قطع الغابات في ليبيا.. أزمة بيئية تتفاقم وسط غياب للرقابة

0
174

تعاني الغابات في ليبيا من استنزاف متسارع نتيجة غياب السياسات البيئية الفعالة وضعف آليات الرقابة، مما يجعلها عرضة لعمليات قطع الأشجار الجائر والتعديات المستمرة. 

ورغم محدودية المساحات الغابية، إلا أنها تمثل رئة بيئية حيوية تسهم في الحفاظ على التوازن الطبيعي والحد من التصحر، وهو ما يجعل استهدافها تهديداً مباشراً للأمن البيئي والمناخي.  

ويعود تفاقم هذه الظاهرة إلى عدة عوامل متداخلة، أبرزها الفوضى الأمنية التي سمحت بانتشار الاعتداءات دون رادع حقيقي، وغياب القوانين البيئية الصارمة القادرة على حماية هذه الموارد الطبيعية. 

كما تعاني الجهات المختصة من ضعف الإمكانيات وعدم القدرة على فرض عقوبات رادعة، مما يجعل التعديات تتم بحرية شبه مطلقة. 

وتسهم تجارة الفحم المحلي في تفاقم المشكلة، حيث يؤدي الطلب المتزايد على الخشب إلى عمليات قطع واسعة للأشجار، خصوصاً في المناطق الشرقية والغربية من البلاد. 

ويزيد من حدة المشكلة غياب المبادرات الجادة لإعادة التشجير أو استحداث سياسات بديلة للتخفيف من آثار التدهور البيئي، مما يهدد بفقدان الموارد الطبيعية القليلة المتبقية.  

إلى جانب العوامل الداخلية، تلعب التغيرات المناخية دورًا في تعقيد الأزمة، إذ تعاني ليبيا بالفعل من تراجع معدلات الأمطار وزيادة موجات الجفاف، مما يجعل فقدان الغطاء النباتي عاملاً مضاعفاً للخطر البيئي. 

ويؤدي تراجع قدرة التربة على الاحتفاظ بالمياه إلى تفاقم أزمة الجفاف، وزيادة صعوبة الزراعة وتربية الماشية، ما يهدد الأمن الغذائي لمجتمعات محلية تعتمد على هذه الموارد الطبيعية.  

على الصعيد الاجتماعي والاقتصادي، أدى فقدان الغابات إلى زيادة النزاعات على الأراضي، حيث يستغل بعض الأفراد والجماعات الفوضى الأمنية للسيطرة على المناطق الخضراء وتحويلها إلى أراضٍ خاصة أو استغلالها في تجارة الفحم، ومع غياب القوانين الرادعة، أصبحت هذه الممارسات أمراً طبيعياً، مما يفاقم الأزمة البيئية والاجتماعية على حد سواء.  

ويتطلب مواجهة هذه التحديات إعادة النظر في التشريعات البيئية وتعزيز آليات تطبيقها، إلى جانب إطلاق برامج وطنية تهدف إلى إعادة تأهيل المناطق المتضررة وتشجيع حملات التوعية بأهمية الغابات كحاجز طبيعي ضد التصحر والكوارث المناخية، كما أن استمرار تدمير الغابات سيعمّق الأزمة البيئية التي تعاني منها ليبيا، ويزيد من هشاشة النظام البيئي في مواجهة المتغيرات المناخية المتسارعة.