيفتها الأصلية، وظهر هذا الخلل بوضوح في حوادث سابقة شملت تجاوزات خطيرة، من بينها الاستغلال الجنسي واستغلال السلطة في مراكز أمنية حساسة.

ويحذر مراقبون من أن دمج عناصر نشأت على ثقافة السلاح والعنف دون إخضاعها لبرامج تأهيل صارمة سيؤدي إلى طغيان السلوك الفوضوي داخل المؤسسات الأمنية، مؤكدين أن تدريب هذه العناصر وتأهيلها قد يستغرق سنوات لضمان تخلّيها عن السلوك الميليشياوي، وهو ما لا يبدو أن الخطط الحالية تراعيه أو توفر له الإمكانيات اللازمة.

ويتسبب غياب منظومة العقاب في تكرار الحوادث والانتهاكات، خاصة مع استمرار بعض قادة التشكيلات المسلحة في توفير الحماية لعناصرهم بعد انتقالهم إلى مواقع رسمية داخل الأجهزة الأمنية، ويساهم هذا الواقع في ترسيخ ثقافة الإفلات من العقاب وتدمير أي أمل في بناء أجهزة أمنية مهنية ومحايدة.

وتعاني الأجهزة القضائية والأمنية في غرب ليبيا نفسها من التهديد والاختراق، حيث أظهرت الشهادات الأخيرة أن فرق جمع الأدلة والتحقيق باتت تخشى مواجهة بعض العناصر المدعومة من مجموعات مسلحة نافذة، مما يجعل فرض القانون مهمة شبه مستحيلة في بيئة تخضع فيها العدالة لسلطة السلاح.

ولا يمكن الحديث عن أي إصلاح حقيقي في البنية الأمنية في غرب ليبيا دون تفكيك البنية الميليشياوية التي اخترقت مؤسسات الدولة، ومحاسبة مرتكبي الانتهاكات، ووضع أسس صارمة لإعادة بناء أجهزة قادرة على فرض النظام واحترام القانون.